شهر رمضان الكريم هو فرصة الرحمان الرحيم الممنوحة لعباده قصد الأوْبة إليه، والوقوف على أعتاب بابه المُشرَّع وقفة المحتاج للغني الكريم الذي لا يَرُدُّ كلَّ من قصده. وبما أن إقامته لا تطول كونُها أياماً معدوداتٍ فقط، وجب علينا اغتنامه جميعا على أتم الوجوه الممكنة غرْفا لما يأتي به هذا الضيف المَغْنم من هدايا قيِّمة وعطايا نديَّة ومواهب دينية ودنيوية.
وقد يبدو موضوع المقال سهلا هينا: فلا أحد منا ينكر أو يجهل أو يمكنه أن يتجاهل دور الأسرة وأهمية هذا الدور في بناء الفرد الصالح القوي الذي سيشكل مستقبلا الخلية الأساس لتشكيل فسيفساء المجتمع المسلم، والذي ينبغي أن تتساوق فيه منظومة الأخلاق والقيم تساوقا بديعاً ونَمَّاءً… فهذه المعاني لا تخفى على أحد، بل تكاد تكون من البديهيات في ذهن الجميع؛ غير أن علاقة الترابط الموجودة في مكونات العنوان بين “دور الأسرة” من جهة و“شهر رمضان” الفضيل من جهة أخرى يُسدل على هذا الدور هالة الإجلال والإكبار لازدياده همَّة و حضورا في شهر فضَّله الله على بقية شهور السنة الهجرية، وخصَّه بليلة عظيمة هي خيرٌ من ألف شهر، وفيه أُنْزل القرآن الكريم الذي هو أقوى معجزة من معجزات سيد الخلق أجمعين، خاتِم الأنبياء والمرسلين، عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأزكى التسليم. يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا اَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنَ اَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. البقرة: الآية 185
هنا نصل إلى تحديد الإشكالية المتضمنة في العنوان: ما هو الدور أو مجموع الأدوار المنوطة بالأسرة خلال شهر رمضان المعظم؟
كيف علينا أن نقضي يومَ رمضان نهارَه وليلَه بين الأهل والأحباب بطريقة نغنم بها بركات وحسنات شهر الفضائل؟
وكيف يمكن للأسرة أن تُؤثر في سلوك أولادها وتُرسخ فيهم ما يُرضي الله عنهم في رمضان وباقي الأوقات؟
وقبل الإجابة عن هذه الإشكالية المطروحة، أشير إلى أن طبيعة الموضوع المختار تفرض علينا تناوله من منظورين اثنين هما: المنظور الأول، ويتعلق بالشق الديني، والمنظور الثاني، ويرتبط بالشق الاجتماعي. وهما متداخلان بطبيعة الحال لأن الإسلام دين حياة متكاملة لا يتجزأ فيها الإنسان ولا ينشطر، وإنما جاء هذا الدين الحنيف ليؤطر حياة الإنسان من جميع نواحيها حتى يأمن مضرات الحياة الدنيا وتقلباتها المتلاحقة. والأسرة هي اللبنة المركزية المؤسسة للمجتمع؛ ومع رمضان، يعيش أفراد هذه الأسرة مظاهر دينية تنصهر مع مظاهر اجتماعية تغطي النسيج الاجتماعي من أقصاه إلى أدناه مع اختلافات متفاوتة حسب المناطق والتقاليد والأعراف. ويمكن أن يصل هذا الانصهار حد التماهي فيختلط الديني بالاجتماعي حتى يصبح كل واحد منهما ينهل من الآخر ويصب فيه أيضا. غير أني كما أسلفت، سأحاول التمييز بينهما في محورين مستقلين تاليين هما:
