“ظهر الفساد في البرّ و البحر”!
… وقد استمرأتْ الدول “الكبرى” في طغيانها وغيّها ، قبل و بعد القنبلة الذرية على “هيروشيما” و “نكازاكي” ، بإذكاء نار الفتن و إشعال الحروب بالوكالة بين أشقاء الدول العربية فيما بينها ، و دول العالم الثالث . وكلُّ ذلك من أجل الهيمنة على ثرواتها . ولم تنج الدول الإسلامية وهي تتذلل لتلك الدول “العظمى” في طلب الأسلحة “بتسوُّل”، للاقتتال الذاتي في الجزيرة العربية و مهبط الوحي ، وهي أطهر بقعة على وجه الأرض . و بلاد رحلتيْ الشتاء و الصيف ، لإبادة شعوبها . ألا يروْن أنفسهم (السلطات) في المرآة كيف تُعكس صوَرُهم ، فتنفصم عند انعكاسها على المرْآتين ليراها بقية الخلق . فالجمل لا يرى حدبته ! فالاستقراء هو استعراض الحالات للوصول إلى القاعدة السليمة . حتى إنَّ من بين حكام “بيت الله الحرام” من أقدَمَ على قتل و قطع جثة رجل إرباً إرباً ، كما فُعل “بأبي مسلم الخرساني” أيام العباسيين . فالدول “المتقدمة” هي التي مزَّقتْ البلاد العربية و الإسلامية و كذلك دول العالم النامية حتى لا ينمو لها شارب ! هيهات ، هيهات لكل من قال كلمة حق عند سلطان جائر ، من علماء الأمة يكون مصيره السجن أو الإعدام !. ثمَّ باسم الحداثة فتحتْ في بلاد مهبط الوحي ، صالونات الرقص و الخمر و القمار (في عُرْي كامل) ، و على مسافة من مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم . وقد عبثوا بالتاريخ و الجغرافية . ثمّ إنَّ الإدارة الأمريكية الحالية التي تسيطر على الشرق الأوسط إلا إيران ، بعسكرييها الخمس و الأربعين ألفا ، حصلتْ لها ردَّة في القضية الفلسطينية ، لتعترف أحادية بالقدس الشريف عاصمة للكيان الصهيوني المحتلّ للأراضي العربية على حساب الشعب الفلسطيني ، صاحب الأرض . ضاربة بعرض الحائط الشرعية الدولية و كل قرارات الأمم المتحدة التي شاركت في إقرارها . إذ لم ير حتى الشعب الأمريكي نفسه ، مثل هذه السياسة مند عقود . وهي التي تغلق أبوابها تحت شعار أمريكا أولا ! . فأصبحتْ الإدارة الأمريكية الحالية تسخر كلَّ إمكاناتها للاستيطان و الاحتلال الصهيوني ، الذي يمتلك ثمانين رأساً نووياً . و إنها لتصرفات “شيطانية” ، لا أحد كان يتخمن عواقبها و مغبتها . وهي التي بنت اقتصادها بثروة طائلة على حساب الحرب الأروبية من خلال تضحياتها في هذه الحرب . ضمنتْ لها الهيمنة بعد حين على العالم . تلك هي خطة “مارشال” لإعادة بناء و إعمار أروبا ، كيْ تصبح عملتها ” $ ” ، عملة معتمد عالمياً .
ثمَّ تزكية الاستبداد في الأنظمة المتخلفة من لدن الدول “الكبرى” ، لاستعباد دول العالم الثالث فكريا و اقتصاديا ، كنوْع من الاستعمار الجديد-القديم ، للانقضاض على كيانهم . و قد كان لرئيس الجمهورية الفرنسية “دوكول” موقف المحارب للهيمة الأمريكية ، عندما تقدَّم الوزير الأول البريطاني “ماكميلان” بطلب الانضمام إلى السوق الأروبية المشتركة . فكانت ل”دوكول” قولته المشهورة ” لا نريد فرس طْرْوادَة” ، في أروبا ، و كان يعني بذلك ، أمريكا المتخفية في جوْف الفرس البريطاني . على شكل قصة فرس “طروادة” ، أثناء الحرب بين سْبارْطا و أثينا ، باليونان”الهيلينية” القديم . هم “بعض من دول الغرب و الدول المسماة ، المتقدمة” ، يُحرّفون الحقائق “بالبروباكاندا” ، لمسح أدمغة النامية من الدول . ليجعلوا من “حرية” التعبير انتهاك مقدسات المسلمين ، و إذ يتمُّ إحراق كتب القرآن الكريم و تدنيسه ، و الازدراء بالعقيدة الإسلامية ، و الاستهزاء برسولها ، صلى الله عليه و سلم ، على المستويات الفردية و الصحافية و السنيمائية ! و قد عملوا على تمزيق جغرافية العالم لاسترْزاق ثرواته الأرضية منها و البحرية . حتى أصبح الإنسان سلعة رخيصة ، و فئراً “كوباي” لمختبرات الدول “العالمة” . هذه الدول “العظمى” هي سبب كل الحروب ، من الأروبية ، و منها إلى الفييتنام و اللاووس و الكامبودج من جنوب شرق آسيا إلى شمالها و إفريقيا من جنوبها إلى شمالها ثم الشرق الأوسط …إنْ هي إلا حرب عالمية واحدة في حلقات تحت “يافطة” ، الأولى و الثانية و الثالثة ..
