لا وجود لمجتمع بدون خطر!
(La société du risque Zéro n’existe pas)
…ما أجمل ثقافة صلة الرحم في المجتمع . إذ العيش في المجتمع ينطوي على مخاطر . و الذي ينبغي أنْ نفهمه جيداً ، أنَّ الحجر الصحي كان ضرورياً ، لتجنب تفشي “كرونا-فيروس” ، و تجنب أيضاً الاكتظاظ في المستشفيات . و الحواجز التي تفرض في بعض بؤر “كوفيد-19” . لكن تأتي لحظة يجب فيها استئناف الحياة الطبيعية .
– أسئلة الخطر لا يمكن اختزالها من وجهة نظر الفيروس فقط ..
– العيش في المجتمع يقتضي القبول ضمني لمخاطر معينة . فالتجرُّد الذاتي لأنفسنا من الفيروسات و الباكتيريا ، قد يعني تجريدنا من المجتمع . إنْ المجازفة يوميا بالمخاطر ، غالباً ما تكون دون علمنا بالشيء . قيادة السيارة ، تعني القبول بحوادث السير . الحياة في المدن بما قد تنطوي عليه من مخاطر التلوث في الغلاف الجوي الذي يتسبب في حوالي 10000وفاة مبكرة كل سنة ، (حسب الوكالة الأروبية للبيئة ) . عدم حظر التدخين هو تخفيض لحوالي العامين من آمال الحياة . أيْ سوف يزداد متوسط العمر العامين إذا منعت السيجارة . ثم اختيار الطاقة النووية ، هو القبول بخطر الانفجار النووي . و لقد حدثتْ ثنتان من الحوادث النووية الكبرى ك- تشيرنوبيل – و – فوكوشيما – . يوجد في العالم الآن 447 مفاعل نووي مدني منها ثمانون بإسرائيل لأغراض عسكرية لسنة (2020) . سبعون في المائة منهم يفوق عمرهم ثلاثون سنة .لكن الوضع الحالي ينتهي بنا إلى خطر من نوع آخر . الانهيار المجتمعي للمدى الطويل أحدثته “كوفيد-19” لعدم وجود أساس أو معنى لذلك ، و بدون آفاق “سياسي” ، و إجماع اجتماعي ، إذ هما اللذان يوجهان الاختيارات لمجتمع بصفر المخاطر ، ليصاحب ذلك الطهارة البيولوجية أو الاجتماعية التي تتكشف في تدبير “كوفيد-19” .
- يستوقفني الحرف العربي صائغاً ، إنْ لم تعد “كورونا-فيروس” مخاطرة ، بل وهماً للإجماع ! يمكننا أنْ نتفاءل لأهمية كلمة الخبير في صنع القرار العام ، رغم أنَّ هذه الكلمة نتاج الخبرة الفيروسية –الوبائية . الخبير (من وزارة الصحة) يغطي فقط المخاطر الصحية و ليستْ المخاطر الاجتماعية و الإنسانية . فضلا عن كلمة “الخبرة” لا يمكن استخدامها ك شاشة لعدم وجود توافق في الآراء ، لمستوى المخاطر التي قد تكون على استعداد لقبولها .
– أجل إنَّ الخطر حصيلة لكسر رباط الثقة بين ممثلي المواطنين ، و بين المواطنين أنفسهم . للمواجهة و عدم التمكن على إيديولوجية ينطلق منها الساسة للتغلب على خسارة ، الأرضية ، لقلة الرؤية ضدَّ العدوّ “كوفيد-19” . هل يجب تطبيق إيديولوجية إعادة الحجر الصحي ؟ الساسة قد لا يضعون مجالاً للشكّ ، أنهم يفضلون إلقاء اللوم ، والمراقبة ، و المعاقبة بدلاً من نهج أسلوب تربوي ، و نشر الثقة بين أفراد المجتمع . هذا الوضع هو من إنتاج أزمة الثقة . هل بالإغلاق و التجزئة يصبح المواطنون في آمان ؟ إنْ صعب على الساسة ابتكار توليفة اجتماعية على مستوى القبول . فكل من المواطنين مرتبط بأهداف مشتركة ، من غير أوامر السلطات الصحية ، لجعل مجتمع ، قد أكل الدَّهر عليه و شرب ؟
- في مجتمع مادي ، الهدف منه ضدّ تفشي الموت ، لينتهي بنا المطاف بقطع أنفسنا عن الآخرين ، من أجل إنقاذ الوجودية الذاتية . لأنَّ إنقاذ الأجسام المادية بواسطة المتاريس ، يضعف النسيج الاجتماعي . لعله يفكُّ الروابط بفرضه المسافات (المتر و النصف) التي تخلق الضعف الجماعي ؟ وفق هذه الرؤية الحميمة من التباعد عن الآخر كي نسلم من هذا المصاب . لكن من الواضح أنَّ هذا يؤدي إلى تذبذب و خسارة كبيرة في المعايير الاجتماعية ، و الحرص على صوْن الاتصال و دفع الانفصال . و الذي يضاف إلى سلسلة مع المخاطر ، بما في ذلك الصحية منها . هل سوف نتعرَّفُ يوماً ما على عدد الوفيات الفائقة ، من جرّاء الركود الاقتصادي عن طريق الإفلاس ، و بفقدان المراجع الاجتماعية ..
