- القراءةُ اكتشافٌ ومعرفةٌ تنيرُ العقولَ وتُقّوِّي الأَرْواح
- القراءةُ مازالتْ بالنسبةِ لي غِذاءً فكرياً وروحياً
السيرة العلمية
زبيدة الخواتري شاعرة وصحفية مغربية من مواليد مدينة الدار البيضاء لها العديد من الاهتمامات الأدبية والعملية حيث اشتغلت على النقد الفني والسينمائي والثقافي بثلاث محطات تلفزية عربية بالإضافة إلى اشتغالها بالعديد من الجرائد الوطنية والعربية، كما سبق لها أن كانت مراسلة للعديد من المجلات العربية. أسست جريدة الكترونية وشركة للإنتاج الفني …
من مؤلفاتها الأدبية ديوانان شعريان : الأول يحمل عنوان ” حضور” ؛ والثاني “مساءات” وقد سبق لها أن نشرت عدة قصائد شعرية وقصص قصيرة بمنابر عربية، كما شاركت في العديد من الدورات التكوينية في مجال الصحافة والإعلام برفقة العديد من الإعلاميات والإعلاميين العرب بالإضافة إلى المشاركة في العديد من الصالونات الأدبية…
أسئلة القراءة
القراءة اكتشاف ومعرفة تنير العقول وتقوي الأرواح. إنها منارة مشعة تطرد ظلمات الجهل من أعتاب الفكر وتفتح أفق النطق البليغ بالحكمة، فلا يمكن أن تسمو الأرواح والعقول إلا بالقراءة، فرفعة العقول من رفعة الأمم، فلا كتابة بدون قراءة، ولكل أسلوب قراءته وأسئلة قد نتحسس إجاباتها في مناقشة الأفكار أو عبر كتاب مفتوح خطَّ فكرة.
القراءة إذًاً كانت بداية اكتشاف عوالم البوح ، وقد تلمست طريق الانبهار والتيه عبرها من خلال كتابات ميخائيل نعيمة البليغة والحكيمة حيث استطعت أن أتنفس عبقا من الرؤية الدقيقة للأشياء. وقد كانت القراءة الأولى بمثابة ميكروسكوب عميق أسس للنواة، حيث صيرني فيما بعد نهمة للاكتشاف عبر مزيد ومزيد من القراءة.
لقد كانت القراءة ومازالت بالنسبة لي غذاء فكرياً وروحياً من خلاله تعيش الأفكار وتنمو العقول فلا يمكن لأمَّةٍ لا تقرأ أن تستمر طويلا، فالقراءة ليست فقط متعة، إنما بناء ذاتي ومجتمعي لأنها أساس الوعي والمعرفة. ومن كان عقله مشتعلا بنور القراءة فان عتمة الجهل لن تطرق بابه، فأنا أقرأ لأنير العقلَ وأستمتعَ بأنوار الحِكمةِ والجمالِ التي تختزلها الحروفُ في جمل مصقولة بلغة البيان .
لا يمكن أن يمر يوم دون قراءة، إلا وأشعر بكم الخصاص والحاجة، فإدمانها بالنسبة لي مرض ممتع لا استطيع النوم بدونه، فهي أمتع ما يمكن أن اختتم به يومي، إما على أريكة أو بمكتبتي حيث أُعِد العدة لهذا السَّفر اليومي غير المنقطع كي أغوص في أغوار الكتابة حتى درجة الانتشاء.
لقد كان المكتوبُ بكل أصنافه مغرياً بالقراءة والبحث، إلا أن الميول العقلية في القراءة بالنسبة لي، كان يأخذني نحو أشعار عشقتها منها شعر محمود درويش، لما يحمله من نفحات إنسانية كبيرة. دواوينه كلها مفعمة بعبق الحرية والكرامة والعزة، منها ديوانه “مديح الظل العالي” ، أحد أشهر كتاباته، ديوان يفوح بالألم، ويشعر بحجم المأساة العربية.. فإن تحدث عن فلسطين أو لبنان أو أي بلدة من البلدان العربية، إنما يفتح جروحا غائرة تهتز لها شرايينُ كل إنسانٍ عربيٍّ يؤمن بالحرية الكرامة..
