اشتهرت هذه الثانوية بمدينة تطوان بريادة شعبتها الاقتصادية المعطاءة؛
وإليها كانت وجهتي بعد اجتياز عقبة الشهادة الابتدائية.
قضيت بها عاما دراسيا ناجحا بفضل جهود نخبة مخلصة من الأساتذة ما نسيت أسماءهم وصورهم! وكيف أنساهم وفضلهم علي لا ينسى!
ومن نسي الفضل للسابقين
فما عرف الفضل فيما عرف
ووفاء لهم أذكرهم في هذا المقام؛ وهم أهل الفضل:
الفقيه الأستاذ محمد الصوردو(اللغة العربية)، ذ.بويسيي(الرياضيات)، ذ.كوتري(الفرنسية)، ذ.فرنتي(التاريخ والجغرافيا)، ذ.مديك (التربية البدنية)؛
ثم نقلت وسواي من التلاميذ في العام الموالي إلى ثانوية القاضي عياض العزيزة، تنفيذا ربما لأمر اقتضته،وقتئذ، مصلحة الخريطة المدرسية.
وتشاء الأقدار أن أعود إليها بعد عقدين مشرفا تربويا، فجمعتني بمديرها الأستاذ عبد السلام بروحو رحمه الله وبأطرها الإدارية وشائج طيبة.
كما نسجت مع فريق أساتذة اللغة العربية فيها، بمختلف أجياله، علاقات مودة واحترام، قوامها التعاون على أداء الرسالة التربوية بإخلاص وكفاءة وإتقان، ولم أغادرها إلا عقب تكليفي بمهمة التنسيق الجهوي على صعيد أكاديمية الجهة.
ومن أجمل الذكريات الثقافية التي عشتها في قاعة المحاضرات بها، والتي ما زلت أستحضر بعض تفاصيلها، أذكر:
- ندوة نظمها فرع الجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي بتاريخ 9 أبريل 1990 في موضوع “التربية والتنمية”، شارك فيها النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية الأستاذ عبد الجليل بنغازي رحمه الله، والمفتش المنسق المركزي الأستاذ امحمد أحرميم بارك الله في عمره، وعبد ربه.
-
ندوة نظمها فرع الجمعية ذاته بتاريخ 7 يونيو 1990 حول “ديوان البستان” للمفتش التربوي الشاعر عبد الكريم الطبال، استمع الحضور خلالها لثلاثة عروض هي:
- تيمات السفر والسؤال والمعرفة في الديوان للمفتش التربوي الأستاذ علي البرقوقي.
- دلالة التأسيس في الديوان للمفتش التربوي الأستاذ أحمد المخلوفي.
- دلالة تكرار عنصر الماء في الديوان لعبد ربه.
وبالمناسبة، شنف مبدع البستان أسماع الحضور بنماذج عذبة من شعره الندي.
ونالت تلك العروض إشادة الشاعر الطبال، وأبى قرينه الشعري وبلديه الشاعر محمد الميموني رحمه الله إلا أن ينوه هو أيضا بجودتها.
وديوان البستان اسم على مسمى؛ لأن كل قصيدة فيه صورة فنية طرية تنفذ إلى الوجدان، وتخاطب كينونة الإنسان بلغة صافية صفاء الماء الزلال.
وبعد؛
فالحديث عن ما شهدته قاعة المحاضرات في هذه الثانوية من أنشطة متنوعة، وما خلفته من أصداء طيبة، يؤكد أهمية النشاط الثقافي الموازي في مؤسساتنا التربوية والتعليمية.
وترسيخا لهذا المكسب، حبذا لو تعزز اليوم بالانفتاح على أهل الخبرة في مختلف المجالات والتخصصات، وعبر إبرام شراكات معهم، ودعوتهم للمشاركة في أنشطة إشعاعية موجهة إلى فئات التلاميذ وفق برنامج مضبوط، مضمونا وتوقيتا.
وحتى يبقى نفعها ساريا، يستحسن توثيقها بمختلف الوسائل التكنولوجية المتطورة، صوتا وصورة وكتابة، ووضعها ضمن أرشيف المؤسسة ليكون رهن إشارة من يطلبه ابتغاء استثماره والانتفاع به.
والأمل معقود على قدماء تلاميذ الثانوية الذين نبغوا في مجالات شتى، وفي عالم الاقتصاد بصفة خاصة، أن يجددوا الصلة بها عبر ندوات، وأيام دراسية، وحصص دعم ومؤازرة للأجيال الصاعدة، وبذلك يكونون – حقا – على صراط العالم الفذ جابر بن حيان؛
صراط العلم والعمل والإيمان؛
المحقق لسعادة الإنسان.
د. محمد محمد المعلمي