كلما هلَّ العيد، وأعددتُ عُدتي لصلاة العيد، أجدني أترحم على مصلَّى العيدين، الذي شُيد على أنقاضه المسجد الحالي المسمى باسمه، هذا المكان الذي ألفنا التوجه إليه في عيد الأضحى لنردد مع المرددين: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا، اللهم اجعلنا من الشاكرين”، ولنصلي صلاة العيد، ولننصت إلى الخطيب، ونردد معه بين فقرات الخطبة: “الله أكبر”، نرددها بخشوع، وبصوت مسموع.
من الخطباء الذين أذكرهم، القاضي الشرعي الفقيه محمد المرابط الترغي، والأستاذ الجليل إسماعيل الخطيب رحمهما الله، فقد كنت أجد في خطبهما لذة ومتاعا، وفائدة ونفعا.
وكنا نتوقع أن يفكر المسؤولون في توسعته، كما كنا نتوقع حين قسمت المدينة -في فترة من الفترات- إلى بلديتين، التفكير في إضافة فضاء ثان يحمل مواصفات المصلى بجهة من جهات تطوان.
ولكن المسؤولين عن الشأن الديني كان لهم رأي آخر، هو اجتثاث المصلى، ومحوه من خريطة المدينة، بحجة عدم استيعابه لأفواج المصلين، وبحجة إقامة مسجد مكانه.
وترانا حين نصمم العزم على الإجهاز على معلمة من معالمنا الحضارية، نسارع إلى التنفيذ، خوفاً من حماة التراث، والمهووسين بالقديم.
هذا ما كان سيقع في حق ملعب سانية الرمل، وهذا ما كان سيقع في حق مطار تطوان، وهذا ما يفكر فيه المتضايقون من كل ما يمت إلى تاريخ المدينة بِصلة.
والغريب أن الذين هدموا المصلى، لم يفكروا في البديل، بديل يكون في المستوى، تسييجاً وفرشاً وتجهيزاً، بديل يُشعر المصلين بأنهم في مكان مهيأ للصلاة قولاً وفعلاً.
وما نشاهده في حي المطار، لا يبعث على الرضا، فمن المصلين، من يفضلون الوقوف إلى جانب سياراتهم، يتبادلون الحديث فيما بينهم، انتظاراً للصلاة، ومن المصلين من لا يكلفون أنفسهم عناء سماع الخطبة، ومن المصلين من يعتبرون الأمر فُرجة.
اختلط الحابل بالنابل كما يقال، فلم نفكر في المصلَّيات التي ينبغي أن تتوزع على المدينة.
من المناظر التي رأيتها في صلاة عيد الفطر، منظر الخطيب وهو يغالب الرياح التي تريد أن تنتزع الورقة من يده، بل إن بعض المصلين كانوا يتخوفون من سقوط الخطيب لشدة الرياح وقوتها.
العبرة أيها السادة بالمكان، فإذا توفرت فيه الشروط، من سياج يحفظ للمصلَّى حرمته، ومنبر ثابت، وأشجار ظليلة، وفرش مفروشة، وزرابي مبثوثة، فهو مسجد منفتح على محيطه. وإذا لم يكن مؤهلاً، فسوف لا يوفر للمصلين الشروط الواجب توفرها في الصلاة الجماعية.
لذا أناشد المسؤولين عن الشأن الديني أن يفكروا في هذا الموضوع، ويأتوننا بالحلول.
مصطفى حجاج