الشق الديني: أول ما يجب على الأسرة في شهر رمضان هو الاستعداد له والتهيؤ له بهمة عالية وشوق كبير كمن ينتظر قدوم أعز وأغلى ضيف طال انتظاره لشهور عديدة. ولن يكون هذا إلا ببيان أهمية رمضان لسائر أفراد الأسرة خاصة منهم الأطفال والشباب، فهم عمدة المستقبل، وهم من سيخلف الوالديْن لاحقا ليبدأ تأسيس أسرة جديدة تتحقق معها سُنة الحياة وهي الاستخلاف وأمانته. وكمثال لا حصر لِما يجب على الوالديْن – باعتبارهما قطبيْ كل أسرة – القيامُ به مع أبنائهما وبناتهما في هذا الصدد نذكر الآتي:
1/ بيان قيمة شهر رمضان: يجب عليهما ابتداءً أن يُبينا للأولاد قيمة شهر رمضان وأهميته كركن من أركان الإسلام الخمسة وليس كشهر مميز بين شهور السنة فقط، إذ يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة: الآية 183؛ وأنه من نِعم الله على المسلم أن يُبلغه صيام شهر رمضان ويعينه على قيامه إيمانا واحتسابا؛ وأنه شهر تتضاعف فيه الحسنات، وتُرفع فيه الدرجات، ويعتق الله فيه الرقاب من النار. وفي هذا يقول الحق سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ آل عمران: الآية 185، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ للهِ عندَ كلِّ فطرٍ عُتَقاءُ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ»[1]… فحقيق بالمسلم أن يستغل هذا الشهر الكريم بما يعود عليه بالخير واليمن والبركة. ويبينا لهم كذلك أنهم محظوظون: فكم من شخص لم تسعفه ظروفه لإدراك هذا الشهر إما لمرض أو وفاة أو ضلال والعياذ بالله… واختصارا لهذه النقطة، نقول: بما أنه يجب على المسلم أن يبادر لاستغلال أوقات هذا الشهر الفضيل، فإنه يجب عليه أيضا واجبٌ تجاه أولاده ومن يقوم مقامهم، لا بد له من القيام به: وهو حسن تربيتهم ورعايتهم، وتوجيهم إلى أبواب الخير المختلفة؛ لأن الولد ينشأ في الحقيقة على ما تعود عليه. وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
وينشأ ناشـــئ الفتيــان منا على ما كان عوَّدَهُ أبُوهُ
وَمَا دَانَ الْفَتَى بِحِجىً ولكن يُعَلِّمُهُ التَّدَيُّنَ أَقْرِبُـــــوهُ
وفي هذه الأيام المباركة بالذات، لا بد أن يكون للأب والأم دور فعال وإحيائي في تفعيل هذه الأمور تعديلا للسلوك وتعويضا عن أي تقصير حدث خلال الأشهر الأخرى.
2/ بيان حقيقة الصيام: وهي أن الصيام لا يعني ترك الطعام والشراب فقط، أي صوم الجهاز الهضمي عن الطعام، وإنما هو صوم الجوارح كلها عما يشين المرء مع نفسه ومع ربه وعباده، فيكون صومه بهذا الشكل سبيلا لتحصيل التقوى، ومناسبة سانحة لمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقي المنبر فقال: «آمين، آمين، آمين»، فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: «قال لي جبريل: رَغِم أنفُ عبْد – أو بَعُدَ، دخل عليه رمضان فلم يُغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبدٍ – أو بَعُدَ، أدرك والديْه أو أحدَهما لم يُدخله الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد – أو بَعُدَ، ذُكِرْتَ عنده فلم يُصل عليك، فقلت: آمين»[2]. وهذا الحديث النبوي الشريف يبرز لنا إلى جانب قيمة شهر رمضان، الأجر الكبير والثواب العظيم الذي يثاب به الصائم إن التزم بأحكامه وآدابه.
