العيد لغة من “العَود”، أي الشيء الأكثر أهمية الذي تتمناه أن يحصل في حياتك بالمعاودة، وأن يتكرر، بالنظر إلى الصيغة المميزة التي طبع بها لحظة معينة من سيرتك.
من جهة أخرى قد يأخذ مفهوم العيد معنى تقريبيا من “التعوذ ” أي ما يتعوذ منه من همٍّ أو مرض أو مكروه أو نحوه.
والعيد أيضا جمع عَادَة. أي المناسبة التي نؤسس فيها مجموعة من العادات التي نختزن فيها وبها خصوصياتنا الثقافية والاجتماعية والحضارية.
سياق هذه التعريفات التقريبية والاشتقاقية هو الوضع الاستثنائي الذي أتى فيه عيد الأضحى هذه السنة. فنحن نمر بأعصب الأوضاع والبشرية مهددة من قبل أشرس فيروس ينتشر بين
الناس يستهدفهم في حياتهم.
نريد أن يمر هذا العيد، وأن نجدد موعدنا معه السنوات القادمة.
نريد أن يكون العيد فرصة للتعوذ من كل الشرور المحدقة.
نريد أن يكون عيدا ونحن قادرين على أن نغير خلاله عاداتنا بما يضمن سلامتنا وعافيتنا، وبما يجعلنا عازمين على تأسيس عادات جديدة أكثر عقلانية.
صحيح أن العيد، فرصةٌ للفرح، وقبل هذا هو منحةٌ ربانيةٌ كي يزاول خلالها الناس شعائرهم ويحظوا برضى الله تعالى. غير أن العبادة مفهوم شامل، قد يكفي فيها إخلاص النية لله سبحانه عز وجل، واستحضار المقصد العام.
هناك ألف طريقة لأداء العيد في سلام كامل.
هناك ألف طريقة لإشاعة الفرح وإظهاره وإشهار الطقوس الاحتفالية الرائعة خلاله، والتي تبدأ حتى قبل قدومه، وذلك بالتحضير له بشراء الملابس، وتجهيز أشهى أنواع الحلويات، بالإضافة إلى تحضير العيديّات التي ستُقدّم للصغار وللأمهات والآباء.
وهناك ألف طريقة لمزاولة صلة الرحم، وتمتين الترابط الأسري، وتنظيم الاجتماعات العائلية.
هناك ألف طريقة وطريقة لتعميق معاني الحبّ الإنساني خلال العيد بإغداق العطاءات على الفقراء، وبإشاعة مشاعر الرحمة والإخاء في النفوس.
هناك ألف طريقة إذن كي نعيش العيد بأبعاده النفسية والدينيّة والاجتماعية والاقتصاديّة بخسائر أقل.
من صلب الدين أن تمارس الشعائر الدينية بعلم. ومقتضى العلم الآن أن نستحضر في الاذهان أننا مهددون في أرواحنا من قبل جائحة كورونا ونحن ننساق، لربما، بتلقائية وراء عادات احتفالية مهلكة.
لن ينقص من جوهر العيد لو قللنا من تجمعاتنا العائلية والإنسانية، أو لو جعلناها مقننة بقوانين الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية والأمنية ببلادنا. لن ينقص منه شيئا لو أننا استبدلنا تواصلاتنا المباشرة بأخرى أكثر أمانا وسلامة.
لو ينقص من العيد لو أننا استبدلنا عادات بعادات.
• عبد الإله المويسي