انطلاقا من قول الحق سبحانه: “والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة، ورزقكم من الطيبات” سأتحدث عن نعمة الأحفاد التي أنعم الله بها على هذا الأب.
فمنذ دخل في عداد الأجداد، وحمل هذه الشارة، وهو متفرغ لأحفاده، يعُدّ الساعات والأيام، ويستحث الزمن، ليراهم يمشون على أقدامهم، ويكبرون وينمون، ويسعون إلى دور الحضانة ومعاهد العلم.
لقد صدق من قال: إن للأحفاد طعما يختلف عن طعم الأبناء.
وهذا الطعم أو هذه النكهة مبعثهما أن الحفيد يفد عليك وقد نفضت أوكدت تنفض يديك من كل شيء، وأشرفت على سن التقاعد، فهو يأخذ خطا تصاعديا، وأنت تأخذ خطا تنازليا، هو يرقى ليصل إلى القمة، وأنت تنزل لتصل إلى السفح، هو يقوى ويشتد عوده، وأنت تذبل ويجف عودك، هو يستقبل الدنيا، وأنت تستعد للآخرة.
ومع هذا فإن صاحبنا لا تخيفه هذه المرحلة، ولا يحسب لها هذا الحساب العسير، وإنما يستمد من الوافدين الأعزاء، الحياة والحركة والنشاط، فقد ضخوا في عروقه دماء جديدة، وأضافوا إلى عقد آماله حبات ولآلئ جديدة، وحببوا إليه الحياة، وجعلوه يطلب من الله طول العمر، وموفور الصحة والعافية، حتى يتمكن من متابعة المشوار الذين سيقطعونه إن شاء الله، مرفوعي الهامة، ثابتي الخطى، محققين الغرض المنشود، والنجاح المطلوب.
إنهم امتداد له، واستمرار لرحلة انطلقت منذ ست وسبعين سنة.
فإذا كانت قد حدثت له في مراحل حياته عثرات، وإذا كانت قد اعترضت طريقه عقبات، فإنه يدعو الله أن يكونوا أسعد وأوفى حظا منه. فالمستجدات الجديدة، والابتكارات العجيبة، كفيلة بأن توفر للأجيال القادمة، مالم يتوفر لآبائنا وأجدادنا من حياة الراحةوالرفاه، والسعادة والهناء.
فليبارك الله في أولادنا وأحفادنا، وليؤهلهم لممارسة الحياة بجد واجتهاد، حتى يكملوا الرسالة التي تحمَّلها الآباء برحابة صدر، وصبر وجلد، ويؤدوا الأمانة على أكمل وجه وأتمه.
وعسى أن يجدوا في وطننا الحبيب، ماييسر لهم السبيل، ويؤمّن لهم الطريق، ويعِدهم بغد مشرق وضاء.
مصطفى حجاج