3/ مراقبة صيام الأولاد: والحث عليه لمن قصَّر منهم في حقه. وكلما تقدموا في السن، يتم توجيههم لاكتساب تعاليم الدين الحنيف حتى تصدر منهم العبادة عن علم ودراية. فبخصوص شهر رمضان مثلا، نعلمهم أنه مَن كان من أهلِ الصيامِ دُعِيَ للدخول إلى الجنة من بابِ الرَّيَّانِ وهو باب من أبواب الجنة مخصص لمن كُتب من الصائمين… ونربي فيهم تجنب جميع أعمال السوء التي يمكن أن تحبط صيامهم، وتحرمهم ثوابه وأجره. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصِّيامُ جُنَّةٌ، فلاَ يَرْفُثْ ولا يَجهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلهُ أوْ شاتَمَهُ، فَليَقُلْ إنِّي صَائِمٌ مَرَّتينِ. والّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصّائِمِ أطيبُ عِندَ اللهِ تَعالى مِنْ رِيحِ المِسكِ، يَترُكُ طعامَهُ وشرابَهُ وشهوتَهُ منْ أجْلِي، الصّيَامُ لي وأنا أجزِي بهِ، والحسنةُ بِعَشْرِ أمْثالِهَا»[3]. وهذا الحديث النبوي الشريف يؤكد ما ذكر في النقطة السابقة. وقد يكون في البيت أطفال صغار يجب تشجيعهم على الصيام: فعلى الوالدين أن يحثاهم على ذلك ولو بتحفيزهم بالهدايا والجوائز تمهيدا لهم لمرحلة البلوغ. ففي صحيح البخاري ومسلم أن الربيع بنت معوذ قالت: أَرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: «مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ. قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونذهب بهم إلى المساجد، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ، أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ.[4]« قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات، وتعويدهم العبادات، مع أنهم ليسوا مكلفين.
4/ رمضان والصلاة: ولكونها عماد الدين، فهي موضوع في غاية الأهمية على مدار العام وليس في شهر رمضان فقط. ولذلك، من المنفعة العامة تقسيم رب الأسرة أوقاتَ الصلاة إلى ما يحقق به أجر الجماعة لنفسه في المسجد، وما يحقق به أجر الجماعة لباقي أفراد الأسرة في البيت، كأن يؤم بزوجته وأولاده – خاصة منهم غير المكلفين – بعض الصلوات في المنزل، ويحافظ على أخرى في المسجد رفقة الأبناء المكلفين ليحقق الحُسنييْن للجميع. ويحرص رفقة زوجته على تذكيرهم بصلاة التراويح والاستعداد لها بما يساعد عليها كالتقليل من الطعام والتجهز لأدائها في المسجد قبل وقت كافٍ من وقت الفريضة التي تسبقها حتى لا تُخترَق الصفوف ولا يُشوَّش تركيز المصلين كذلك. وينبغي – إضافة لما ذكر – إعطاء القدوة في الاهتمام بصلاة الفجر في وقتها جماعة في المسجد للمكلفين بها من الأولاد، بينما تتكفل الأم بأدائها مع بناتها وأطفالها الصغار. وقد رأينا للأسف الشديد كثيرًا من الناس يستيقظون آخر الليل لتناول الطعام ويحرصون عليه حتى آخر دقيقة قبل وقت الإمساك، ثم يعودون إلى فُرُشهم تاركين صلاة الفجر لوقت لاحق دون وعي منهم بما خسروه من حسنات ومثوبات في تلك اللحظة المباركة من كل يوم. ناهيك عن تضييعهم لقيام الليل وهو باب عظيم لمغفرة الذنوب والتقرب إلى المولى واستجابة الدعاء، قال الله تعالى: ﴿أَمَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الاَلْبَابِ﴾ الزمر: الآية 9. وأنهي هذه الفقرة بلفت الانتباه إلى إعطاء وقتٍ كافٍ قبل صلاة الفجر لمن لم يُصل صلاة الوتر من أفراد الأسرة لكي يوتر، ولكي يصليَ أيضا من أخَّر صلاته إلى آخر الليل، مع حث الكل على الدعاء لنفسه وللجميع بما يشاء.