– في الأسابيع السابقة أعرب علماء أجانب عن قلقهم لسرعة تطور اللقاح الروسي “اسبوتنيك” ! المنظمة العالمية للصحة تدعو إلى احترام الخطوط و الإرشادات و المبادئ التوجيهية و البروتوكول ذات الصلة في هذا المجال .
بينما يؤكد “كيري ديمترييف” رئيس مشروع اللقاح الروسي ، أنَّ العلماء الروس قد شرعوا في المرحلة الثالثة للتجارب ، وهو يؤكد سيادة اللقاح الروسي ، و بداية إنتاجه الصناعي ،إذْ كان مخططاً له في شهر شتمبر القادم (2020م) ، تحت الاسم التجاري “اسبوتنيك” ، في إشارة إلى النصر العلمي-السياسي حينئذ وضع الاتحاد السوفييتي القمر الصناعي في المدار على سطح القمر “اسبوتنيك 1” ، أيام الحرب الباردة .
– تقتضي الإشارة إلى إسهام ، ل خمس مجموعات صيدلانية ، انتهوا إلى المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية .
– منْ يقود السباق ؟ و متى يكون اللقاح متاحاً ؟ وهل سوف يتمتع بحماية لفترة طويلة؟ محاولات الإجابة عن ذلك : من و متى و كيف ، ثمَّ أين نحن من البحث عن اللقاح ضدَّ “كورونا-فيروس” ؟ حول أربعة زوايا من الكرة الأرضية تعمل فرق من علماء الفيروسات ؟ في سباق ضدَّ الساعة لإيجاد مصل ضدّ “كوفيد-19”.
– بدْءاً من تاريخ 31/7/2020م ، و المنظمة قد تلقتْ ما لا يقل عن 165مشروع للبحث المعملي ، على مترشحين متطوعين للتجارب السريرية . طبعاً لن يتوصلوا جميعاً إلى اللقاح . هناك إكراهات مالية سوف تعترض مجموعات من العلماء بسبب قيود اقتصادية . و هذا يشهد على تعبئة غير مسبوقة في عالم الفيروسات .
– في المغرب سوف يتباطأ ارتفاع الإصابات بعد حين ، إلا أنَّ الفوارق و الاختلافات الجهوية تبقى مهمة . لا يوجد خطر يمكن أنْ يكون هدفا للصحة العامة –صفرُ خطر- ؟!
– تجارب “الإنفلوانزا” و من سابقاتها من الفيروسات قد تحوَّلتْ في بعض الأحيان غير ذي جدوى ، و غير قابلة للتطبيق ضدَّ “كوفيد-19” . قد يستغرق الأمر دراسات عديدة ً علمية لاستيعاب و شرح الكثير من المتناقضات بين المنظمات الدولية .
– مستوى الشكّ و الريبة و عدم اليقين النسبي و التأثير لوقع “كوفيد-19” ، على العمليات الاقتصادية و نتائجها تبقى تصاعدية ..اللهم ألطف بما جرت به المقادير ..و في كتاب الله تعالى :
- إنَّ ربّي لطيف لما يشاءُ ، إنَّهُ هو العليمُ الحكيمُ ..صدق الله العظيم (سورة ، يوسف ، الآية 100) ..
عبد المجيد الإدريسي .