حتى نزلت بمظلتها “فيروس كورونا” ، حول العالم و لم يكن على علم بها أحدٌ بخبيئتها ، إذ كانت منهمكة في اغتيال الشعوب العربية و شعوب العالم الثالث ، وهي تحارب بعضها “الدول الكبرى” بالوكالة ، لإبادة تلك الشعوب بأسلحتها المتطورة ، و منها الجرثومية ، فطفتْ أو طفى على السطح “فيروس كورونا” .. نحن البشر مُحاطون بكل أنواع الميكروبات ، و نعيش في حساء كوْني كبير جدّاً ، من صنع الله تعالى . و لكلّ منّا مكانه فيه . فالحربُ على الفيروسات لن نقوى على الانتصار عليها ، إلا بتقوية جهاز المناعة ، من أجل أسلوب حياة غير مُميت ، بتلك الحروب المزْمنة بين الدول “الكبرى” . إنما التوازن في حياة الإنسان و حياة الفيروس و الميكروب ، نرْبحها في ظروف الصحة المثالية لإنسان مكتسبُ مناعة أسسها تغذية متوازنة (من مواد بمقادير تحتوي على الحديد و الزنك و النحاس و الفيتامينات إلخ..) ، و منظومة صحية متطورة . لن نقوى أمام قوى الطبيعة ، و إذا بها كائنات قوية . الجينوم الخاص بالإنسان ، عبارة عن مجموعة من الكرُموزومات والجينات ، وهي وحدة القاعدة الوراثية . العلم “قادر” على تعديل الجينات . لنتعلم كيف نُبقي الأنواع البشرية على قيد الحياة عوَضَ إبادتها ! وقد تعرَّضتْ سياسة الدول “المتقدّمة” للاهتزاز ، بطلتها “فيروس كورونا” بحجم 10نم . فلرُبما شمس الغرب تنحذرُ نحو الأفول !؟..و لعلَّ هذا الفيروس يضع رقاص الساعة في مكانه ، لجلب المصلحة للإنسان ، أو ذرْء المفسدة ، و إنْ كان الأمر بينهما ، فلهذه الأخيرة الأفضلية . و لعله أيضاً الخط الفاصل بالأمس القريب ، ما قبل الفيروس و ما بعده . و رُبَّ ضارَّة نافعة .
نحن في عالمنا الإسلامي نؤمن بانَّ “أشدُّ بلاءًا الأنبياءُ ، ثمَّ الصالحون ، ثمَّ الأمثل فالأمثل (حديث) .. نقطة ، فاقلب صفحة التاريخ ، و ارجع إلى أوَّل السطر .. الآن و قد استوطن مَلكُ الموْت “عزرائيل” ، القارات الخمس ، و طاب له الطريق و المقام بها ، فلنْ يبقى لمنْ “فاز بالشهادة” إلا النطق بالشهادتين عند الاحتضار . و لمن أطال الله في عمره ، فله ثمة آلاف الدراسات الاجتماعية ، عبرة له لاتّقاء الله ، لقوله جلَّ في علاه : ظهرَ الفسادُ في البرّ و البحر بما كسبتْ أيدي الناس ليُذيقهمْ بعضَ الذي عملوا لعلهمْ يرْجعون ، صدق الله العظيم ،(سورة الروم ،الآية 41) . فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكمْ تُفلحون . صدق الله العظيم،(س المائدة ،الآية 100) ..اللهمَّ اجعلنا في عين عنايتك ، و ارفع عنَّا الشدَّةَ و الوباء ، جلَّ شأنك و عظم سلطانك .. أنتَ خير حافظاً..
عبد المجيد الإدريسي.