5/ رمضان والقرآن: يقول الحق سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾. البقرة: الآية 185. لا يخفى على أحد منا ما لقراءة القرآن وتدبره من فضائل ومنافع ومكارم على المرء في حياته الدنيوية والأخروية. فننصح باغتنام الشهر الفضيل بعقْد مجلس أسري في كل بيتٍ يُقرأ فيه القرآن الكريم ويقوم الأب أو الأم أو هما معا بتعليم الأبناء القراءة والحفظ إن كانوا صغارا، مع الوقوف على دلالات الآيات. وإن كان الأولاد كبارا، يُنصح بأن يجتمع الجميع حول مائدة قرآنية يتدارسون فيها آي القرآن الكريم ومعانيها، ويتعاونون فيما بينهم على ختْم السُّلك القرآنية الرمضانية اغتناما للأجر والثواب، وترسيخا لسُنة قرائية مباركة لبقية شهور السنة، حتى تصبح عادةً دائمةً يُفترض ترسيخها داخل كل أسرة مسلمة في شهر رمضان وغيره. وحبذا لو تُعقد مع مجلس القرآن هذا حصص لتعلم أفراد الأسرة أحكام الدين والتعرف أكثر على سيد المرسلين، ومن بعثه الله بشيرا وشفيعا، سيدنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأزكى التسليم، من خلال مدارسة كتب الفقه المبسطة والحديث النبوي والسيرة النبوية الشريفة… وإن كان الوالدان أمِّييْن، فهذا لا يمنعهما من التوجيه الصحيح لأولادهما نحو العلم والمعرفة، خاصة وأن هناك برامج تعليمية وتوعوية قيِّمة يُرجى الإقبال عليها للاستفادة منها قدر المستطاع، يؤطرها علماء أجلاء بطريقة مبسطة تستهدف الشريحة الأوسع من المجتمع.
6/ رمضان والطعام: يصاب الناس مع مقدم شهر رمضان المعظم بحالة من الهلع والجشع، وكأن رمضان جاء لتنظيم منافسة في الإكثار من الطعام والشراب، والتفنن في الطِّباخة والطِّعامة، وتقديم صنوف الوجبات والحلويات والمملحات… وهذا مناف لما شُرّع له الصيام أصلا. لذلك يجب على قطبي الأسرة كل من الأب والأم تذكير أولادهما بماهية الصيام وحثهم على التقليل من الأكل والشرب تحقيقا لمقاصد الشهر الفضيل، مع اغتنام الفرصة لتعليمهم آداب وأحكام الطعام من حيث الأكل باليمين ومما يليهم، وتذكيرهم بتحريم الإسراف وضرره على أجسادهم، ومنعهم من الإطالة في تناول الإفطار حتى لا تفوتهم صلاة المغرب جماعة. وعليهما أيضا أن يعلماهم الاقتداء بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعجيل الإفطار وتأخير السحور. ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر، وأخروا السحور[5]«. وفي هذا الحديث الشريف تظهر الرأفة المحمدية بأمته في أدق تفاصيل الحياة الرمضانية، شأنه عليه السلام في كل مناحي الحياة. ولذلك وجب على الوالدين أن يُقنعا الأولاد أيضا ببركة السحور ودوره الحيوي في تقوية جسم الإنسان على الصيام وبقية الطاعات. وختاما لنقطة الطعام في رمضان، لا يليق بالزوج أن يُثقل كاهل الزوجة بإعداد ما لذ وطاب من الأكل، وإنما عليهم جميعا الاكتفاء بالضروري منه حتى يتفرغ الجميع للعبادة والراحة أيضا تهيئا لها، وإن كانت الزوجة مأجورة أجرا عظيما على ما تقوم به في المطبخ بنية إفطار من بالبيت من الصائمين وإسعادهم. كما يجب على الوالدين أن يشركا الأولاد في إعداد المائدة وما يتبعها حتى يجعلانهم يحسون بتعب الآخرين خاصة الأم والأخت وزوجة المستقبل، فيقدرون تعب الآخرين ويرقون لحالهم.
7/ رمضان وأعمال البر والإحسان: يتجلى دور الوالدين هنا في أن يُوجها أولادهما إلى الإنفاق على الفقراء والمحتاجين من مصروفهم اليومي مهما كان المبلغ بسيطا، ويجعلا حالهما أبلغ من أقوالهما في التّصدّق أمامهم بالأكل والثياب والمال وغير ذلك، ويُظهرا سعادتهما من إسعاد الآخرين حتى يتمكنا من ترسيخ ثقافة التصدق لديهم وتثبيت قيم التعاون فيهم والإحسان إلى غيرهم. ولا ننسى تفقد الجيران والطلبة الغرباء كذلك… فشهر رمضان الكريم شهر الإكثار من الصدقة. وقد أمر الله تعالى بها في آيات كثيرة لبيان أهميتها وفضلها. قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ البقرة: الآية 276، وقال سبحانه: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ سبأ: الآية 39، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجودَ الناس، وكان أجودُ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارِسُه القرآن، فلَرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أجودُ بالخير من الريح المرسلة».[6] (رواه البخاري ومسلم).
