بعد حوالي ثلاث سنوات من التوقف، بسبب ظروف الجائحة، انطلقت، هذه الأيام، رحلات الحجاج المغاربة نحو الديارالمقدسة، لأداء مناسك الحج لموسم 1443 ه والتي يبلغ عددها ما مجموعه 33 رحلة، آخرها ستكون بتاريخ 3 من شهريوليوزالمقبل، حسب تصريحات رسمية..
وفعلا، تعتبرالرحلة إلى الأراضي المقدسة بمثابة رحلة العمر، يسبقها الكثيرمن التفكير، خلال فترات من حياة المؤمن الذي يكون يحلم بهذه الرحلة ويخطط لها، لأنها تتطلب منه استعدادا للإجهاد المقبل عليه، ذهني وبدني، فضلاعن توفيرالمصاريف المالية من أجل الوصول إلى تلك الأرض المنشودة، ابتغاء غسل ذنوبه واستحضاروقوفه، بين الخالق عزوجل، يوم البعث..
لكن في المقابل، يتم الاستغراب، كل مرة، أمام ما تتداوله بعض وسائل الإعلام أوأمام ما يحكيه بعض الحجاج العائدين إلى ديارهم عن التصرفات والسلوكات الصادرة من طرف بعض “النماذج البشرية” التي لاتذهب إلى الديارالمقدسة لأداء شعائرها الدينية، بقلوب سليمة، بل تنطوي على شغلها الشاغل، المتجلي في استغلال المناسبة للخوض في أمورتجارة الدنيا الفانية، بالإضافة إلى تحين بعض الفرص المتاحة، بغية ممارسة أعمال السرقة أوالتعامل بعدوانية وكراهية مع خلق الله، خاصة إظهارالقلق والغضب حيال بعض الأجناس المسلمة، بيد أن هذه السلوكات من المفروض أن يتركها ضيوف الرحمان، وراء ظهورهم، بل هم مطالبون بنسيانها، أبد الآبدين..
وفي هذا الصدد، جاء ضمن رسالة جلالة الملك محمد السادس، الموجهة إلى الحجاج المغاربة، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية:”في الحج، وهو عبادة العمر، تتجلى مقاصد الإسلام كلها، في إخلاص التوجه إلى الله وحده وإظهار الوحدة والمساواة بين المسلمين والاندماج والتعايش، بين شتى الأجناس والشعوب في كل المواقف والمشاعر: في الطواف حول الكعبة والسعي، بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات في أكمل مظاهر الخشوع والخضوع لرب العالمين واستشعارالوقوف بين يديه يوم الجزاء..”.
كما ورد في الرسالة ذاتها لجلالته :” أن الأمر يتعلق بتوحيد الله رب العالمين بما يدل عليه هذا التوحيد من عقيدة وقول وعمل. وهوما يظهر في الإحرام والتهليل والتكبير والاستغفار في كل مناسك الحج، ثم بالاعتصام بحبل الله المتين، مهما اختلفت شعوب المسلمين وألسنتهم ومشاربهم، مجسدين معنى الوحدة والمساواة ونبذ التطرف والخلاف والمباهاة..” داعيا جلالته الحجاج المغاربة إلى تمثيل المغرب أفضل تمثيل، بإعطاء أحسن صورة عن تشبع الشعب المغربي بقيم التعايش والتسامح والاعتدال، فضلاعن الالتزام بالوحدة المذهبية ونبذ أشكال العنف والتطرف ..
وخلاصة القول، لابأس من التساؤل، هل يحتذي رؤساء الدول الإسلامية حذوجلالته في توجيه رسائل مماثلة إلى شعوبهم، خاصة منهم الأشخاص المقبلين على أداء مناسك الحج ؟ هذا هو السؤال..
محمد إمغران