شهادة فاطمة عبد الله أباعقيل عن المجاهد عبد الرحمان اليوسفي :
” قول وفي ؛ ترحما على سيدي عبد الرحمن اليوسفي ”
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
حمدا لله الأحد في ذاته..
حمدا لله الواحد في أسمائه..
حمدا لله بمطلق مقتضيات شؤونه..
وأشهد أن لا اله الا الله ؛ لا موجود سواه ..
وأشهد أن محمدا المخصوص بجامع محامده..
وبعد ،
فهذه كلمة عزاء ووفاء أكتبها نيابة عن أسرتي ؛ وعلى رأسها زوجي دحمان الدرهم ، ونيابة عن عائلتي الباعقيلية ، التي كانت لها ، وما زالت أواصر تقدير ومحبة لمجاهد فذ هو المرحوم سيدي عبد الرحمن اليوسفي.
سيدي عبد الرحمن توأم روح والدي..
تلقيت بحزن كبير نبأ وفاة سيدي عبد الرحمن اليوسفي بالدار البيضاء ، وأنا في باريس، فأرجعتني ذاكرتي لما كنت أسمعه من والدي المرحوم سيدي عبد الله أباعقيل ؛ توأم روح المرحوم سيدي عبد الرحمن اليوسفي زمن صحبة وقادة بقيم وفاء ، وحكمة ، وتواضع ، وعفة ونزاهة ، وصمود ، وحب الوطن.. وعمل مقاوم مسلح ضد المحتل..
وقد عاشا سويا تجربة فريدة في طنجة التي حولاها لقاعدة سلاح رجال المقاومة وجيش التحريرمن شمال البلاد حتى عمقها الصحراوي ، خلال سنوات أولى من العقد الخمسيني للقرن الماضي..
فاطمة الفحصي أم مثال..
والدة المرحوم سيدي عبد الرحمن كانت نموذجا حيا لأمومة مثالية ، رغم ظرفيات ووقائع.. فرضت عليها تحملات جمة ؛منها فقدانها لثلاثة أبناء.. ثم صبرها المديد على غياب ابنها في المهجر الفرنسي..وقد عاشت المرحومة فاطمة الفحصي ؛ والدة سيدي عبد الرحمن في منزلنا سنين عديدة عوضت بها بعضا من خصاصها الوجداني..
تراث أخلاقي..
انتقل المجاهد سيدي عبد الرحمن لدار البقاء مخلفا تراثا أخلاقيا عزيز النظير.. في مجالات :
- عمل سياسي نبيل ؛ سواء في الحقل الحزبي أو في المسؤولية الرئاسية للحكومة..
- عمل مقاوم / مسلح في طنجة ، وفي مجموع تراب الوطن مع نخبة كريمة..
- عمل حقوقي منطلق من المغرب وممتد في دول المغارب وأقطار عربية وبلدان أجنبية..
- عمل اعلامي موجه للنهوض وخدمة الحقيقة والتربية عليها..
- عمل قانوني ببذلة أول نقيب للمحامين في محاكم طنجة الدولية وخارجها..
معالم سيرة..
ـ رأى سيدي عبد الرحمن نور الحياة بطنجة في ثامن مارس 1924
ـ تتلمذ بمدرسة فرنسية بحي الحسن الأول بطنجة ، ثم تابع دراسته الثانوية في مراكش فالرباط
ـ انتظم طالبا جامعيا بكلية الحقوق بفرنسا
ـ طور دربته في العمل الطلابي والنقابي بالمغرب وفرنسا
ـ عمق خبرته السياسية بانفتاح على شخصيات لامعة : المهدي بن بركة ، علال الفاسي ، عبد الرحيم بوعبيد ، امحمد بوستة ، محمد الفقيه البصري ، عمر بن جلون..وشخصيات جزائرية وتونسية..
السياسة جوهر أخلاقي..
ظل سيدي عبد الرحمن اليوسفي مؤمنا في كل مراحل حياته بأن السياسة جوهر أخلاقي ؛ وبهذه الفضيلة تميز سلوكه بالثبات والعفة والتحصن ضد خوض مهالك سياسية أوسقوط في مضايق مسالك انتهازية..
كان رحمه الله في كل المشاهد على ما ينبغي أن يكون ..ولم تعرف حياته حجابا عن الحق والحقيقة.. فظل متبصرا ؛ غير منشغل بالخلق ؛ وهو الممتلئ بفضائل الحق.. وهو بهذه الخصلة الفريدة مثال للاحتذاء لكل أجيال المغرب..
ثقتان مولويتان ..
حظي سيدي عبد الرحمن بثقتين مولويتين غاليتين :
أولاهما :
ثقة جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه من خلال عمليتين مكنتا بلادنا من الانعتاق من سكتة قلبية والدخول في برنامج عمل جديد ؛ وهما :
- هندسة ” التناوب التوافقي ” وتثبيت دعائم ” انتقال ديموقراطي “
- تولي مسؤولية رئاسة حكومة التناوب الأولى ( عمل غير مسبوق في بيئة عربية اسلامية بل في بيئات أخرى..)
ثانيهما :
ثقة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله في سيدي عبد الرحمن لمواصلة عمل أوراش مواطنة منسجمة مع مفهوم جديد للسلطة..واعترافا بأفضال سيدي عبد الرحمن رحمه الله :
- قلده جلالة الملك محمد السادس حمالة كبرى للعرش..
- دشن بمعيته شارعا يحمل اسمه بطنجة سنة 2016
- أطلق اسمه على فوج المتخرجين من المدارس العسكرية وشبه العسكرية سنة 2019
رحم الله سيدي عبد الرحمن..
رحم الله المجاهد سيدي عبد الرحمن وأثابه على كل ما قدمه من خدمات لوطنه ، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ، وانا لله وانا اليه راجعون.