وفي سياق أعمال البر والإحسان في رمضان، تنتشر ظاهرة السلة الرمضانية والإفطار الجماعي (وهي أعمال تقوم بها بعض الجمعيات وبعض الأسر الميسورة)، فحبذا نشرك الناشئة والشباب في القيام بها حتى تنمو فيهم بذرة العمل الإحساني منذ الصغر، فيشبوا على تعاليم دين الرحمة والتراحم. كأن نجعلهم يرصون مواد السلة أو يوصلون الإفطار لبعض الأسر المتعففة … وقد عاينت من أثر ذلك على الشباب ما حذا بهم إلى إنشاء جمعيات شبابية تقوم بمثل هذه الأعمال الموسمية في رمضان وغيره.
8/ رمضان وليلة القدر: من جلال شهر رمضان المعظم أن خُص بليلة هي واحدة من أعظم الليالي عند الله وهي ليلة القدر. يقول الحق سبحانه: ﴿اِنَّا أنزلناه في ليلةِ القدْر، وما أدراكَ ما ليلةُ القدْر، ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهْر. تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ فيها بإذنِ ربِّهمْ من كلِّ أَمْر، سلامٌ هيَ حتى مطلعِ الفجْر﴾. الفجر: الآيات 1 – 5. وهذه الليلة أخفاها الله سبحانه وتعالى وأشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بكونها في العشر الأواخر من رمضان وخاصة الليالي الوترية منها. لذلك يتعين على الوالدين إخبار أولادهما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في العشر الأواخر “يحيي ليله ويوقظ أهله“، وبما أنه عليه السلام قدوتنا، فينبغي أن نرى فيما ذكرنا دلالة على أن الأسرة يجب أن تهتم باستغلال الشهر الفضيل في كل أعمال الخير التي ترضي الله سبحانه وتعالى، ويجب عليها أن تجتهد أكثر في العشر الأواخر حرصا على مصادفة ساعات الإجابة والظفر بها والتي يفترض أن تبلغ ذروتها ليلة القدر العظيمة. فعلى الزوج أن يوقظ زوجته كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يعملان معا على إيقاظ أولادهما للقيام بما يجعلهم جميعا على بساط القرب مع الله عز وجل. فالمسلم ينتظر هذه الليلة لكي ينال رضى الله تعالى ومغفرة الذنوب والآثام ومضاعفة الأجر من الله الكريم… فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ».[7]
وبقي أن نلفت الاهتمام إلى جميل الأثر الذي يتركه تشجيع الوالدين لطفلهما أو طفلتهما على صيام ليلة القدر لأول مرة في العمر خاصة إن كان الحدث مصحوبا بحفل يحتفي بتوفيق الطفل أو الطفلة في إتمام الصيام حتى آذان المغرب، مما يحفز الناشئة على تكرار المحاولة مرات أخرى حتى يحبب إليهم الصيام بطريقة تدريجية يكون لها أثر المطر الخفيف على الأرض والزرع.
