قال إنه سيسعدها وقرأ الفرحة في عينيها وهو يهديها سيارة
تذكر قول والده مرة ” إن فرح النساء بالأشياء كفرح الأطفال ” ورآها طفلة . لم تعبر عن فرحها بغير الضحك والدموع . لوحة من تأثر .
لأول مرة تركب السيارة بمفردها. نشوة خاصة و هي خلف المقود . تداعبه بحنان أنثوي لكن هذا الغبي الذي يرفض أن يتحرك أمامها يثير أعصابها .
أعصابها انتقلت إلى السيارة . طق ..
صدمت السيارة التي كانت أمامها.
كان السائق الآخر مهذبا . دون أن يتلفظ بما لا يليق من القول، اقترح عليها محضرا وديا .
نعم .قالت
دموعها لا تتوقف. ماذا ستقول لزوجها ؟؟ كيف ستواجهه بخبر كهذا ؟
أخذت من السيارة محفظة تضمن أوراقها لتسلمها للرجل كي يحرر المحضر .
من بين الأوراق سقطت ورقة صغيرة .
انحنت عليها . حملتها . تعرفت على خط زوجها . كانت الورقة تقول
” أيتها الغبية الصغيرة ..تذكري مهما يقع أني أحبك أنت .. لا السيارة ”
انخرطت في فصيلة أخرى من البكاء والرجل ينظر إليها مستفهما .. قالت له لا تشغل بالك سيدي إنها دموع الفرح .
ابتسم الرجل وقال “م دامت دموع فرح فأنا أتنازل لك عن المحضر .. وولى وجهه شطر سيارته.
قراءة عاشقة للقصة بقلم : عبدالجبار العلمي
لا يكتب نصاً بهذه الرِّقة والرُّقي الإنساني إلا إنسانٌ يؤمنُ بقُدسية العلاقةِ الإنسانيةِ بين الزوجين إيمانا قوياً صادقاً . إنَّ هذا الإيمانَ القويَّ الصادقَ وهذه الرقةَ المتناهية التي تَسَرْبلَتْ بها القصَّة ، هُما ما يَجْعلانِها تنفذُ إلى شِغافِ القُلوب ، ويَجْعل القارئَ مُتعاطِفا معَ الزَّوجة المُتأثِّرَة بِموقِفِ الزَّوْجِ الرَّائع . يُسرِّبُ الكاتبُ منْ خلالِ كلِّ ذلكَ رسالةً إِنْسانِية عَميقة تُعْلِي مِنْ قيمةِ الحُبِّ وغَيْرِها منْ قِيمٍ أَصيلَة كَالوَفاء والتَّسامُح، واعْتِبار الإنسانَ أغْلى وأثمنَ ما في الوجودِ دونَه كل كُنوز الدُّنيا وما فيها. هذا ما قالَه هذا النَّص السَّردي الجَميل . أما كيفَ قاله ؟ ، وكيف أوْصَلَ القَّاصُ الفنَّانُ المُبْدِع مُحمد صوف رسالتَه ؟ لقدْ أَوْصَلَها بأُسْلوبٍ مُعْجِز، يَقومُ على بَلاغةِ الإيجاز واللُّغةِ المُركَّزة والحِوار القَصير المُخْتَصَر.
د. عبد الجبار العلمي