تقديم:
أدب الرّسائل، يتضمّن جوانب مهمّة تقتضيها الكتابة الحرّة، والموضوع المسترسل، ويتضمّن هذا الأدب إشارات علمية، وإفادات فنّية، وإنشادات معرفية…
وفي هذه السلسلة ندرج بعضاً ممّا توفّر لنا من أدب الرّسائل التي التحمت فيها أرواح علماء شمال المغرب. وندرج في هذه الحلقات مراسلات (صادرة وواردة) من الفقيه الصدر الأعظم أحمد الغنمية رحمه الله، والتي أمدّنا بها حفيدة الأستاذ الأديب المرحوم عبد السلام الشرتي.
-89-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده الفقيه الأديب السيد مَحمد الزّكاري، جواباً على التّهنئة بعيد الأضحى المبارك]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله وسلم
محلّ الولد الأبرّ الأرضى، الفقيه الذّكي الألمعي الأمضى، سيدي مَحمد الزكاري، لازلت بالأماني محظوظاً، وبعين الرّعاية ملحوظاً، وسلامٌ كما هبّ النّسيم، أو راق ختام التّسنيم، ورحمة الله تعالى وبركاته، مادامتْ للفلك حركاته.
وبعد، فقد وصلنا كتابك مهنّئاً بحلول عيد الأضحى الكريم، الذي خصّت فاتحته بختم ميقات الكليم، فصار سبباً لإفاضة الغفران على المُفيض من عرَفات، وموسماً لانصباب وابل الرّحمات، هنّأء الله بإحراز وسائل الرّضوان، وبلّغك من الأماني فوق الحسبان، وأعاد علينا جميعاً مواسيم الرحمى، وأنالنا من فضله المقام الأسمى، آمين.
وسلّم منّي على سيادة الوالد والإخوة، أسبغ الله عليكم من ألطافه الوافى، وعلى المحبّة والسّلام. في 19 ذي الحجّة عام 1348هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
-90-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده الفقيه الأديب السيد مَحمد الزّكاري، يطمئن فيها على أحواله]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله وسلم
محبّنا ومحلّ ولدنا الأبر، الفقيه النّبيه الأغرّ، سيدي محمد الزّكاري رعاك الله وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد، فمنذ بارحتنا وأنا منتظر ما التمستَ شراءه بواسطتكم، وإلى الآن لم يصل ولم يأت منك خطاباً بسلب أو إيجاب، مع اليقين بكون ذلك موجود هناك، وقد أقمت لك من نفسي عذراً في هذا التّاخير لما كنت أخبرتني به من حالة أهل أخيكم السيّد محمد، تدارك الله الكلّ بألطافه، آمين. وذلك لما أعلمه من اهتمامكم واعتنائكم بشؤوننا، واكتفيت بخطابكم بهذا عن الكَتب لوالدك بعد السلام عليه وعلى الإخوة جميعاً، وعلى المحبّة والسلام.
في 30 شوال عام 1350هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
-91-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده الفقيه الأديب السيد مَحمد الزّكاري، جوباً على تهنئته بميلاد سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله وسلم
محلّ ولدنا البارّ الأرضى، الفقيه الدّرّاكة الأمضى، السيّد مَحمد الزكّاري رعاك الله، سلام عليك ورحمة الله تعالى، عن خير سيّدنا أعزّه الله.
وبعد، فقد وصل كتابك الأعزّ، مهنّئاً بحلول عيد مولد من انشقّت منه جميع الأسرار، ومن نوره المحمّدي تنوّعتْ في الوجود الأنوار مادّة عناصر الموجودات، والسّبب في إبراز مكنون الكائنات، سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، صلاةً تدخلنا كَنَف رُحماه، وننال بها حبّه ورضاه، هنّأك الله وإيّانا بالفوز بشفاعته، والحشر مع رعيله وأهل خصوصيته، بجاهه الذي لا جاه يماثله، وقدره الذي لا قدر يحاكيه ويعادله، بفضل ربّنا الذي خصّه بما لا تصل لبعضه المدَارك العالية، ولا تُحيط به الأذواق السّامية، والحمد لله حمداً تُحمد لنا به عقبى الدّارين، ونستحصل به على أعلى الحسنيين بفضله تعالى.
وسلّم منّي على الوالد والإخوة والأهل، وعلى المحبّة والسلام. في 16 ربيع النّبوي عام 1350هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
ومنه: قد وصل كتاب الوالد بإرسال اللّوز فحزته.
-92-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده الفقيه الأديب السيد مَحمد الزّكاري، جوباً على تهنئته بميلاد سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم، ومخبراً إيّاه ببعض ماجريات الأمور…]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
محلّ الولد الأبرّ، الفقيه الأنجد، السيّد مَحمد الزكاري حفظك الله، سلامٌ عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد، فقد وصلنا كتابك الأعزّ مهنّئاً بحلول عيد مولد النّبي الكريم، والموسم المبارك العظيم، هنّأك الله بإحراز وسائل الزّلفى، وأنالك من شفاعة حبيبه الحظّ الأوفى.
واعلم أنّه توفّيت اليوم أمَة خالنا “جوهرة” وذلك بإثر عملية جراحية أسفرت عن إخراج زيادة في بطنها زنتها 4 كيلو، ثمّ أعقبتها الحمّى المعتادة لذوي الجراحات، ختمت بها أنفاسها في أثنائها، وقد بلغ الأسف بالخال منتهاه، غفر الله للفقيدة، وعوّض ذويها صبراً جميلاً، آمين.
كما أنّنا جميعاً في غاية الأسف لما أصاب خالنا من غربة فقد أنيسته، مع ما بقي عليه من الانفراد والوحشة، جبر الله الحال، وألهمه الرّضى والاستسلام، آمين.
وسلّم منّي على الوالد والإخوة، وعلى المحبّة والسلام. في 19 ربيع النّبوي عام 1349هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
إعداد: يونس السباح