يحاول سُجناء مغاربة “تبارك الله عليهم” المشاركة في الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس “كورونا”، من خلال صنع ما مجموعه 20 ألف كمامة يوميا، في مبادرة لافتة، حيث تعتبر هذه العملية طريقة لتأهيل السجناء لإعادة اندماجهم في المجتمع من خلال تلقينهم قيم التآزر والتضامن. ويحصل المشاركون كذلك على مكافآت مالية تحفيزية، بحسب عدد أيام العمل، لم تحدد قيمتها.وهذا ” خير وخمير، وفرته كورونا”. وبحسب تقرير نشرته وكالة ” فرانس بريس” للأنباء، فإن السجناء يفخرون بما يقدمونه، ويقول أحدهم بالمناسبة: “نشعر بالفخر، لأننا نؤدي نحن أيضا واجبنا تجاه بلدنا ولو وراء أسوار السجن”.كما أن من بين المشاركين في هذه العملية حرفيين سبقت لهم ممارسة الخياطة، قبل الاعتقال، مثل مصطفى، البالغ من العمر 54 سنة والذي يعرب عن سعادته بالمشاركة في مبادرة “تجعله فعالا في المجتمع” إذ يقول :” أنا أيضا لدي غيرة على بلادي “.وتوكل لمشاركين، حديثي العهد، بالتدريب على الخياطة “، مهام”تكميلية” مثل تقطيع الثوب وتحضيره لباقي مراحل التصنيع، فوق طاولة تتوسط الورشة، كما هو شأن “وفاء” البالغة من العمر 37 سنة والتي اختارت المشاركة في المبادرة قائلة : ” الأمر بالنسبة لي وسيلة لكي أطور مهاراتي وأكتسب خبرات جديدة.”
وهذا في رأينا ليس بأمر غريب، سواء بالمغرب أو بباقي بلدان العالم، لأن “كورونا” أقسمت بأغلظ الأيمان على تغيير مجموعة من الأمور والأشياء، فإذا كان الإنسان متراخيا متكاسلا، فإنه قد يصبح متحركا ومنشغلا بأمر ما، وإذا كان “معفونا”، فإنه قد يصبح نظيفا طاهرا، وإذا كان قاسي القلب ، عنيف السلوك، فقد يصير طيب القلب، سيالا للدموع…واضرب ما شئت من عجائب الأمثال وغرائب الأمور..
وتتيح هذه المبادرة، الخاصة بصنع الكمامات، لهؤلاء الموقوفين والموقوفات فرص الحصول على مكافآت مالية لفائدة السجناء في المندوبية العامة مقابل عمل، وفقاً لمدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة النزلاء بالمندوبية المذكورة. بدوره أشار مدير أحد السجون إلى معايير نتاج الكمامات حيث يقول إنها “مطابقة للمواصفات “، مؤكدا في الوقت نفسه على “الصرامة في تطبيق الإجراءات الوقائية المعتمدة داخل السجون”.
ودعت منظمات حقوقية، منذ بداية الأزمة خلال شهر مارس الماضي، إلى العفو عن سجناء، لتجنب مخاطر تفشي المرض، خصوصا في ظل مشكلة الاكتظاظ الذي تعانيه السجون المغربية، حيث تخصص مساحة 1,2 متر مربع لكل نزيل، مقابل 3 أمتار مربعة بالنسبة للمعايير الدولية، بحسب تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات.وكان قد تم الإفراج، مطلع أبريل الماضي، عن أكثر من 5 آلاف سجين، بموجب عفو ملكي، لتقليل مخاطر انتشار الوباء داخل مراكز الاعتقال.
• محمد إمغران