تقديم:
أدب الرّسائل، يتضمّن جوانب مهمّة تقتضيها الكتابة الحرّة، والموضوع المسترسل، ويتضمّن هذا الأدب إشارات علمية، وإفادات فنّية، وإنشادات معرفية…
وفي هذه السلسلة ندرج بعضاً ممّا توفّر لنا من أدب الرّسائل التي التحمت فيها أرواح علماء شمال المغرب. وندرج في هذه الحلقات مراسلات (صادرة) العلامة الأديب قاضي مدينة العرائش سيدي أحمد بن يوسف الفاسي إلى صديقه الشريف البشير أفيلال.
-41-
[من العلامة القاضي أحمد بن يوسف الفاسي إلى صديقه البشير أفيلال، يخبره فيها بأمور عائلية، وأخبار استشفائية]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
محبّنا ومحلّ أخينا الأعز الأرضى العلامة الشريف المرتضى، مولاي البشير أفيلال أمنك الله ورعاك وسلام عليك ورحمة الله وبركاته وتحياته ورضوانه.
وبعد، فقد وافانا كتابك الأعز أفادنا سلامتكم وعافيتكم أدامهما المولى علينا وعليكم، وحمدنا الله على ذلك.
جواباً عما كنا أخبرناك به وحلول شقيقتكم المصونة حضرتنا مع السلامة والعافية وذهابها لحمة مولاي يعقوب صحبة بعلها وابن أختها والجميع بخير وعلى خير…
فلتعلم بأن شقيقتك حلت دارها حلول يمن وأمان، وقمنا ببعض ما يجب علينا وسافرت لمولاي يعقوب مع من ذكر يوم الجمعة، وتيسر لها والحمد لله ما لم يتيسر لغيرها، ثم رجع من عندها أخوك الشريف سيدي الحاج عبد السلام وتركها على أحسن حال، واستبشرت بذهاب مرضها ثم ذهبت عندها يوم الأربعاء وتفقدت جميع أمورها ورجعت في يومي، ثم في غده الذي هو يوم الخميس سافر سيدي الحاج عبد السلام مع القطار في الساعة 11 بحضرتكم السعيدة، ثم في يوم الأربعاء ذهبت أيضاً عندهم مع الأهل والأنجال وبقيَ الجميع هناك بمولاي يعقوب إلى يوم السبت، والجميع يتردد للضريح، والكل في نشاط حتى حصل لأختك والحمد لله تمام الشفاء، وفارقناهم يوم السبت في الساعة الأولى بعد الزوال، ثم يوم الأربعاء سافرت عندهم الذي هو أمس تاريخه ووجدتهم بخير وعلى خير ناشطين، وقد حصل لهم والحمد لله تمام الشفاء، ورجعت في يومي بعدما جعلت معهم بأن نأتي عندهم يوم الإثنين الآتي بقصد أن يأتوا جميعا للدار، لأن المقصود الذي هو الشفاء تحصل والحمد لله.
وهذا حال أختك ومن معها باختصار، وهم في غاية النشاط، وقد جعلت معهم بأن يحلوا معنا هنا بقصد الاستراحة بعض الأيام، لكي يقوم بعض الإخوان بإكرامهم وضيافة شقيقتك واستراحتها، وجميع العائلة متشوفة لضيافتها عندها فلا مناص لها من جبر بعض خواطرهم بقدر المستطاع.
مسلماً على الأخ في الله العلامة سيدي الحاج محمد وأخيك البركة الشريف سيدي الحاج عبد السلام وأخيك الأفضل سيدي أحمد وابن عمك العلامة مولاي الحسن ونجله يسلّم عليه وأن نجله بخير وعلى خير، ولكن لم يفرحه بكتاب واحد من عنده مع شدة تشوفه له وما كان ينبغي له ذلك، فلا بد من جبر خاطره بالكتابة له.
كما يسلم على جميعكم الإخوة والأنجال وأبناء العمّ والأصحاب، وأما الشيت فلم نجد تلك العينة موجودة، وفي قريب يصلك مع بعل زوجتك لأنه على أهبة الحلول لحضرتنا، والله يحفظكم ويرعاكم ولا زلت ننتظر كتاب الوزير سيدي أحمد الرهوني بعد سلامنا عليه وللجواب الذي تحت يد الفزاري فالله ييسر لنا ولكم جميع ما فيه الخير والله يحفظكم ويرعاكم وعلى الإخوة والسلام.
