راكمنا منذ فجر الاستقلال السياسي للبلاد أخطاء في ملف تدبير وحدتنا الوطنية والترابية تولدت عنها انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان .. ولكن ليس من أخلاق المواطنة دفن حسناتنا ؛ ففي السنوات الأخيرة ـ وفي سياق دولي داعم ـ انطلقت دينامية وطنية جديدة ، من ملامحها :
ـ ملاءمة منظومتنا الوطنية القانونية مع المعايير الدولية..
ـ استحداث آلية لتصالح المغاربة مع ذواتهم ؛ ونعني بها أساسا هيأة الانصاف والمصالحة ، وما أنجزته من عمل فريد بعد انكبابها على معالجة تركة ثقيلة من عنف وعنف
مضاد..
وفي موضوع النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بمتعلقاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية أنجزت تحقيقات وتقارير ومشاريع تم وزنها بميزان الذهب ؛ لكونها نقلات نوعية فتحت آفاقا لبناء مواطنة كاملة..
ومن نكد الدهر أن لنا مع الأوليغارشية العسكرية الجزائرية تاريخا حافلا بالصراع والصدام ، وأبرز عنوانه هو الابقاء على وضعية حصار المواطنين الصحراويين المغاربة في تندوف والذين يتعرضون لأبشع صور الاستغلال والتعذيب ..
في موضوع الصحراء المغربية يتعين التذكير بجملة حقائق :
ـ استرجع المغرب صحراءه في اطار تصفية الاستعمار ؛ الذي بدأه مع اسبانيا سنة 1956 باسترجاع جهة الشمال ( دون سبتة ومليلية وباقي الجزر )
ـ استرجع طرفاية وطانطان سنة 1958
ـ استرجع سيدي افني سنة 1969
ـ استرجع صحراءة الممتدة سلميا وطبقا للقانون الدولي سنة 1975
وأما مقترح ” الحكم الذاتي ” الذي أحدث رجة كبرى في أوساط خصوم وحدتنا الوطنية الترابية ـ نظرا لجديته وواقعيته ومصداقيته ـ فما زال في حاجة لتعميم الفائدة به ومناقشته من طرف فاعلين سياسيين وحقوقيين لكونه مادة أولى من مواد ” بناء المواطنة “.
لا يرتاب المتابع المهتم أن أسس مشروع ” الحكم الذاتي ” مؤصلة في الفكر الانساني والفلسفي والسياسي والحقوقي والقانون الدولي ؛ فالمادة السادسة من الاعلان 14 / 15 الصادرعن الجمعية العامة مثالا لا حصرا ـ تؤكد على جانبين أساسيين هما :
- الحفاظ الوحدة الاقليمية للدولة
- الحفاظ على الهوية اللغوية والثقافية
وهذا يعني بوضوح كامل أن مشروع ” الحكم الذاتي ” مؤصل / ممتد ؛ مفتوح لاندراجه في ” الهوية الموسعة ” انسجاما مع منطوق ومفهوم دستور البلاد لسنة 2011 ؛ وليس الهوية الضيقة كما يسعى لذلك بعض أصحاب مصالح مريبة ونظر وافد..
كما أن مجلس الأمن في قراره 1783 بتاريخ 31 اكتوبر 2007 أوصى بمساعدة الطرفين على التوصل الى حل سياسي ضامن لتقرير المصير ؛ بما يتماشى وميثاق الأمم المتحدة ؛ خاصة ما يتعلق ب :
- السيادة الوطنية
- الوحدة الاقليمية..
والملاحظ في هذا السياق أن مجموعة من النزاعات الدولية النظيرة قد تم التوصل فيها لحلول تفاوضية سلمية ؛ فمن أصل 55 حالة حسم في 50 استنادا لأخلاق السلم..
نحن المغاربة ـ من طنجة الى الكويرة ـ في حاجة لعمل تعبوي واسع مجمع ملتف حول مشروعنا ؛ مشروع ” الحكم الذاتي ” ترسيخا لقواعد حكامة سياسية جديدة تنبني على مصالحة وانصاف ، ورؤية اصلاحية شمالة من محيط مركزي الى محيط أرحب ؛ محيط دولة الجهات تحت القيادة الرشيدة لملك البلاد.