ذاكرة حقوقية..
رسالة اعتراف
إنارة : اخترنا إعادة نشر هذه الوثيقة الحقوقية/التاريخية للمجاهد المرحوم محمد بن عبد الكريم الخطابي لما تحمله من دلالات وقيم إنسانية يؤطرها موضوعان رئيسان :
– الأول مرتبط بمشاركة نموذجية لطبيب نظامي هو السيد محبوب ابن المقدم السيد محمود الطنجاوي في حرب التحرير بالريف..
– الثاني متعلق بمسألة أسرى حرب التحرير المذكورة..
وفي نص هذه الوثيقة مؤشرات قضايا عامة تضفي طابعا متميزا على حركة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي من حيث التزامُها بضوابط أخلاقية وإنسانية في ملابسات أسرى الحرب بما يضمن حقوقهم..
وقائع رسالة/اعتراف المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ترجع إلى الربع الأول من القرن العشرين؛ حيث لم تكن منظومة القانون الدولي الإنساني- وهي أحد فروع القانون الدولي العام الهادف إلى حماية المتضررين عند نشوب حرب أو نزاع مسلح –
متبلورة بالقدر الذي يضمن ويصون حقوق المتحاربين؛ فحتى سنة 1929 لم يكن هناك تشريع دولي خاص بتحسين حال الجرحى والمرضى والعسكريين ومعاملة أسرى الحرب، كما أن حروب التحرير ظلت خارج نطاق القانون الوضعي حتى صدر البروتوكولان الإضافيان لاتفاق جنيف في يونيه 1977؛ خاصة البروتوكول الأول الذي يتضمن بابه الأول قاعدة تشوَّف إليها مناضلو الحركات التحريرية؛ وهذه القاعدة تنص على رفع حركات التحرير إلى درجة النزاع المسلح الدولي.
وبالجملة يمكننا أن نستخلص من رسالة المجاهد محمد بن عبد الكريم مبادىء تتماشى وروح القانون الدولي الإنساني وهي :
. عدم انتفاء مقتضيات الحرب التحريرية ومبدإ احترام الذات الإنسانية.
. بقاء الأسرى تحت حماية المبادىء الإنسانية وما يمليه الضمير العام.
. احترام سلامة الشخص الخصم الذي يُلقي السلاح أو لم يعد قادرا على القتال.
. عدم التمييز في عمليات التطبيب والمداواة والمواساة بين المسلمين وغير المسلمين.
. توفير الأمن والطمأنينة وعدم ممارسة الانتقام.
——
***
***
نص الرسالة/الاعتراف
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
محكمة تماسنت
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أننا بحول الله وقوته نعترف لحامله الطبيب النظامي السيد محبوب ابن المقدم السيد محمود الطنجاوي بحسن السيرة والجد في العمل مدة إقامته عندنا بالريف، ولقد قام بمهنته الشريفة التي خدم بها الإنسانية؛ من مداواة الجرحى وتطبيب المرضى أحسن قيام، بل ولقد تعدى نفعه حتى للأجانب من أسارى الحرب الذين وقعوا بأيدينا جرحى ووجبت مواساتهم حسبما تقتضي الإنسانية.
وبالجملة فالطبيب السيد محبوب كان وجوده بالريف رحمة للمسلمين وغير المسلمين، وما قصَّر في شيء مما أُنيط بعهدته.
ولهذا فإننا نعترف له بحسن المزية والسيرة المرضية اعترافا تاما، سائلين الله أن يجزيه عن عمله خيرا ، وله منا مزيد الاحترام ، وحسب الواقف عليه أن يعمل بمقتضاه والسلام.
وكتب بتاريخ 17 شوال عام 1334
محمد بن عبد الكريم الخطابي كان الله له
عبداللطيف شهبون
عضو المكتب الوطني ونائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان سابقا