مع طلائع موسم الخريف وفصل الشتاء وبعد انتعاشة قصيرة، عاد الشلل لمدينة الفنيدق بعدما تنفست الساكنة الصعداء نتيجة السياحة الداخلية التي كانت عاملا غير مباشر في تحريك عجلة عدد من الأنشطة لا سيما النقل والكراء والدور الخاصة بالاصطياف وانتعاش المواد الاستهلاكية، غير أنه ومع حلول موسم الخريف عادت الأمور إلى ما كانت عليه ليصبح “الركود” هو سيد الموقف في جميع الأنشطة، الشيء الذي ترتب معه نوع من التوتر في نفوس عدد من الأسر التي كانت تعتمد في قوت يومها على التهريب المعيشي من الثغر المحتل.
فصول الأزمة ابتدأت بعد قرار الحكومة المغربية القاضي بإغلاق معبر باب سبتة بشكل رسمي في وجه ممتهني التهريب المعيشي، هذا النشاط الذي لقي لسنوات خلت رواجا تجاريا وسياحيا في المدينة وجلب إليها مهاجرين من مناطق أخرى.
فقبل إغلاق المعبر أواخر سنة 2019، كان آلاف المغاربة يدخلون الجيب المحتل قصد جلب بضائع مختلفة لفائدة عدد من التجار يبيعونها في الفنيدق ومنها إلى مختلف المدن المغربية، مستفيدين بذلك من الإعفاء من الرسوم الجمركية.
ففي الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر البدائل، جاءت جائحة كورونا لتزيد من وطأة الأزمة وتعمق من جرح الساكنة المنذمل وتتحول بذلك المدينة من رونقها ورواجها إلى مدينة أشباح.
إزاء تفاقم الوضع؛ انتفضت ساكنة الفنيدق احتجاجا على ما آلت إليه الأمور، فكثرت حالات الانتحار وظاهرة الهجرة السرية الشيء الذي دفع بالسلطات المختصة إلى التدخل العاجل من خلال إطلاق مشاريع إنمائية.
غير أن تفعيل هذه البرامج قد يُنذر بنوع من الغليان، نتيجة التأخر في تنزيل ما تم الاتفاق عليه مع الساكنة من طرف السلطات عبر إنشاء وحدات صناعية ومشاتل اقتصادية خاصة بالنسيج أو وحدات تحويلية كفيلة بخلق فرص الشغل لفائدة العاطلين وخاصة في صفوف النساء ومحاولة امتصاص الغضب العارم الذي يضرب كل المستويات.
وفي تصريح لأحد أبناء مدينة الفنيدق، أكد ” أن المنطقة عرفت تدشين بعض الوحدات الصناعية، إلا أن حجمها لا يرقى قط إلى تشغيل عدد كبير من العاطلين عن العمل كالوحدات الخاصة بالجمبري (Crevette) أو الملابس البالية.
وأشار في تصريحه لجريدة الشمال: “في السابق، كان لأغلب السكان دخل يتراوح ما بين 2000 و4000 درهم شهريا، لكن في الظرف الحالي، هؤلاء الأشخاص لا يتوفرون حتى على 1000 درهم شهريا، مع العلم أن أغلب هذه الاسر لديها أطفال وعليها نفقات.
وقال في معرض حديثه: “بين الفينة والأخرى تصلنا إشاعات تدعي بأن الثغر المحتل (باب سبتة) سيتم فتحه من جديد”.
فإلى متى يتم إخراج المنطقة من عزلتها ومن ركودها الاقتصادي من خلال إعطائها حقها في العيش الكريم بدلا من التفكير في الهجرة وما يكتنفها من أخطار أو اللجوء أحيانا إلى التفكير في الانتحار.
سهيلة أضريف