فضيلة الأستاذ الجليل، نستهل الحوار مع شخصكم الكريم بسؤالكم عن مرحلة الطفولة التي كانت ـ بدون شك ـ غنية بالأحداث وحافلة بالذكريات.
جلول احميمد النقاشي من مواليد 1357 هـ / 1937م بمدشر النقاقشة جماعة اثنين سيدي اليمني دائرة أصيلة، إقليم طنجة شمال المغرب.
ما هي أبرز ذكرياتكم عن خطواتكم الأولى في مضمار التحصيل العلمي وعن مرحلتي الثانوي والعالي؟
حفظت القرآن الكريم بالقراءات السبع كلها بمسقط رأسي والنواحي، ودرست مبادئ اللغة العربية والفقه على يد الفقيه الشهير سيدي محمد الطيبي رحمه الله بمدشر الخطوط قبيلة بني كرفط، ثم انتقلت إلى فاس لإتمام دراستي في العلوم الدينية بجامعة القرويين، وكانت لي عناية كبيرة بعلم الفلك فتتلمذت على يد الفلكي المغربي المشهور سيدي محمد بن محمد العلمي، وحصلت على الشهادة العالمية من جامعة القرويين على إثر تخرجي منها عام 1951م، ثم انتقلت إلى المعهد العالي بتطوان حيث تخرجت منه عام 1954م.
متى التحقتم بسلك التعليم؟ وما ظروف هذا الالتحاق؟
بعد إتمام دراستي العليا اشتغلت كاتبا بوزارة الأوقاف بتطوان، ثم عملت أستاذا للغة العربية بمدشر الشرافات الخمسية، وانتقلت بعدها إلى تمسمان بإقليم الناظور، ثم بالمعهد الديني بمولاي عبد السلام بن مشيش في قبيلة بني عروس، ثم انتقلت بعدها إلى ثانوية القاضي ابن العربي (المعهد الديني) بمدينة تطوان، وأخيرا بثانوية جابر بن حيان بتطوان مدرسا لمادة التربية الإسلامية إلى أن أحلت على المعاش عام 1997م، وأنا أعمل أستاذا لمادة التوقيت بالكراسي العلمية بالمسجد الأعظم الكائن في المدينة العتيقة بتطوان.
ما سر امتلاككم لناصية الحديث باللغة العربية الفصحى؟
السر كامن في الاحتكاك بالطلبة والأساتذة والمثقفين ومطالعة مختلف الكتب التفسيرية والحديثية والأدبية والتاريخية، فضلا عن حمل القرآن الكريم حفظا ومعنى.
ما هي أجمل ذكرياتكم خلال اضطلاعكم برسالة التربية والتعليم؟
المساهمات المتعددة والمختلفة في عدة منابر إعلامية من صحف وطنية (الميثاق ـ العلم ـ الرابطة …) وعربية (الشرق الأوسط)، والإذاعة الوطنية خاصة برنامج “كيف نقرأ القرآن”، وإلقاء محاضرات والمساهمة في ندوات متعددة وغيرها من الذكريات التي لا تسعف الذاكرة في استحضارها، على أن ما كنا نقوم به كان خالصا لوجه الله.
مارستم، إضافة إلى التدريس الدعوة والوعظ، في أيهما تجدون متعتكم أكثر؟ لماذا؟
في الجميع، لتدريس سائر الفنون، والقواعد اللغوية من نحو وتصريف، وقواعد التجويد، والقواعد المنطقية، والقواعد البلاغية، والقواعد الأصولية، والقواعد الفلكية…
لكم إسهام طيب في مجال التأليف، ما حصيلتكم في هذا المجال؟
لي عدة مؤلفات منها: في النحو: من أسرار القواعد النحوية ـ الفرق بين البدل وعطف البيان ـ الفرق بين الاختصاص والعموم ـ القواعد القرآنية الإعجازية لا تخرج عن القياس إلا لحكمة. وفي الشعر: الموجز في العروض. وفي الفلك: النخبة الميقاتية في حركة الفلك العصرية ـ الوسيلة الزكية إلى المطالب الفلكية ـ الربع المجيب. وفي الفقه والعبادات: التداوي بالصلاة ـ التداوي بالصيام وتوحيد الأهلة ـ التداوي بالتوحيد وساعة الفناء ـ الحج والعمرة في خمسة أيام ـ الوصية الواجبة في الإسلام. وفي علوم القرآن: بالرسم العثماني يدرك المراد القرآني. وفي التصوف: شرح التصلية المشيشية للولي الصالح عبد السلام بن مشيش. وفي الفرائض: الموجز في الفرائض والمطول في الفرائض، وقد ذكر بعضها الأستاذ العلامة المرحوم عبدالله الجراري في كتابه: “التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين (1900 ـ 1979)”
كيف تنظرون إلى واقع التربية والتعليم اليوم؟
نعمة؛ لكن مع الأسف الشديد لم تعد تدرس بعض المواد العتيقة والهامة مثل: الإرث والفرائض بأنواعها الثلاثة: الربع المجيب، اللوغاريتم، رؤية الأهلة؛ وعلم الفلك وغيرها من العلوم الشرعية التي كادت تضمحل لعدم وجود متخصصين فيها.
بماذا تنصحون طلبة العلم؟
أنصحهم بدراسة القواعد الخمسة: اللغوية ـ المنطقية ـ البلاغية ـ الأصولية ـ الفلكية، لأنها تعتبر الوسيلة إلى فهم الحكم القرآنية والآي المتشابهة، كما قال تعالى: ((يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)) (سورة البقرة) ((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)) (سورة الزمر).
كلمة ختامية:
الشكر والتقدير للقائمين على هذا المنبر وعلى المجهودات الجبارة التي يبذلونها قصد التعريف بنخبة من الشخصيات التي كان لها عظيم الأثر في المسيرة الدينية والتربوية والعلمية والأدبية لمدينتنا، وحتى تبقى ذكرى واعتبارا للأجيال الصاعدة في مغربنا العزيز.
تلك آثارنا تدل علينا = فانظروا بعدنا إلى الآثار.
د. محمد المعلمي