هلّ هلال ربيع الأول، فأشرقت لطلعته الأنوار، احتفاء بمولد المصطفى المختار. وقد اعتادت الزوايا بتطوان، أن تقيم احتفالات دينية بهذه المناسبة المباركة.
وأول زاوية تفتتح هذه السلسلة من ليالي الذكر والمديح، الزاوية الكتانية، وذلك يوم السادس من ربيع الأول، من كل سنة، وقد وافق هذه السنة الثالث من أكتوبر 2022م.
في هذا اليوم، توافد المدعوون على الزاوية، ليؤدوا صلاة المغرب، ثم انطلق الحفل -على بركة الله- بتلاوة سورة المُلك، ثم مُهد للنصاب الأول من الهمزية، بالصلاة المشيشية، وخُتمت هذه الفقرة بقراءة المنفرجة، ليُفسَح المجال لصلاة العشاء.
الفقرة الثانية افتُتحت بأذكار، وتسبيح واستغفار، واختُتمت بالدعاء الناصري، وبينهما تُليت قصائد الأمداح النبوية، واستمتع الناس بسماع المولدية.
وكان مسك الختام، الدعاء لأمير المؤمنين، بالنصر والتمكين، وللمؤمنين والمؤمنات بالهداية والتوفيق، ولشيوخ الطريقة الكتانية وأتباعها بالخير العميم، وللمحسنين والمحسنات بالجزاء والأجر العظيم.
البرنامج بما فيه تناوُل العَشاء، استغرق ثلاث ساعات.
وحين أتصفَّحُ دفتر المولدية الذي كتبه الفقيه الذاكر محمد بن الهاشمي-رحمه الله- بخط يده، وأجد أن صفحاته بلغت السبع والثلاثين صفحة، أتساءل عن المدة الزمنية التي كانت تستلزمها قراءة كل هذه الصفحات.
لعل الناس آنذاك، كانت تطول لياليهم إلى غاية الفجر.
ولا زالت بعض الزوايا لحد الساعة، تسير على هذا المنوال، كالزاوية الكتانية بطنجة، أو الزاوية الحراقية بتطوان، مع وجود الفارق.
إنه الحب والولع بالذكر والسماع الصوفي.
قلت سابقا: إن أول زاوية تفتتح ليالي المولد، هي الزاوية الكتانية بتطوان، أو عموم الزوايا الكتانية بمملكتنا الشريفة.
وأحب أن أضيف أن آخر زاوية تختتم البرنامج، هي الزاوية الريسونية، فهذه تقيم ليلة رسمية، يحضرها السيد عامل إقليم تطوان، في أمسية الحادي عشر من ربيع الأول، وتقيم ليلة أخرى في التاسع والعشرين منه.
أما الزاوية التيجانية فتقيمها في سابع يوم المولد، بينما تقيمها زاوية البدويين في الواحد والعشرين من الشهر، وتحييها زاوية سيدي السعيدي في الخامس والعشرين منه.
وهناك زاويا التزمت بإقامتها في الليلة المشرفة على عيد المولد، كالزاوية الحراقية، وزاوية سيدي علي بركة، والزاوية القادرية.
رحم الله آباءنا وأجدادنا الذين ورثنا عنهم هذه السّنة الحميدة، وسرنا سيرتهم، عل الله يدخلنا في زمرتهم، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير مُحضرا.
مصطفى حجــــــــاج