(الخَروفية): قصيدة من مجزوء الرّجز، جادت بها قريحة الأديب السّفير التّهامي بن الحاج عبد السلام أفيلال، يحكي فيها بأسلوب فكِهٍ أحواله مع الخروف بدءا من دخوله البيت إلى نهايته في بطن الأسرة…
والقصيدة من المفاكهات المستملحة التي تدخل ضمن فنّ الأدب الخاص (أضحية العيد في الأدب المغربي). وقد تناول هذا الموضوع العالم المحقق الفقيه محمد المنوني رحمه الله في العدد الخامس من مجّلة المناهل، وسلّط عليه الضوء من الناحية التاريخية، وساق نماذج منه لأدباء المغرب…
وبمناسبة عيد الأضحى المبارك، ننشر هذين النّصين لأديبين كبيرين، -ولم يسبق أن نشرا- الأوّل لشاعر وزير: (محمد ابن موسى)، والآخر لأديب سفير: (التّهامي أفيلال)، وكلاهما أُنتج بتطوان، وندع القارئ يسبح بخياله ليكتشف لذّة العيد لدى الأسرة المغربية، والدّفء الذي كان يحصل بسبب ذلك، والمتعة الروحية الناتجة عن الفرحة بتمتّع الأسرة على طبق واحد، وما إلى ذلك…
- نصّ قصيدة الوزير الشاعر محمد ابن موسى:
العِيدُ أَقْبَلَ وَمَا يُبَعْبِعُ |
|
كَبْشٌ وَلاَ دِيكٌ شَدَا يُكَعْكِعُ |
إِلاَّ كِلاَباً شَأْنُهَا تُوَعْوِعُ | فَلاَ تَزَالُ أَبَداً تُفَعْفِعُ | |
وَخَادِماً إِنْ خَطَبَتْ تُنَعْنِعُ | أَوْ طَبَخَتْ شَيْئاً فَلاَ تُدَعْدِعُ | |
أَوْ خَاصَمَتْ جِيرَانَهَا تُزَعْزِعُ | أَوْ نُبِّهَتْ مِنَ الكَرَا تُتَعْتِعُ | |
خَبِيثَةً بِفِسْقِها تُجَعْجِعُ | وَهِرَّةً إِنْ خَطَفَتْ تُلَعْلِعُ | |
أَوْ رَأَتِ الفِيرَانَ لاَ تُصَعْصِعُ | بَلْ إِنَّهَا مِنْ خَوْفِهِمْ تُفَرْقِعُ | |
وَشَيْخُ سُوءٍ إِنْ خَطَا يُكَرْبِعُ | مَا حَوْلَهُ فَإِنْ خَلاَ يُقَرْصِعُ | |
وَكُلَّمَا أَلْفَيْتَهُ يُمَعْمِعُ | لَمْ تَرَ فِي أَعْمَالِهِ مَا يَنْفَعُ | |
طُولَ النَّهَارِ ضِرْسُهُ يُقَعْقِعُ | يَأْكُلُ مَا عَنَّ لَهُ وَيَبْلَعُ | |
إِنْ ضَايَقَتْهُ تُخْمَةٌ يُخَرْوِعُ | فَإِنْ مَشَى يُرَى لَهُ مَنْ يَتْبَعُ | |
خَطّاً عَلَى طُولِ الطَّرِيقِ يَلْمَعُ | وَلاَ أَزِيدُكَ حَدِيثاً يَجْمَعُ | |
وَقْراً وَإِبْرَاماً عَلَى مَنْ يَسْمَعُ | لَو العَفَارِيتُ إِليهِ أَسْرَعُوا |
لاَرْتَعَدُوا مِنْ هَوْلِهِ وَافْرَنْقَعُوا
2- قصيدة الأديب السفير التّهامي أفيلال:
خروفٌنا يبعْبِعُ==وللدّنا يودِّعُ
فقد دنا أجلُه==وسالتْ منه الأدمُعُ
ويرتجي عفواً ولا==من يشفق أو يشفعُ
جزّارٌنا مجهّزٌ==بمُديَتين تلْمعُ
وكبشُنا (يُفَركِلُ)==مكتَّفٌ (مُكرْبَعُ)
وفي فِناء بيتنا==أطفالُنا تجمّعوا
وجاء من ينصحنا==فقال: اِسمعوا وعُوا
إيّاكم أن تبدّروا==إيّاكم أن تُضيّعوا
فيبّسوا جِلدته==إذ الشّموسُ تسطعُ
لو تُركتْ لحالها==فالدّود فيها يرتعُ
فصوفه لكسوتي==والجلدُ طبلٌ يُقْرَعُ
ودمُه لرضّعٍ==عينَ الحسود تَدفعُ
ومشطُنا من قَرْنه==يعزفُ عنه الأصلعُ
ووترٌ لعودنا==من المصران يُصْنَعُ
وللعِظام نفعها==فللكلاب تُجمعُ
وبَعْرُه سمادنا==وفي الحياض يوضَعُ
(بعْبَعَةٌ) سجّلتُها==في هاتفيَّ تُسْمعُ
مرّارَةٌ ألصقتُها==بحائطٍ لا تنفعُ
من قال إنّ لحمَه==صدقةٌ توزَّعُ
مغفَّلٌ يرثى له==يزرَى به ويخدعُ
ففصّلوا وقطّعوا==وقدّدوا وخلّعوا
فللغذاء كبِدٌ==وللعشاء الأكْرُعُ
وبخّروا الرّأس إذا==أردتمُ أن تشبعوا
(فالكرشُ) من نصيبِكُم==وحظيَّ منه الأضلُعُ
(أبو لِفافٍ) بُغيتي==إن بالشّحوم ينقَعُ
(وللكَباب) لذّةٌ==في الأكل هو الأروعُ
وحضّروا معسّلاً==أسعى إليه وأهرعُ
(ذيّالةٌ) بكسكُسٍ==لعاشوراء تودَعُ
أهفوا لنيل تُخمةٍ==يعقُبُها (تَكَرُّعُ)
ولا أهابُ بطْنَةٍ==فللإمساكِ الخِرْوَعُ
يا ربّنا إلهنا==يا من يرى ويسمعُ
ثبّتْ لنا أضراسنا==بفضلها نُقَطّعُ
لحْماً عصيّاً عندما==نمدغُه ونبلَعُ
فهذه وصيّتي==للعيد هي المرجعُ
تنفيدُها مفازةٌ==ونبدُها تنطّعُ
من لم يعِ نصائحي==يُزْرَى به ويصفعُ
إعداد وتقديم: د. يونس السباح