(رصد الإكراهات والمساهمة في بلورة حلول لحماية الأوساط البيئية المتميزة والهشة للمنتزه الوطني لتلسمطان و المنتزه الطبيعي لبوهاشم)
بعد أسبوعين من اختتام الكوب 26 بغلاسكو، قدمت جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية تقريرها عن الحالة البيئية لإقليم شفشاون برسم سنة 2020-2021، وهو التقرير السنوي الثاني التي تصدره الجمعية، والذي يأتي في سياق تكريس عملية اليقظة البيئية والرصد المستمر للأخطار التي تتعرض المنظومات الإيكولوجية، و الترافع للمحافظة على الموارد الطبيعية و وقف التدهور الذي يتعرض له التنوع البيولوجي، وذلك من خلال التركيز على مجالين بيئيين بامتياز هما: المنتزه الوطني لتلسمطان و المنتزه الطبيعي لبوهاشم.
التقرير الذي احتوى على 96 صفحة، يتكون من تقديم ضم كلمة كل من رئيس جمعية تلاسمطان و مؤسسة هاينريش بول/Heinrich Boll الألمانية بالرباط، ومن خمسة محاور: الأول يتعلق بالتنوع النباتي و الحيواني، و الثاني يتعلق بالحرائق الغابوية، و الثالث بالزراعة الأحادية، والرابع بتلوث المجاري المائية بمخلفات معاصر الزيتون والخامس بالمقالع.
و في كلمته التقديمية للتقرير أبرز رئيس جمعية تلاسمطان عبدالإله التازي أن هذا التقرير اعتمد مقاربة تشاركية اتكأت على الرصد الميداني والإداري، ثم التكوين والتحسيس حتى يتمكن الجميع من التفكير، التخطيط والفعل، وحتى يتم تكوين فعاليات فردية و جمعوية قادرة على الرصد، التدخل، الاقتراح والترافع حول القضايا البيئية التي تهم تحسين ظروف عيش الساكنة و تحسين ظروف استغلال الموارد الطبيعية و الأوساط البيئية.
وأكد في نفس الكلمة أن العمل على المحافظة على التنوع البيولوجي(الحيواني والنباتي/Faune et Flore) هو من صميم عمل الجمعية و أهدافها، خاصة في الظرف الحالي الذي تهيمن عليه إشكالية التغيرات المناخية بجميع مظاهرها و انعكاساتها السلبية على الحياة وكذا أزمة كوفيد 19، التي أبانت عن هشاشة المنظومتين البيئية و الصحية على السواء.
وخلصت الكلمة إلى أن التحدي الذي أمام العالم كله وأمام المجتمع المدني و أنصار البيئة خاصة هو إحقاق التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار استغلال الموارد الطبيعية و حاجيات الساكنة و الحفاظ على التنوع البيولوجي.
كلمة مؤسسة هاينريش بول التقديمية للتقرير شددت على استعجالية التعبئة و التحرك الفعال، سواء في المغرب أو في غيره من بلدان العالم، منبهة إلى أن أي فعل مؤثر تجاه التغيرات المناخية و تدهور البيئة يتطلب أولا وقبل كل شيء مقاربة تحليلية مركزة و مفصلة، ذلك أن كل بلد أو جهة تواجه تحديات بيئية خاصة ينبغي فهمها من أجل التأسيس لإعداد استراتجيات ناجعة وملائمة لحماية أفضل للبيئة.
و في نفس الكلمة تمنت المؤسسة أن يساهم هذا التقرير بشكل واسع في التحسيس بالمخاطر التي تواجهها البيئة عامة وبإقليم شفشاون خاصة، و أن يعتمد هذا العمل كأرضية أساسية لبلورة حلول ملموسة تشارك كل الأطراف المعنية في إعدادها و تنزيلها بهدف حماية الموارد الطبيعية بالمغرب.
وتجدر الإشارة أن التقرير يندرج في إطار مشروع “إرساء حكامة محلية و إعداد تقرير عن الحالة البيئية بإقليم شفشاون”، والذي يعتبر المرصد الإقليمي للبيئة و التغيرات المناخية آلية من آلياته العملية لإشراك الفعاليات المدنية المحلية بالأساس في جعل مسألة البيئة و التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة ضمن أولويات اهتماماتها.
التقرير أبان كذلك عن اجتهاد في المنهجية و تجديد في الرؤية التي تميل إلى تدقيق أكثر في التحولات التي تشهدها النظم البيئية (المائية مثلا) والتهديدات التي تتعرض لها بعض الأنواع من الحيوانات (الثدييات و البرمائيات و الزواحف مثلا) والأشجار(التنوب المغربي/ Abies Marocana بالأساس)، كما يقدم التقرير توصيات لمعالجة المخاطر قبل فوات الأوان، مع التركيز على العوامل والأنشطة التي لها الأثر السلبي الواضح على البيئة والتنوع البيولوجي بالإقليم: الحرائق، الزراعة الأحادية، معاصر الزيتون و المقالع، وبشكل أقل عوامل لها ارتباط بالتحولات الطبيعية نفسها كارتفاع درجة الحرارة والأمراض…
كما سلط التقرير الضوء على بعض المبادرات النموذجية وحلولها المبتكرة في الحد من التأثيرات السلبية لمخلفات معاصر الزيتون؛ كاستعمال معصرة واد سيفلاو بجماعة داردارة لمادة “المرجان” كمكون رئيسي في تصنيع الياجور عوض الماء، و “الفيتور” المجفف كوقود للأفرنة الخاصة بطهي الياجور، و كقيام طلبة باحثين من (ناديEnactus) بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية بإجراء بحوث وتجارب لتثمين مادة “المرجان” واستعمالها كمواد تجميلية..
وفي الأخير لا بد من التأكيد على ضرورة التعريف بهذا التقرير على نطاق واسع عبر كل الوسائل المكتوبة والسمعية و البصرية و بشكل مباشر، حتى يصبح إصداره حدثا إقليميا و جهويا و وطنيا وفي الضفة الأخرى كذلك؛ حدثا يخلق وعيا بحجم تحديات المنظومات البيئية المتميزة التي يتوفر عليها الإقليم والتي تعتبر ثروة طبيعية وطنية بأبعاد متوسطية و كونية.
عبدالحي مفتاح