معلوم في الأعراف الدستورية أن للسلطة التنفيذية الحق الكامل في إعلان حالة الطوارئ استثناء دون حاجة العودة إلى السلطة التشريعية، وذلك ارتباطا بأي وضع قد يهدد سلامة الوطن. لذلك فإن إعلان حالة الطوارئ الصحية بكل ما تقتضيه من تدابير وقائية لها ما يبررها دستوريا إذن. علما أن تنفيذ أمر الطوارئ الصحية و منع التجول أو تقنينه ينبغي أن يوازيه اتخاذ عدد من التدابير بشأن المؤسسات الحيوية للدولة مراعاة للمصلحة العامة.
وهذا ما يبرر إعلان الحكومة تمديد حالة الطوارئ الصحية بسبب فيروس كورونا حاليا، وذلك على خلفية اعتبار استمرارية احتمالات تعرض حياة المعارضين للخطر، وعلى خلفية أن للإنسان الحق الكامل في الحياة و الأمن، زيادة على أن التدابير المتخذة لتفادي الإصابة بالوباء واجبة بموجب حقوق الإنسان و المعايير الدولية، وبموجب أن صحة الإنسان أولوية قصوى قبل كل شيء.
وبمقتضى الفصل الحادي و العشرين من دستور المملكة المغربية الذي ينص على أن: “لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته. تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.” وهو ما خول للسلطات العمومية أخذ هذه التدابير الاستثنائية.
إضافة إلى ذلك فالفصل الحادي و الثلاثين ينص على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من جميع الحقوق بما فيها:
ـ العلاج والعناية الصحية .
ـ الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
بالرجوع إلى سؤال مدى دستورية حالة الطوارئ الصحية بالمغرب في ظل وباء “كورونا” فالدستور المغربي ينصّ في الفصل 59 منه على أنه: “إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.”
علما أن قرار الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب,لا يعني وقوف عجلة الاقتصاد، والمبدأ يقتضي عدم فرض أي سياسات على الأعمال والشركات التجارية في حالة الطوارئ من قبل الحكومة، لكن هذا لا يمنعها من فرض الإغلاق عليها في الحالات القصوى، لكونها تتمتع بكافة الصلاحيات في اتخاذ القرارات أثناء حالة الطوارئ، بحسب خطورة الوضع، لضمان سلامة وأمن المواطنين، حتى ولو تطلب الأمر حظر التجوال.
كما أن حالة الطوارئ من الناحية القانونية, ما هي إلا تطبيق مباشر لما يسمى, ظروف استثنائية, و التي يقصد بها, الحالة التي تطرأ فيها المخاطر والأزمات على حياة أي دولة ما يهدد بقاءها, و يفضي بها إلى الخروج عن المألوف بين القواعد القانونية, التي تطبق في الظروف العادية, ابتغاء مواجهة هذه الحالة الطارئة.
ولذاك فحالة الطوارئ الصحية التي تم الإعلان عنها بالمغرب إثر ظهور وباء “كورونا”، وتم تمديدها الآن، ومن ضمنها الحجر الصحي ما هي الا إجراء من إجراءات الطوارئ الصحية التي اتخذتها الحكومة، حيث تتكفل السلطات العمومية، المحلية والأمن الوطني الدرك الملكي والقوات المساعدة بمراقبة وضبط تنقلات المواطنين والحفاظ على الأمن العام.