س ـ نبدأ معك السي ياسين بالسؤال التقليدي، وهو كيف تقدم الفنان نفسك إلى القراء المغاربة الواقعيين، وإلى القراء العرب الافتراضيين على مواقع الانترنت؟
في الحقيقة أجد صعوبة بالغة في التحدث عن نفسي كوني في نهاية الأمر انسان بسيط يحاول الإبداع في مجال التشخيص و الإخراج المسرحي احترافيا منذ عشرين سنة إثر تخرجي من المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي بالرباط قبل أن اواصل مساري الدراسي بالحصول على دبلوم الماستر المتخصص من المدرسة العليا للأساتذة بمكناس ثم التحاقي بمختبر الفنون و اللغات بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة حيث أحضر لحدود الان رسالتي للدكتوراه في موضوع فن الممثل .
س ـ ننتقل الآن إلى الحديث عن البدايات الأولى التي مهدت لمجيئك إلى السينما ؟
البدايات كانت مبكرة جدا حيث بدأت ببناء حلمي بمسقط رأسي في مدينة شفشاون التي كانت مجالا خصبا للحركة الثقافية و المسرحية بالخصوص ابان الثمانينات و التسعينات حيث عشت تجارب مسرحية رائعة بصمت تكويني و شخصيتي على يد أساتذة أجلاء كعزيز آيت البصير و محمد أضرضور في كل من جمعية العمل المسرحي و جمعية مسرح أبينوم.
س ـ ما هي أهم المحطات في مشوارك السينمائي ؟
من الصعب جدا أن أحدد محطات حاسمة لمساري الفني الذي لم يأت دفعة واحدة بل كان عبارة عن رحلة متأنية و هادئة يمتزج فيها التعلم بالاحتكاك و التأثر و الورشات و المشاهدة و القراءة إلخ
س ـ تعرف الممارسة السينمائية تحول بعض الممثلين إلى الإخراج، ولربما إلى الانتاج أيضا. هل تجد لهذا الأمر، من الناحية الفنية، مسوغات معقولة؟
لا أجد أي تناقض أو سلبية في توجه الممثل إلى الإخراج أو الانتاج فهي تخصصات ليست بعيدة عنه، علما أن هذا القرار يخص الشخص نفسه اذا ما وجد نفسه في مستوى التحديات التي رفعها .
س ـ ما هي الحدود بين ياسين أحجام الفنان و ياسين أحجام السياسي؟
أعتقد أن الفنان بطبيعته هو سياسي في الأصل كونه يعالج في إبداعاته قضايا تهم الشأن العام من خلال ممارسته للنقد و الرقابة و التشكيك في بعض الاحيان ، لذلك فلا حدود داخل شخصية ياسين أحجام.
س ـ تحظى شخصية ياسين أحجام بتقدير كبير من قبل المتفرج المغربي والعالمي، هل مرجع ذلك إلى طبيعة الأعمال التي لعب فيها أدوارا معينة؟ أم ان الأمر يعود فنيا إلى الإمكانات الفردية التي تتمتع بها؟
أتمنى فعلا أن أكون في مستوى شهادتك الكبيرة في حقي و التي جاءت على شكل سؤال ، و أظن أنه إذا كنت ناجحا في عملي سواء كممثل في السينما و التلفزيون أو كمخرج مسرحي فهذا يعود أيضا إلى العمل الجماعي الذي يضم العديد من المهن التي تساعد المشخص في ادائه كالإدارة الجيدة للممثل و السيناريو و الديكور و الماكياج و التصوير و الإضاءة، بالإضافة طبعا لإمكانات الفنان التي يتسلح بها من خلال تطوير نفسه جسديا و نفسيا و تقنيا.
س ـ السينما المغربية لم تصل بعد إلى إقناع المتفرج المغربي. ما مرد ذلك حسب رأيك؟
يمكن اعتبار السينما المغربية كمجال لايزال في طور النشوء و التشكل رغم أنها تحمل العديد من التجارب الناجحة وطنيا و دوليا، إلا أنني اعتبر أن تردي البنية التحتية و تناقص القاعات سببا رئيسيا في عدم التواصل الجيد مع المتلقي المغربي بالإضافة لقلة التنوع في المنتوج السينمائي الذي يتألف أغلبه من أفلام تنتمي إلى اسلوب سينما المؤلف الذي غالبا ما ينتعش أساسا في المهرجانات من خلال الحصول على الجوائز بالمقابل لا يجد صدى لدى الشريحة العامة من الجمهور الذي يبحث على البنية الارسطية الكلاسيكية للعمل السينمائي الجاذب و المشوق .
