عرفت دينامية التعافي من وباء “كورون” بالمغرب تطورات سارت في اتجاه إيجابي مطرد، حيث أنه، ومنذ الانتشار الأولي للوباء ببلادنا عمدت السياسة الصحية على محاصرته بشتى أنواع الاستراتيجيات الاحترازية، بدءا بالانعزال المنزلي والتباعد الاجتماعي، مرورا بحالة الطوارئ التي أنهت حركة التواصل بين الناس بشكل قطعي، وانتهاء بالحملة التوعوية التي اضطلعت بها مختلف الفعاليات الإعلامية والمدنية والسياسية ببلادنا.
وهكذا منذ الشهور الأولى نجحت السياسية الصحية الوقائية بالمغرب في إنقاص عدد الإصابات بشكل مثير للانتباه. وهو ما سيتطور معه الامر لنبدأ في سماع مدن بعينها استطاعت هزم الفيروس ودحره.
فبالإضافة إلى جهات ومدن معينية لم تعرف أصلا أية إصابة بفيروس كورونا، التحقت على التوالي مدينة تطوان ومكناس والقصرالكبير والصويرة وغيرها من مدن أخرى بصفوف الفضاءات التي لم يعد للوباء أي وجود بها.
قد يكون ساعد على الأمر تميز هذه المدن بمجموعة من الخصوصيات رشحتها لذلك مثل كونها ليست مدنا لتجمعات صناعية أو تجارية، أو لكونها ليست مدنا ذات طابع سياحي محض، غير أن ذلك لا يعدم كون سكان هذه المدن أعربوا عن تجاوب واع جدا مع استراتيجية المملكة الصحية الاحترازية.
ويأتي هذا بكل تأكيد في اتجاه معاكس لبعض المدن التي شهدت بعض التجاوزات والخروقات للإجراءات المتخذة من قبل الدولة المغربية.
إن مدينة الدار البيضاء، على سبيل المثال، لم تعرف ما عرفته من ارتفاع في عدد الإصابات بوباء كورونا، إلا بسبب التسيب الذي تحلت به العديد من الشرائح الاجتماعية التي لم تنصع، في تحد سافر، لانتظارات الدولة، ولم تتجاوب معنا.
ليس السياق يسمح الآن بالخوض في الأسباب التي دفعت بهؤلاء إلى المخاطرة بأرواحهم، وأرواه غيره من ذويهم ومن عموم المواطنين، ما يهمنا الآن أكثر هو هذا المناخ الداعي للتفاؤل والشعور بالاطمئنان نتيجة اطراد أعداد المدن التي أعلن عن تعافيها تماما من وباء كورونا.
لا يسعنا، في مثل هذا الشعور بالفخر، إلا ان نهنئ بلدنا على كل ما بذلته من جهود حثيثة جنبتنا الأفق الكارثي المحتمل، كما لا يسعنا إلا أن نهنئ عموم المواطنين على ما تحلوا به من صبر ووعي وتفهم، وما تحلوا من إحساس بالوطنية الحقة وهم يتجندون وراء الإرادات الحكومية الغيورة لإنجاح انتقالنا إلى مرحلة التعافي ومرحلة الأمان.
إن المملكة المغربية ضربت عبر التاريخ مثالا نموذجيا في تضافر الجهود بين عموم فئات الشعب وإرادات القائمين بأموره لتحقيق الخير للبلاد.
• عبد الإله المويسي