غبنا عن بعضنا مدة ليست بالقصيرة نتيجة انغمار كل منا في شأنه الحياتي الخاص..
كانت فضاءات رباط الفتح شاهدة على لقاءاتنا الحقوقية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي بحمولاتها العنفية..
كنا نختلف في تفسير وتحليل وتاويل نوازل حقوقية..ثم نؤوب إلى تغليب منطق الإقناع لكوننا من أرومة دافعت عن ” سياسة الحقوق وليس حقوق السياسة ” كما يحدث اليوم وقد حذرنا من ذلك على يد أستاذنا المرحوم سيدي عبد الله الولادي ، وهو من هو في المشيخة الحقوقية بالمغرب وخارجه..
التقيت بصديقي بعد طول غياب مساء الثلاثاء المنصرم في مكتبة برباط الفتح.. فرحنا بهذا اللقاء غير المتوقع ، والح علي أن نجلس في مقهى قريب لاسترجاع نوستالجيات حقوقية جميلة..
أشهد أن سمت صديقي ما زال كما هو ، رغم تجاوزه السبعين عاما ، ما زال مليح الحديث ، قائما على ا
مدونات حقوقية / حقانية.. مضطلعا بمشكلاتها العامة والخاصة ، أنيس المجلس ، كثير الحكايات ، مغرما بنوادرها وأعاجيبها..
طلب مني صديقي تقويم أداء المنظمة المغربية لحقوق الانسان، وقد ساهمنا في تاسيسها مع لفيف مقرون مترجم لنبوغ مغربي في الشأن الحقوقي..
قلت له : لقد وجه إلي
هذا السؤال في مناسبات عدة داخل المغرب وخارجه ، ولكن من باب الإشارة لا التعبير أقول لك :
كان ولادة المنظمة كما تعلم قيصرية.. لكنها تمكنت من إعداد مناخات سوسيوثقافية رائدة لتثبيت أسس وقيم حقوق الإنسان، منزهة عن الفصول والغايات وانماط الريع المستشرية..
وقد عمل المنتخب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الانسان على استحداث أطر وآليات قانونية وتنظيمية كفيلة بتفعيل ثقافة حقوق الإنسان درءا لكل انتهاك او تجاوز او تعطيل او تناور او تجاوز لعالمية مبادىء وقيم حقوق الإنسان ومراعاة لخصوصيات بلادنا..
قام الجيل الأول والثاني للمنظمة بأعمال جليلة في مجال الرصد والمراقبة واعداد التقارير الموضوعاتية وملاحظة الاستحقاقات ..
قال لي صديقي :
وهل تتذكر دفاع المنظمة على المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان ؟
قلت له : طبعا اتذكر ، ودفاع المنظمة على أهمية عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان مرده اقتناعها بأهمية هذه المؤسسات ، وكونها ركنا للحماية والنهوض والتحسيس ومعيارا لتقويم مدى احترام وتطبيق الدولة لقيم حقوق الإنسان..
لقد دعمنا في المنظمة مسرى استحداث نمط هذه المؤسسات في بلادنا ؛ تفعيلا لبرامج في مجالات تشريعية ووتربوية وتعليمية وتوثيقية واعلامية .. وكان للمنظمة – على سبيل المثال – ممثلان في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ؛ ايمانا منها بكون تزايد الاهتمام بحقوق الإنسان عالميا وما راكمته برامج النهوض بثقافة الحقوق من مكتسبات في مختلف الدول ؛ سواء تلك التي عانت او ما زالت تعاني من انتهاكات وعنف ..او التي ظلت محكومة بإغلاق شديد او بصمت وكمان غير مبررين..
العقل المدبر لعمل المنظمة المغربية لحقوق الانسان كان عقلا حقوقيا أخلاقيا نموذحيا .. عقلا عمل على اجراة ” سياسة الحقوق لا حقوق السياسة ”
فانظر تجد..
د. عبد اللطيف شهبون