س ـ يعتقد البعض بأن الدارجة المغربية عائق أمام انتشار السينما المغربية عربيا؟
لم تكن اللغة يوما عائقا أمام الصناعة السينمائية و لا أجد انها سبب لعدم انتشار السينما المغربية عربيا بدليل أن الأغنية المغربية الشبابية عرفت في السنوات الأخيرة نجاحا باهرا حتى أن عددا من النجوم العرب أصبحوا يتسابقون للغناء باللهجة المغربية التي أصبحت في متناولهم و يفهمونها جيدا، لذلك فإن الأسباب المحض فنية و ابداعية و الاقتصادية أيضا هي التي تحدد مجال الانتشار السينمائي .
س ـ هناك شبه طلاق بين السينما المغربية والرواية المغربية. ما سر هذا التباعد بين الجنسين عندنا بالمغرب؟
أتفق تماما مع المغزى الذي تقدمه في طيات هذا السؤال ، و اعتبر أنه طالما هناك جفاء و عدم تعاون بين السينمائيين و الأدباء الحقيقين الذي يبدعون في جنس الرواية المغربية فإن مستوى السينما المغربية ستظل عرضة لسطحية المواضيع و ضعف المضامين لذلك فنحن في أمس الحاجة كي يقتحم الروائي المغربي مجال السيناريو و يتمكن من تقنياته حتى يتسنى لنا الاستفادة من خياله و جرأته الأدبية و تمكنه من القصة و الحكاية.
س ـ نقابيا، هل تجد أن الممثل المغربي وصل إلى الحد الذي يعتبر فيه أن حقوقه مصانة؟
حقوق الفنان المغربي عرفت تطورات و مكتسبات خاصة في مجال الإنجاز و الشغل أو في مجال حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة و لا ينقصها سوى التطبيق الذي بدأ يلوح في الأفق.
س ـ كيف تقيم حضور السينما المغربية في المهرجانات الدولية، على مستوى قيمة وحجم التمثيلية، وعلى مستوى التتويج؟
يقوم صناع السينما المغربية بمحاولات كبيرة لفرض الأسلوب المغربي بعدد من المهرجانات الدولية و ذلك في أفق رسم شخصية السينما المغربية دوليا و هو حلم مشروع .
س ـ ماذا عن “مصيبة” القرصنة”، هل يمكن اعتبارها عائقا حقيقيا أمام تشجيع الإنتاج السينمائي ببلادنا؟
القرصنة هي داء خطير يهدم الإبداع و يبخسه ليس على المستوى الوطني فقط بل على المستوى الدولي و لذلك يجب محاربته بشتى الطرق القانونية و الردعية لصيانة الملكية الفكرية لذوي الحقوق .
س ـ هل قيمة الدعم التي يحظى بها الفيلم المغربي كافية في نظرك؟
بالنظر لميزانية الدولة و لإمكانيتها أعتقد أن قيمة الدعم المقدم لشركات الإنتاج السينمائي و التلفزيوني هو كافي مبدئيا و المطلوب هو الاعتناء و الرفع من أجور فناني الأداء التي تظل متواضعة نوعا ما .
سـ هل عندنا في المغرب “كتاب سينما” بالمعنى الحِرَفي للكلمة؟
بدون أدنى شك نفتقر لكتاب السيناريو بشكل كبير و هذا معطى معروف في ميدان التلفزيون والسينما بالمغرب .
س ـ هل الفنان ياسين أحجام راض عما قدمه لحد الآن من أعمال؟
الحمد لله راض على ما حققته في مساري الفني لكن رغبتي في تطوير نفسي و البحث و التنقيب و التعلم قائمة دوما للتطلع نحو الأفضل.
ـ أخيرا ما هو الدور السينمائي العالمي الذي تتمنى لو أنك من أداه؟
لا أتمنى الآن أي دور فأنا أؤمن بالعمل و ليس التمني ، الأدوار أجدها في الطريق و لا ابحث عنها ، هي من تبحث عني حينما أعمل بصدق.
حاوره عبدالإله المويسي