بدعوة كريمة من رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري حفظه الله حظيت بتقديم كتاب ” فتح الرحمن الرحيم في فهم القرآن الكريم ” للعلامة المرحوم محمد العربي الخطيب (ت 1400هـ-1980م) عناية وتقديم وتخريج الدكتورتين مليكة هرندو
و زاهية أفلاي، ضمن منشورات المجلس العلمي المذكور .
اعتنى هذا الكتاب بتفسير القرآن الكريم بما يتطلبه من بحث في معانيه ومبانيه، وإجماله وتفصيله ، وحقيقته ومجازه ، وما يفتحه من آفاق حجاجية واستدلالية وبرهانية واعتبارية..
تميز هذا الإصدار بتقديم للأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري ضمنه :
. تنبيها إلى أن التفسير من العلوم التي اعتنى بها المسلمون من أجل التبليغ والإقناع، مع نبوغ واضح لعلماء المغرب ومشاركة نفيسة للفيف مبارك من علماء شمال المملكة، وما تفتحه هذه الحقيقة من آفاق لبذل مزيد من الجهد للتعريف بالغميس في مكتبات.. وتعميق الاهتمام بتراث نوابغ حاضرة تطوان..
وعلاقة بهذا أشاد بجهد الدكتورتين مليكة وزاهية على حسن تخريجهما لمؤلف المرحوم العلامة محمد العربي الخطيب تخريجا اعتمدتا فيه على بيان أسانيد، وإثبات صحة، واعتماد توثيق، وترتيب مضمون، وإفادة تصدير.. وغير ذلك مما يشهد بكفاءتهما العلمية
. بيانا بيوغرافيا عن صاحب التفسير من حيث نسبته، وتربيته، ومشيخته، وارتباطه بسياقات فكرية واجتماعية في العالم الإسلامي وتشبثه بمنزع إصلاحي دفاعا عن قيم بانية.. وربط ذلك كله بمهمات تدريس وتأليف وعدالة وخطابة..
وأما مقدمة المحققتين فتناولت :
. إلماعا إلى ما بلغه علماء تطوان من درجات رفيعة في الدرس التفسيري..
. إشارة إلى كون تفسير العلامة المرحوم محمد العربي الخطيب مشروعا غير مكتمل..
. تنبيها على أن أصول تفسيره هي تدوينات، ومذكرات دروس.. وخلاصة مذاكرات في مساجد وجوامع..
. ترجمة مفصلة لحياته..
. تعريفا بالمؤلف من حيث : تحقيق نسبته ، ودواعي تأليفه، ومصادره، ومنهجه، ووصفه..
وإذا كان تفسير القرآن الكريم قد تعددت مناهجه بين تفسير بالمأثور (استنادا إلى مرويات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعيه) وتفسير بالمعقول اعتمادا على نظر وفكر وتدبر وتعمق في المعاني القرآنية.. وتفسير ذي صلة بأهداف فقهية أو بيانية أو إشارية أو تفسير القرآن بالقرآن.. وغير ذلك مما فصل في معاجم ومصادر ومراجع (كتاب التفسير والمفسرون للذهبي مثالا لا حصرا)، فإن العلامة المرحوم محمد العربي الخطيب اختار منهاجا أثريا سلفيا بحكم نشأته وبزاد شيوخه في تطوان وفاس والقاهرة اعتصاما بمكان أمن واتقاء لمخاطر..
وقد حدد د. المنتصر الريسوني في كتابه “معجم المفسرين بتطوان” منهجية تفسير العلامة محمد الخطيب في :
. شرح الكلمات
. تقرير المعنى
. الاستطراد
. تفسير القرآن بالقرآن
. تفسير القرآن بالحديث
. تفسير القرآن باقوال الصحابة
. تفسير القرآن بأحوال التابعين
وهذه المكونات التفسيرية هي خلاصة أثر انجذابه لمدرسة الشيخ محمد رشيد رضا).
وقد أشار العلامة المرحوم محمد العربي الخطيب إلى أن المقصدية التي وجهت انتقاء العنوان الذي اختاره لتفسيره هي :
– “إمداد من الله سبحانه وتعالى للعبد باتساع دائرة فهمه وصلاحه واستقامته واصابته ؛ معبر عنه بالفتح الذي هو رحمة من الله.. ».
– “من توجه لفهم كلام الله بالاستناد لفهم رسوله الكريم وصحابته الكرام والسلف الصالح يمده الله سبحانه بفتح من مقتضى رحمانية ورحيمية.. والحمد لله على كل حال ».
عبد اللطيف شهبون