عن قلق جدّاً في 22 جمادى الثانية عام 1350هـ.
أحمد الفاسي كان الله له
-42-
[من قاضي العرائش العلامة الفقيه أحمد بن يوسف، إلى صديقه العلامة الأديب البشير أفيلال، يخبره بقدومه من فاس إلى ثغر العرائش، ومنها إلى حاضرة تطوان]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
سيدنا ومحل أخينا الفقيه الأجل، الشريف العلامة الأفضل، الأديب النبيه، مولاي البشير أفيلال أمنك الله ورعاك وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فموجبه تجديد العهد بأخوتك والسؤال عنك وعن كافة أحوالك، جعلك الله بخير وعافية، وإن تفضلت علينا بالسؤال فنحن والحمد لله بخير الكبير المتعال.
هذا ولتعلم أيه الأخ قد حصل الاشتياق لصلة الرحم مع سيادتكم حيث إنني عزمت على الوصول لثغر العرائش بقصد قضاء بعض أوطارنا هناك، وفي رفقتي نجلنا البار سيدي محمد المكي، فإذا كان ما يقضى لأخوتك من هنا فَطَيِّرْ لي الإعلام لنصحبه معي لأنني عزمت على السفر يوم الخميس المقابل ليومنا.
وقد بلغنا بأن ابن العم سيدي عبد الرحمن بن عبد القادر أخا سيدي العباس وصل لحضرتكم بقصد صلة الرحم مع ابن عمه سيدي أحمد، ودخل للزاوية فقابله ابن عمّه بما هو عادته مع كلّ واحد بالسّب والشتم، ومدّ اليد فيه، وها هو مريض بذلك، وهذا أمر عوقب به المذكور بحضرتكم فلا حول ولا قوة إلا بالله ولا بد إن كان عندكم ما يقضى فَطَيِّرْ لي الإعلام به لنصحبه معي، وها أنا على نية الجلوس بالعرائش بعض الأيام وحين نصل إليها ونعزم على السفر لحضرتكم نطير لك الإعلام منها وبيوم حلولنا ولعله يكون بعد العيد.
وإذا كتبت بعد العيد فاكتب للطالب السيد عبد السلام بن فضول حمادي بثغر العرائش يرفقها لي بحول الله وقوته.
مسلّماً على أخويك العلاّمتين وعلى سيدتنا الوالدة وعلى أبناء العمّ خصوصا العلامة سيدي علال وعلى أهل الدار جميعاً من غير تخصيص، والله يحفظكم ويرعاكم وعلى الإخوة والسلام. في 28 صفر عام 1352.
أخوكم في الله أحمد بن يوسف كان الله له.
-43-
[من العلامة الفقيه قاضي العرائش، إلى صديقه الشريف الأديب البشير أفيلال، يخبره فيها بازدياد مولود]
الحمد لله وحده
سيّدنا ومحلّ أخينا، الشّريف العلاّمة مولاي البشير أفيلال، أمّنك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فلتعلم شقيقتك بأنّ البُنيّة أم كلثوم منذ بارحت حضرتنا وهي بالوجع حتّى تداركها الله بلطفه الخفيّ، فصبيحته ازداد عتدها مولود جعله الله مباركاً سعيداً، ولا تسأل أيّه الأخ عمّا قاسيناه معها منذ خرج ابن عمّك العلاّمة، وشقيقك، بعد سلامنا على الجميع، إلى صبيحة تاريخه الذي هو يوم السّبت، وهذا عن قلق جدّاً.
مسلّماً على سادتنا الشّرفاء من غير تخصيص، وعلى سيّدتنا الوالدة، ولتزوّدنا بصالح الأدعية، ومن هنا النّجل على الجميع، والإخوة وأبناء العمّ، وأهل الدّار على جميعكم، وسنبيّن لك بعد هذا ما كان، ونحن بشغل شغيل من جهة البُنيّة، فزودونا بصالح أدعيتكم، وعلى المحبّة والسلام.
في 26 جمادى الثانية عام 1350هـ.
أحمد الفاسي كان الله له
إعداد: يونس السباح