9/ رمضان وتدبير الوقت: رمضان هدية الرحمان الرحيم لعباده لِما له من فضائل عظيمة دنيوية وأخروية على الفرد والمجتمع. ولذلك ينبغي استغلال أيامه وساعاته ودقائقه فيما يعود بالنفع على صحائفنا التي سترفع يوم القيامة. نحن راحلون، وينبغي أن تسبقنا أعمال تشفع لنا وعلى رأسها حسن تربية أبنائنا وبناتنا، فهم بمثابة صدقاتنا الجارية في المجتمع. ورمضان فرصة الجميع لتلقين هؤلاء الأبناء والبنات أصول التربية الصحيحة، وتنبيههم إلى أننا سنحاسب على الوقت فيما قضيناه أو ضيعناه، خاصة وقت رمضان الذي تتضاعف فيه الأجور والحسنات. ولهذا، يجب على الوالدين أن يحترسا مع أولادهما مما أصبح يعرف اليوم ب”لصوص رمضان” وهي كثيرة كالبرامج التلفزية التافهة والمسلسلات الخادشة للحياء الفقيرة لأي محتوى بناء، والمكالمات الهاتفية الفارغة، ومجالس اللهو والنميمة والغيبة الخالية من ذكر الله، وكثرة ارتياد الأسواق للتسوق الزائد والبحث عن تخمة الأكل وما يتبعه… وغيرها كثير، ولعل أخطر هذه اللصوص على الإطلاق مواقع التواصل الافتراضي التي سلبت عقول أبنائنا وبناتنا وساهمت بشكل كبير في انهيار المنظومة القيمية والأخلاقية. كما يجب على الوالدين منع أنفسهما وأولادهما من السهر من غير فائدة تذكر، وأخذ الراحة بدلا من ذلك تزودا بالقوة والاستعداد للطاعات التي تحتاج الجهد العضوي والمعنوي.
الشق الاجتماعي: وهو شق تتحكم فيه العادات والتقاليد السائدة. وهي منظومة لا تقل أهمية عن المنظومة الدينية لكون هذه الأخيرة تشكل مصدرا من مصادرها الأساسية التي تغذت منها وتقوت بها عبر مرور القرون وتعاقب الأجيال. لذلك، وجب على الأسرة خاصة الوالدين التنبيه لها والتوعية بها وبأهميتها وبمنافعها العائدة إيجابا على الفرد والمجتمع لما تتضمنه من قيم جميلة وراقية. ومن تلك القيم على سبيل المثال لا الحصر:
1/ قيمة التواصل: على الوالدين أن يشكلا قدوة ونموذجا يحتذى من طرف أولادهما رجالِ ونساءِ المستقبل في التواصل الذي يرافق مقدم الشهر المبارك. وهذه القيمة تترجمها مظاهر اجتماعية متعددة منها:
تقديم التهانئ والتبريكات: للأهل والجيران والأحباب، وهذا مُجتمِعاً مما يقوي الأواصر ويزرع المحبة والإخاء بين الجميع، ويترك انطباعا بهجويا لدى الكل. وتتم هذه العملية غالبا بارتداء جلابيب جديدة تعد خصيصا لهذه المناسبة كل حسب استطاعته. وتنسحب هذه الاستعدادات حتى على الأطفال، فتراهم يلبسون جلابيب ملونة ومزركشة تتماشى مع سنهم، يفرحون بها غاية الفرح. وقد يذهبون بها إلى المسجد للصلاة رفقة والديهم.
صلة الأرحام: وهي قيمة من القيم في حد ذاتها، وأعظم بها من قيمة. وهي قبل ذلك وجه من أوجه التواصل الواجب والمفروض علينا. أوصى بها ديننا الحنيف وأكد عليها تأكيدا كبيرا. وهذا مدعاة لتنبه الوالدين إليها وحث الأولاد على التخلق بها، فيحرص الوالدان على اصطحاب الأولاد لزيارة أجدادهم وخالاتهم وأخوالهم وعماتهم وأعمامهم وكل من يقوم مقامهم، منبهين أولادهما إلى أن ما يسمى بالتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنما هو تضليل في حق التواصل الحقيقي وتغييب له. فلا يمكن للتواصل الافتراضي أن يقوم مقام التواصل الحضوري الذي تُسقى به الأرواح قبل الأشباح، ويخلف مودة من فعل المسرات والأفراح، تشكل طاقة إيجابية تعود نفعا على الجميع… ويمكن أن أدرج هنا نوعا آخر من التواصل يقع بين الأحياء ومن نحسبهم أمواتا، وهو ما يحدث عندما نذهب لزيارة من سبقونا باللحاق بالرفيق الأعلى رحمهم الله جميعا، وأسدل عليهم سرابيل الغفران والرضوان. ففي رمضان الأبرك بالخصوص، نحِنُّ لمن سبقونا إلى الدار الآخرة، وخاصة ليلة القدر العظيمة، حيث يتزاور الأحياء مع الأموات بأعداد غفيرة. وهنا، ينبغي على الأسرة أن تستغل المناسبة وتصطحب الأولاد إلى المقابر بعدما تلقنهم آداب الزيارة وأخلاقيات المقابر ومنافع ذلك التزاور الدنيوية والأخروية.