فقصيدة أو نص لدرويش رموز وصور شعرية قد تبدو معقدة أحيانا، لكنها صورة لرحلة البحث عن الذات وعن الولادة.. لابد أن تفضي للموت من أجل الوطن ومن أجل الإنسان..
أضيف إلى هذا الشاعر الكبير شعراء آخرين مثل أدونيس ونزار قباني وأحمد مطر وبدر شاكرالسياب ونازك الملائكة ، كما أضيف إلى كل ذلك الكتابات الفلسفية العميقة التي تطرح أسئلة الوجود والعقل والإنسان ، وكذلك الروايات بكل أنواعها، فهذا الميل ليس إرادياً، بل هو مَلَكة محبة تأسر صاحبها ليبقى ملازما لكتابه حتى يتم شفاء غليله من الخصاص برشفات الوعي والمعرفة، ولهذا السبب تبقى القراءة بالنسبة لي أسلوبَ حياة من خلالها اقرأ لأرى ذاتي متجليةً في المكتوبِ إمَّا قصيدةً أو قصةً أو رؤيةً فلسفية.
أسئلة الكتابة
حكاية الكتابة عندي هي حكاية نضج وخروج من الذات نحو الأخر للتعبير عن زاوية رؤية معينة من خلال نافذة جنس أدبي أو فلسفي أو غيره، لكن يبقى المتوافق عليه هو أن الكتابة لسانُ الوجدانِ عبرها تخرجُ الأفكار والمشاعر لتتشكَّلَ في جملٍ متناسقةٍ وفي قالبٍ فني بديع.
فهي للذات والأخر، فليس معقولاً أن تكون الكتابة ذاتية محضة دون الأخر،لأن هذا التوازن ضروريٌّ في بنائها، وأنا بدوري أؤمن بهذه الرؤية لأنني اعتبرها أساساً لكل كتابة ، لكن الكيفية يبقى لها الدور المهم في الإبداع. والحديث عنها يجعلنا نتذكر اللحظة التي تولد فيها الكتابة، فلكل واحد طقوسه لكن أهم شيء بالنسبة لي والذي يتشارك فيه الجميع، هو خلوة الكاتب ومكان وجوده لأن هذين الأخيرين يكون لهما كبير الأثر كذلك في جمال المكتوب، أما نوع الكتابة فتُحددها الميول، لأنه لا يمكن للكاتب أن يفرض على نفسه جنساً إبداعياً دون ميول، وإلا ستتأثر الكتابة بهذا الإجبار التعسفي على الذات لأنه يعتبر ـ من وجهة نظري ـ اغتيالاً مما يعجل بفقدان الكتابة لروحها الملهمة.
لكن يبقى للوقت أهميته من أجل تدبير جيد، سواء للكتابة أو للقراءة لكنها تختلف، فالقراءة بالنسبة لي يومية، أما الكتابةُ فزمنها يُحدِّدُهُ الإلهامُ ومخاضُه. وبما أن أجناس الكتابة متنوعة، فإن الكتابة الصحفية تختلف عن الكتابات الأخرى لأن لها قواعد مِهنية تجعلكَ مجبراً على الالتزام بها بكل مِهنية، ولهذا وبحكم عملي الصحفي فإنني أكون أكثر انضباطاً والتزاماً بالقواعد المهنية، حيث يغيب هنا التخيل وتحضرُ الموضوعيةُ، غير أن الذي يجذبني في العمل الصحفي هو لذةُ البحثِ والتَّقصي التي تسبقُ الكتابة، وتحقيق ذلك يحتاجُ إلى الالتزام بأخلاقيات المِهْنة وقواعدِ الكتابة حتى لا يخرجَ الصحفي عن النص وتصبح الكتابة مجرد تضليل مما يعجل بفقدان المصداقية.
لا شك في نظري، أن الصحفيَّ الذي يكتسبُ المعرفةَ والقدرةَ على توصيل الفكرة، والذي يمتلكُ مؤهلاتٍ علميةً وفنيةً تجعلُه قادراً على أن يُنتِج فكرةً أو معرفةً صحيحةً تليق بالمتلقي.