بقيت أيام قليلة على ذكرى مولد سيد أسيادنا محمد رسول الله و لست هنا لأناقش هل يجوز الاحتفال بميلاده أو لا و السند في ذلك حتى لا نسقط في فخ قصة البقرة و بني إسرائيل. المراد من مقالي هذا هو حب النبي و إسقاطاته على واقعنا الحزين و الرسالة الخاتمة بين أيدينا بلسان عربي مبين.
يقول الله سبحانه و تعالى في سورة الأحزاب :” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46)”. سأتوقف على كلمة سراج منير و معنى الأنوار في حياة الإنسان و معنى الهدي و نتيجة الحب.
أجريت دراسات كثيرة عن الظلال في حياة الإنسان أشهرها ظلال جونج المعاصر لفرويد فهو يتكلم عن ظلال الأمم و الظلال التاريخية و الظلال السوسيو إجتماعية و يختم جونج بقوله أن الإنسان الذي يعانق ظلاله يغير مجرى التاريخ.
ما علاقة هذه الرزمة من علم النفس برسول الله؟ كل العلاقة. فإن المسلمين لديهم قائد رباني يجمعهم إلى يوم القيامة و يؤلف بين قلوبهم و يآخي بين المتنافرين منهم و يربيهم عن طريق القدوة على عدم الغش و الصدق في المعاملة و الأمانة و الجود و العطاء.
أعتذر إن كنت أسرد باقة من الدراسات الغربية الحديثة و ذلك فقط لأن لها مصداقية هذه الأيام و ستجدون مضمونها في الكتاب و السنة بأسلوب واضح و بسيط. و الرفيق جوجل يدعو العرب إلى المساعدة في رفع مستوى الترجمة إلى العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي احتفل به العالم في 18 ديسمبر. فهيا أيها الدكاترة في اللغة العربية الواقفون أمام البرلمان ساهموا في تحسين الترجمة العربية حتى نتواصل مع أمم الأرض فما المشاكل التي تمطر على رأس المسلمين إلا أزمة تواصل نتجت من تقصيرنا في التعلم و توقفنا عن العطاء.
كنت أتحدث عن القدوة و كثير من هم الخواجات الذين فسروا أهمية الاقتداء بالرموز التي نريد أن نشبهها حتى أن ذلك الإقتداء يمكن أن يتلخص في تقليد حركات الشخص الذي نريد أن نشبهه في النتائج. هذا يذكرنا … نعم, بالسنة النبوية. أي أننا بتتبع خطوات النبي الأعظم نصل إلى نتائجه.
هنا أقول أن الجري وراء الغنى الكثير لا يتطلب أن نقتدي بالأنبياء و هنا أسطر أن القيم السامية هي أهم بكثير من الدراهم و الدنانير و الدولارات. لقد جعلنا الله أمة وسطا ننقل إلى الناس السلم و السلام. ينظر إلينا أهل الأرض فيقولون ياه شخص مسلم, كم هو رائع.
فحب رسول لله هو أن نستحضر الرحمة في قلوبنا و نحن نتعامل مع الآخرين و أن نحب الناس و نتمنى لهم الخير الذي نحبه لأنفسنا و أن نهتم بما يعنينا فقط و أن لا نخوض في سير القوم.
أنا أعلم أن البطالة متفشية و فرص العمل قليلة و أذكر بحياة رسول الله الذي قاسى المرير لكي يصل إلينا دين الإسلام. لقد عاش سيد ولد آدم ما يقرب ثلاث سنين محاصرا و عرف الجوع و الفقر و هذا لم يمنعه من أن يكون رحمة للعالمين مع أنه توفى و درعه مرهونة عند يهودي.
السراج المنير… الأنوار التي خاض فيها العيد من الصوفية و حضارات روحية مثل البوذية التي تعتبر مستويات الماندلا و الأنوار مستويات للكمال الروحي.
لكن نحن المسلمون علينا أن نكون أولي الأيدي و الأبصار أي العمل و الحكمة. و مستويات التحسن المستمر لا تخص التكوين فقط بل تنظيف أنفسنا من الداخل بخدمة الآخرين و التجرد و قبسة من الزهد في ظل المادية الطاغية التي تجعل المادة أهم شيء في الوجود.
و أهم ما في الوجود هو الله جل و علا. ثم حبيبه المصطفى.
و أنار الكون بنور طه.
الدكتورة هدباء الفاطمي
مختصة في بناء الحضارة و التغيير المستعصي