نواصل تقديم مضمون هذا الكتاب، و نقف عند تشخيص الكاتب لو بون لمكامن الضعف في النظام التعليمي بفرنسا بناء على ما جاء به التحقيق البرلماني والذي عزا تدني التعليم الفرنسي إلى أسباب أهمها :
- عدم خضوع المناهج التعليمية إلى مراجعات ترتيبية..
- عدم مسايرة أنظم التعليم الفرنسي لمتطلبات المستجدات..
- خضوع التعليم لبعض المتدخلين غير المؤهلين..
موضوع الكتاب الثالث ” تعليم الجامعة في فرنسا” :
يقع هذا الكتاب في خمسة فصول، الأول بعنوان ” قيمة مناهج الجامعة” ويركز لو بون فيه على منهج الذاكرة السائد في التعليم خلال العصر القديم في فرنسا والذي كان الاعتماد عليه كافيا في ذلك العصر، لكنه لم يعد كافيا (وقتئذ) ممثلا لذلك بتعليم اللغة حيث أثبث التحقيق البرلماني عجز الجامعة عن تعليم اللغات قديمها وحديثها، وإن كان تعليم اللغات أسهل أنواع التعليم، ونفس النتيجة بالنسبة لتعليم درس الأدب والتاريخ ودرس العلوم ولم يقتصر ذلك في التعليم الثانوي بل تجاوزه إلى التعليم العالي الذي لم يرق للمستوى المطلوب نظرا للصلة الوثيقة بينه وبين التعليم الثانوي..
والخلاصة في نظر لو بون أن الاعتماد على الذاكرة في جميع مستويات التعليم كان سبب انحطاطه الأساسي، كما أن الاعتماد على الاستظهار و حشو الذاكرة هو الحكم بالفشل الذريع على الشباب الذين لا يستطيعون بعد تخرجهم التماس أدنى وسيلة من وسائل العيش..فهل يشعر أساتذة الجامعة بضعف المستوى التعليمي وبضعف مناهجهم التعليمية؟
أما في الفصل الثاني الموسوم بعنوان “النتائج الأخيرة لتربية الجامعة” أثرها في الذكاء والخلق فينقل لو بون فيه بعض ما جاء في التحقيق البرلماني من نتائج التعليم والمتمثلة في أن:
- العيوب الأساسية للتعليم القديم تُكرهه على أن يخرج للأمة لا طبقة راقية خليقة ..
- الامتحان الذي يختم هذا التعليم وهو امتحان الشهادة
الثانوية التي أصبحت – لكثرة المستبقين وسهولة الامتحان- ورقة يناصيب..
وقد أكد تقرير مسيو ريمون بوتكريه وزير المعارف السابق أن الفرنسي خارج فرنسا غريب وعاجز عن أن يجيب على أي مسألة، ويعزو ذلك إلى منهج الحشو الذي تلقى به تعليمه بالإضافة إلى عدم الاكتراث بالحياة الخارجية ومواكبته للحضارة وكذا عدم الميل إلى الاطلاع..
وفي الفصل الثالث وهو بعنوان “المدارس الثانوية” نقل لو بون ملامح من نظام التعليم الداخلي في المدارس الثانوية حسب التحقيق البرلماني وتتجلى في كون:
- جل المدارس الثانوية تضم عددا كبيرا من التلاميذ يخضعون للنظام الداخلي وبالتالي فهي مثل ثكنة عسكرية مما يجعل العناية التربوية صعبة..
- المدرسة الثانوية في جميع أطراف فرنسا خاضعة لنظام واحد دقيق يتميز بكثرة ساعات العمل المفروضة ، وضعف نظام التعليم الداخلي من الوجهة المادية والعقلية والخلقية..
- مدير المدرسة الثانوية موظف خاضع لسلطة الوصاية مثقل كاهله بأعمال إدارية..
- رغم ما تنفقه الدولة من ميزانية على التعليم إلا أن تلك النفقات تبقى غير مرشدة..
أما الفصل الرابع وهو بعنوان “الأساتذة والمعيدون” فخصصه لنقل التشخيص الذي قدمه التحقيق البرلماني حول الفئتين والمتمثل في :
- جهل الأساتذة بفن التعليم..
- اقتصار عمل المعيد من الناحية العملية على المراقبة بدل القرب من التلاميذ وتقديم الرعاية لهم..
وبناء على ما تقدم ذكره في الفصول السابقة قدم لو بون تعريفا للمدرسة
الثانوية وعيوبها بفرنسا مقتنعا بأن ما كان يُقترح من الإصلاح ليس شيئًا
بالقياس إلى الإصلاح الصحيح العميق الذي يحتاج إليه..
وفي الفصل الخامس بعنوان “التعليم في مدارس رجال الدين” – استنادا على مضمون التحقيق البرلماني المذكور- فإن مدارس رجال الدين لقيت استحسانا كبيرا من طرف الناس نظرا لكفايتهم المهنية ..
د. فدوى أحماد