وعلى ذكر ليلة القدر، فكما أنها عظيمة من حيث عظَّمها الله سبحانه وتعالى، فكذلك نجدها عظيمة معظمة في المظاهر الاجتماعية لدى المغاربة قاطبة، حيث يستعدون لها بالملبس الجديد والمأكل الذي يكاد يكون واحدا في كل الجهات، إذ يكون عبارة عن قصع الكسكس المختلفة والتي توزع حتى في المساجد، وقد أخذت زينتها هي الأخرى في الليلة العظيمة، وحيث يلتف حولها الناس ويتقاسمون لحظة الطعام بعد الانتهاء من صلاة التراويح والتي تكون ركعاتها زائدة على العدد المعتاد في باقي الليالي. كما تشهد الأسر المغربية ليلة القدر جوا احتفاليا جميلا خاصا بالأطفال الصغار الذين تفوقوا في الصيام لأول مرة في تلك الليلة: فيلبسون أحسن الثياب وتُزين البنت الصغيرة كما تُزين العرائس، ويسقون الحليب والتمر على أدرج السلالم الخشبية أو الحديدية المزينة بالورود والياسمين والأشرطة الملونة، وسط جو تعلو فيه الأصوات بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطريقة المغربية المعروفة متبوعة بالزغاريد، كل ذلك فرحةً بصيام هؤلاء الأطفال الصغار، وتشجيعا لهم على الاستمرارية والمثابرة. وفي هذا تلقين دين وتربية ذوق وجمال أيضا.
2/ قيمة التعاون: وهي قيمة أخلاقية عظيمة وضرورية لخلْق التكافل الاجتماعي بدءا من الأسرة الصغيرة فالأسرة الممتدة وصولا إلى الجيران والأهل والأحباب كذلك. وقد راعيت هذا الترتيب لمنطقه:
فالمقصود بالتعاون داخل الأسرة الصغيرة مثلا: أن يتفطن الزوج لكثرة أعباء زوجته وهي في شهر رمضان الذي يُفترض أن يُستغل وقته في العبادات كالصلاة والذكر والقرآن، لا أن يصبح مناسبة للإفراط في الشهوات وما يتبع ذلك من هدر وقت ثمين تضيع معه الحسنات المضاعفة والأجر الكبير. إذن، على الزوج أو الأب أن يكون قدوة لأبنائه في التعاون مع الزوجة / الأم والتخفيف عنها توعية بضرورة العمل الجماعي داخل الأسرة حتى يستفيد الكل من وقت رمضان الثمين.
