منذ سنوات تلقيت دعوة كريمة من سيدي محمد ابن تحايْكتْ رئيس المجلس العلي لمدينة الشاون للمشاركة في برنامج ثقافي علمي تنويري رمضانيّ.
اخترتُ لمشاركتي بنْية عنوانية مفتوحة، هي «في رحاب القرآن الكريم»، ووضعتُ نصب تركيزي هدفين :
أولهما جعل مشاركتي في شكل رؤوس أفكار أو وقفات مع كتاب الله العزيز، تنتظمُها فضاءات واسعةٌ للتأويل؛ رغبة مني في عدم التقيُّد بأشراطِ نَظَرِ محدّد، والحالُ أن أيَّ حديث أو متحدِّث في كلام الله لايحدُّه تأويل؛ لكونه قاصراً بل عاجزاً «وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون : آمنّا به، كلّ من عنْد ربِّنا، وما يذّكر إلا أولو الألباب».
ثانيهما تبرُّئِي من كلِّ إحاطة بالموضوع، أو من كُلِّ شُرودٍ لمْ يَقعْ في حسْباني ومعرفتي..
قلتُ في مُجمل الدّلالات القرآنية وامتداداتها الفكرية والعرفانية:
1 – القرآن اسم علم، غيرُ مُشتَقٍّ، خاص بكلام الله، وهو آخر كتابٍ سماوِيٍّ مُنزّل على خاتم النبيئين محمد بن عبد الله.
2 – القرآن الكريم ناظمُ ومنَظِّمُ علاقات الإنسان بربِّه وبنَبيِّه وبنفسِه وببني جنسه.
3 – ميّز مُحيي الدين ابن عربي بين القرآن والفُرقان؛ فالقرآن يُفيد الجمع والفرقان يفيد التفرقة، وتخصيص سيدنا محمد –دون سائر الحقائق– يرْجع إلى دعوتِه وما تتضمّنه من جمع بين التنزيه والتشبيه، فضلا عن كونه m قد أوتيَ جوامعَ الْكَلِمِ، وجوامع الكلم هي جمعيّة الحقائق المتّصلة في الأنبياء والمرسلين.
4 – وإذا كان ربُّ العالمين قد علّم آدم الأسماءَ كُلَّها، وجعله مظهراً لجميع الأسماء.. فإنه جَلّ وعلا قد أعطى محمداً حقائقَ هذه الأسماء الظاهرة في سيّدنا آدم عليه السلام.
تأسيساً على هذا يكون :
أ– آدم هو الإنسان المتعيَّن بالوجود الخارجي..
ب– محمد هو الإنسان الباطنُ المتعيّن في العالم المعقُول.
ج– آدم للتفْريق..
د– محمد للجمْع..
ويُبيِّن ابن عربي هذه الفكرة في كتابه فصُوص الحِكَم قائلاً : «فكان –يقصد محمداً – نبيّاً وآدم بين الماء والطِّين.. فإنه أُوتيَ جوامعَ الكَلِم التي هي مُسمّياتُ آدم».
والله أعلم.
د: عبد اللطيف شهبون