استضاف فندق سولازور «Solazur» بطنجة يوم الأربعاء الماضي، الملتقى الجهوي الأول للاستثمار والتشغيل والتكوين، بحضور كل من محسن جزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية ومحمد امهيدية، والي جهة طنجة تطوان الحسيمة وعمر مورو، رئيس مجلس الجهة.
وجاء هذا اللقاء، في سياق مخرجات تقرير النموذج التنموي الجديد، الذي أكد على مسألة التشغيل، كعنصر أساسي في صلب الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الكفيلة بضمان الارتقاء بالأوضاع العامة للمواطنات والمواطنين وهو ما اتخذه اللقاء أرضية له، حيث اعتبر تأهيل النسيج الاقتصادي الوطني والرفع من تنافسيته وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية، مرتبطا جدليا بثالوث: «الاستثمار ـ التكوين ـ التشغيل».
وفي كلمـــة للوزير، أكد على ضـــرورة مواصلة المجهودات المبذولــة من أجـــل النهوض بالاستثمار على جميع المستويات. وفي نفس السياق أشاد بأهمية وراهنية جهة طنجة تطوان الحسيمة التي تحظى ببنيات وأسس استراتيجية هامة، على رأسها ميناء طنجة المتوسط.
كمـــا أثـــار الوزير، في نفس الكلمـــة، بعض الإشكاليات التي تواجه الاستثمار على الصعيدين الجهـــوي والوطني، مركزا على رهان التكوين في تجاوز سلبيات الوضعية الحالية ومشددا على دور التنسيق بين جميع القطاعات المعنية من أجل توحيد الجهود في إدراك الأهداف المتوخاة.
وأكد والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، في كلمة له بالمناسبة، أن الملتقى يعد مناسبة مهمة لتبادل الخبرات والتجارب وطرح الأفكار والمقترحات لإبـداع تصور جماعي ملموس، يمنح القيمة المضافة للبنيات التي تزخر بها منطقة الشمال، لإعداد أرضية خصبة وملائمة للاستثمار. مضيفا أن جهة طنجة تطوان الحسيمة تعرف في السنين الأخيرة نهضة تنموية حقيقية بفضل المشاريع الملكية النوعية، مما يؤهلها عمليا لجذب استثمارات ذات القيمة المضافة.
وقد كان الملتقى مناسبة لطرح أسئلة جمة، همت على الأساس؛ أي استثمار لأي تنمية جهوية؟ وأي منظومة تعليمية نريد من أجل تأهيل الطاقات وتوفير الموارد البشرية المؤهلة والقادرة على الإبداع والتطوير والتأقلم؟ وما نوعية المشاريع المهيكلة التي يجب التسريع بها على مستوى الجهة؟ وأيضا التساؤل عن أية مقاربة وأية آلية لتنسيق عمل الفاعلين الجهويين سنعتمد؟
هي أسئلة حاولت الإجابة عنها ثلاث ورشات، خصصت الأولى للاستثمار وتحسين تنافسية وجاذبية التراب وكانت من تأطير توفيق البوش، نائب رئيس مجلس الجهة، إذ حاولت مقاربة توجيه الاستثمار نحو القطاعات الواعدة وذات القيمــة المضافــة العالية، إلى جانب العمل على بلوة نموذج وتوجه جهوي موحد للتنمية الاقتصادية، فضلا عن اقتراح آليات لتحسين تنافسيـة المقاولـة المحليــة والجهوية.
أما الورشة الثانية المعنونة بالتشغيل والإدماج الاجتماعي والمؤطــرة من طـــرف عبد اللطيف الغلبزوري، نائب رئيس مجلس الجهة، فقد ركزت على التشخيص الترابي لوضعية قطاع التشغيل والإدماج الاجتماعي بالجهــة، كمـــا حاولـــت تحديــد الأولويات القطاعية والمجالية حسب مواطن الضعـــف لتوجيـــه الاستثمار، وأيضا الخروج بمقترحات وحلـــول موضــوعيــة وعمليـــة للإشكالات المذكورة.
فيمــا عالجــت الورشـة الثالثـة، تثمين الرأسمال البشري بتأطير من رفيق بلقرشي، نائب رئيس مجلس الجهة، من خلال مناقشة وتقييم منظومة التعليم والتكوين والتأهيل الحالية بالجهة ومدى ملاءمة العرض للطلب وكذا وضع تصور لسياسة جهوية تشاركية للتكوين والتأهيل، مع محاولة الخروج بخريطة للتكوين والتكوين المهني، تستجيب للطلب والخصوصيات المحلية.
وفي سياق مرتبط بالموضوع، أكد عمر مورو، رئيس مجلس الجهة في تصريح خص به جريــدة طنجــة على أن جلب الاستثمار وتعزيز تنافسيــة الاقتصـاد الجهــوي وخلـــق الثروة وفرص الشغل، يتطلب بلورة مشاريع للتنمية المندمجة صناعيا وفلاحيا وسياحيا، كما يتطلب إنجاز قفزة نوعية بخصوص تموقع الجهة، في مجالات حيوية كالاقتصاد الرقمي، التكنولوجيــات الحديثــة والاقتصاد الأخضــر والأزرق.
وأضاف رئيس الجهــــة، أنه إلى جانب المرتكزات المذكورة، يبقى الرهان معقودا أيضا على الحكامة القضائية، باعتبارها من الركائـز الأساسيـة في النهـوض بالاستثمار، خاصة أمام واقـــع وجود استثمارات مهمة متوقفة على صدور أحكام قضائية بشأنها، مؤكدا على راهنية مجهودات كل الفاعلين في تنزيل مخططات ومشاريع الرقمنة وتبسيط المساطر الإدارية، من خلال مصاحبة حاملي المشاريع وتجويد آليات الوضوح والشفافية في دراسة ملفاتهم وتوجيههم، واعتبرها أرضية أساسية في تحقيق نهوض حقيقي للاستثمار.