طفا على السطح، هذه الأيام، الحديث وطنيا عن ظاهرة الموظفين الأشباح، بيد أن الظاهرة ليست جديدة، بل هي قديمة كان يتم تداولها، خلال فترات متباعدة وبشكل محتشم، سواء في بعض دورات المجالس المنتخبة أوأثناء المناقشات، تحت قبة البرلمان، على مدى عقود، دون أن يتم حل هذا المشكل الذي كان ينتهي بوضعه في خانة “الطابو” بسبب نوع من العلاقات المتشعبة التي كانت تربط بين المسؤولين الكباروالموظفين السامين وحتى الموظفين العاديين، عملا بعبارة “باك صاحبي..” أو”ادهن السير يسير..” ولاشك أن هذا السكوت عن هذه الظاهرة التي تظهرحينا وتختفي حينا آخركان لابد أن يضخم الأمورويزيد من تفاقم المشكل، بعد مرورسنين من اللامبالاة أوالتساهل من قبل الإدارات المغربية المسؤولة على مستوى مختلف القطاعات، لاسيما أن المغرب يفترض فيه أنه يسعى إلى الإصلاح الإداري وإعادة هيكلة المؤسسات العامة، خاصة البلديات التي تشهد هذا المشكل بامتياز في الوقت التي مازالت البلاد تحت رحمة تفشي ظاهرة “الموظفين الأشباح” الذين يتسلمون رواتب شهرية من دون كد أوعمل ..
ومن نتائج ومخلفات “تشبيح الموظفين”، حسب مسؤولين بالمؤسسات العمومية، إهدار الميزانية العامة للدولة، حيث تصل بسببها الخسائر إلى أكثر من 10 مليارات درهم (نحو مليار دولار) سنويا.
وفي ظل عدم وجود معطيات رسمية دقيقة حول هذه الظاهرة، يشارإلى أن صحفا مغربية تتحدث عن وجود حوالي 100 ألف موظف شبح ينتمي إلى القطاع العام.ويكفي أن عمدة المجلس الجماعي في الرباط أشارت، مؤخرا، إلى أن مجلس المدينة فقط به أكثر من ألفي موظف شبح، يتقاضون رواتبهم الشهرية، منذ سنين من دون أن يبذلوا أي جهد يستحقون عليه تمكينهم من المال العام، بعيدا عن أي مراقبة أوصرامة في التعاطي مع هذا الإشكال.والحق يقال أن عمدة الرباط يحسب لها تحليها بشجاعة لافتة، كونها أشارت، مؤخرا، في تصريحات تلفزيونية إلى أن “من بين 3400 موظف، هناك فقط ألف موظف يقومون بمهامهم”، موضحة “أنه يجب وقف تراكم الموظفين الأشباح ولن نخاف محاربة هذا الأمر”، خاصة أن المجلس الجماعي للعاصمة يعاني عجزا ماليا يقدر بحوالي 198 مليون درهم، بسبب تراكم الأحكام القضائية.
وفي هذا الصدد، يعرف خبراء المالية العامة الموظف الشبح، بكونه يستفيد من وضعية إدارية طبيعية ويتقاضى عنها أجرا ومستحقات من دون أداء أي مهمة مقابل ذلك، جراء غيابه المتكررأوالنهائي.
وخلاصة القول، لابد من طرح سؤال مزمن يبقى بدون جواب شاف وهو إلى متى سيحين الوقت، فعلا، لمحاربة ظاهرة الموظفين الأشباح واستئصالها من جذورها، فضلا عن مساءلة ومحاسبة كل من يتورط فيها، سواء بالتسترأوبالمشاركة..
محمد إمغران