والمقصود بالتعاون مع الأسرة الممتدة والجيران والأهل والأحباب تقديم العون لهم على مصاريف رمضان، خاصة وأننا خارجون مثقلين بتبعات ما خلفته جائحة كورونا على المستوى الاقتصادي للأسر؛ فجميل جدا أن نكلف أبناءنا بإيصال بعض المساعدات – كل على قدر طاقته – لمن ذكرنا من باب “في المقربين أولى” ومن باب “كثرة ما وصى الرسول الكريم على الجار” ومن باب “قضاء حوائج الناس” وأنها من أعظم المبرات… غير أننا نجعل مما ذكرنا مناسبة سانحة لتعليم أولادنا معاني مساعدة الغير، وكيفية إدخال السرور على إخواننا في الدين. وهنا تجدر الإشارة إلى ظاهرة اجتماعية رمضانية وهي أن المجتمع المغربي في رمضان يقوم أفراده بتقديم العون خارج الأسرة الصغيرة والممتدة، فيشمل فئات أخرى يكون ظهورها وعملها مرهونا بشهر رمضان الكريم فقط كالنفار والغياط والطبال والمشفعين المتناوبين على صلاة التراويح، خاصة وأن أغلبهم يكون من خارج الحي أو من خارج المدينة أصلا. فترى الناس يبعثون بالإفطار لهم في المساجد، ويجمعون المال وزكاة الفطر مساعدة لهم على مصاريف العيد…
3/ قيمة التسامح: قد تقع للإنسان مشاحنات مع بعض الأشخاص بسبب الحقد أوالحسد أوالغيرة أوالكراهية وما إلى ذلك من النواقص والرذائل أعاذنا الله منها ومن شرورها. وقد يتحول الإرث أيضا إلى سبب من أسباب الخلافات العائلية تصل أحيانا إلى قطع صلة الأرحام بين أفراد الأسرة، وقد يكونوا إخوة وأبناء عمومة أو خؤولة. وقد يحدث أيضا نفور بين بعض الجيران أو زملاء الدراسة والعمل بسبب غيبة أو نميمة. فالإنسان في هذه الحياة المتقلبة معرض لمواقف عصيبة. وشهر رمضان الكريم هو شهر الغفران يغفر فيه الحق سبحانه لمن يشاء من خلقه. فلِمَ لا نجعله نحن أيضا مناسبة للصفح عن الناس والسعي بينهم لإصلاح ذات البين؟ أو لقضاء الديْن عن المديونين لمن لهم القدرة على ذلك؟ وفي ذلك خير كبير للمُعطي قبل الآخِذ. والجميل أيضا أن يلعب الوالدان أدوار القدوة لأولادهما فيما ذُكر سعيا منهما لتنشئة الأولاد على المودة وحب الخير للناس أجمعين ومقت النواقص التي قد تصيب الإنسان فتلوث فطرته الإنسانية النقية بصفات شيطانية تنشر الشر والتفرقة والضغينة.
4/ القيم التربوية التعليمية: وهي قيم موجودة دائما ولله الحمد، غير أنها تزداد في رمضان الأبرك بواسطة المساجد والزوايا وبعض الجمعيات الهادفة. والمقصود بذلك تنظيم المؤسسات المذكورة لبرامج خاصة بشهر رمضان المعظم تهم تحديدا تحفيظ القرآن الكريم ومجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة، وتنظيم مسابقات فيهما تستهدف الأطفال والشباب، وترصد لذلك جوائز تحفيزية مادية ومعنوية. وفي هذا الباب، يتعين على الوالدين تشجيع أولادهما على المشاركة في مثل هذه البرامج الهادفة التي تحفظ لنا من خلال فلذات أكبادنا مقومات ثوابتنا وركائز هويتنا المتجذرة.
إن الحديث عن موضوع “دور الأسرة في رمضان” ذو شجون، لأن الموضوع متشعب يجر بعضه بعضا لتعدد أدوار الأسرة داخل المجتمع بصفة عامة، وفي شهر رمضان بصفة خاصة. حاولت لملمة بعض شتاته بالتركيز على أهم النقاط المتعلقة بالشقين الديني والاجتماعي اللذين يبينان على أرض الواقع ما يمكن تسميته “تحول العادة إلى عبادة” مع التذكير بتداخلهما وترابطهما ارتباطا وثيقا قد يصل في بعض الأحيان حد التماهي.
[1] – صحيح ابن ماجة: الحديث رقم 1340
[2] – ابن خزيمة: الحديث 3/ 342، – الترمذي: الحديث رقم 3545، – الإمام أحمد: الحديث رقم 7451
[3] – صحيح البخاري: الحديث رقم 1894
[4] – صحيح البخاري: الحديث رقم 1960
[5] – السخاوي (الجواهر والدرر): الحديث رقم 2/ 634
[6] – صحيح البخاري: الحديث رقم 6، – صحيح مسلم: الحديث رقم 2308
[7] – صحيح البخاري: الحديث رقم 1901، – صحيح مسلم: الحديث رقم 760
د. لطيفة الوزاني الطيبي