• عبد الإله المويسي
أبانت ” كورونا”، هذه الفاجعة التي ألمت ببلادنا فجأة، عن فواجع في طبيعة مماثلة. إذ على الرغم من المحنة الكبرى التي نمر بها لم تتوان شريحة من بني جلدتنا عن اغتنام الفرصة لإشباع رغباتها المرضية في الربح، ولتكديس مزيد من الامتيازات التجارية على حساب آلام الوطن.
وهكذا تتبعنا عبر كل الإذاعة والتلفزة الوطنية بمختلف قنواتها، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، اخبار عن وضع تحت المتابعة القضائية، أو عن إلقاء القبض على صنف من المجرمين الاستثنائيين الذين انتعشوا في ظل أزمتنا الوطنية.
الصنف الأول تمثل بلا حياء، أو حس وطني في شريحة من التجار الذين عمدوا إلى الرفع التلقائي من أثمنة البضائع بمختلف أنواعها، متحدين بذلك المساطر القانونية المنظمة لذلك، ومساهمين في خلق البلبلة بين الناس، بل إنهم ساهموا في انتشار حالة من الهلع نتيجة تأويلات بسطاء الناس لهذا الارتفاع المفاجئ في الاثمنة. وتجدر الإشارة هنا أن تحديهم للمساطر القانونية المنظمة للمضاربات التجارية قد طال حتى المواد المسعرة.
صنف آخر مرتبط ارتباطا وثيقا بالأول، وهم المجرمون الذين عمدوا إلى تخزين بعض المواد وإخفائها عن الانظار، طبعا فب أفق انتظار تصاعد أثمنها الصاروخي، حسب اعتقادهم، إثر استمرار الأزمة. وهكذا عانى كثير من المواطنين من، وهم في أمس الحاجة بعض المواد، من اختفائها الإجرامي من السوق. والذين جعل الأمر أكثر شدة على الناس هو أن هذا التخزين طال مواد أساسية ملحة في حياة الناس، مثل قنينات الغاز والدقيق وبعض الأدوية ومواد التعقيم.
صنف ثالث من مجرمي الأزمات، والتي لم تخطر جرائمهم على بال عتى عتاة المجرمين في أفلام الإجرام، هم فئة من النصابين اختاروا انتحال صفات رجال الأمن، أو رجال الصحة للتدليس على المواطنين. وهكذا كانوا يخبرون الناس أنهم ممثلو الصحة وان عليهم تعقيم بيوتهم، فيضطروا الناس إلى هجرانها، مما يسهل على هؤلاء المجرمين عملية السطو على ممتلكات البيت.
آخرون من هؤلاء النصابين تقدموا إلى بعض المحلات التجارية والشركات بصفتهم ممثلي السلطة والدولة، وطالبوهم بتقديم مساعدات مالية لمواجهة تكاليف محاربة الوباء.
مجرمون آخرون، من صنف رابع اختاروا فرصة خلو الشوارع والأزقة والدروب من المارة للانفراد ببعض المواطنين العزل وتعنيفهم وسلبهم ما بحوزتهم من أموال أو حاجيات.
ظواهر شاذة كثيرة سادت بالتوازي مع معناة الوطن مع هذا الوباء كان أبطالها هؤلاء المجرمين، وغيرهم ممن لم تصل بعد يد الامن إليهم. إنهم عديمو الضمائر وتجار الالم الوطني. لم تردعهم الحالة الدرامية التي يعيشها الناس جراء فقدان عملهم وقصور ذات اليد عندهم، أو فقدانهم لأهاليهم ضحايا الوباء، ولا مناخ الخوف الرهيب الذي يعصف بهم.
رجال الامن بيقظتهم، وحسهم الوطني العالي كانوا لهؤلاء بالمرصاد. فقد تعقبوهم في كل جحورهم، وتصدوا لهم. وقدموهم للقضاء الذي ننتظر إن يقول كلمته الوطنية في حقهم.