الحديث عن مدينة تطوان العتيقة لا ينقطع، تارة نتحدث عن الدور الآيلة للسقوط، وتارة نتحدث عن الأحياء الخاضعة للإصلاح، وتارة نتحدث عن الأزقة المغطاة، وفي كل هذه الأحاديث، نستحضر العناية الملكية بمدينتنا، هذه العناية التي برزت في المشروع الملكي الأول، وفي المشروع الملكي الثاني المسمى بـ “مشروع تثمين المدينة العتيقة” والمطلوب تنفيذه ما بين 2019-2023.
عدد من المشاريع أنجزت، وعدد من المشاريع في طريق الإنجاز، وعدد من المشاريع تعثرت ولم تبارح مكانها.
على رأسها “سجن المطامر” هذا السجن أو “المطمور” الذي كنا ونحن نسكن حارة المطامر، نسمع عنه ولا نراه.
وأنا أعتبر أن مكتشفه أو زائره الأول، هو أخونا الدكتور امحمد بن عبود، فقد نزل إليه – عبر منزل عائلة ابن مرزوق – في سنة 1999، ووجد به كنيسة صغيرة.
هنا – ونحن في جمعية تطاون أسمير نهيء للزيارة الملكية – بدا لعضو الجمعية الأخ ابن عبود، إدراج هذه المعلمة، ضمن المشاريع التي سيدشنها صاحب الجلالة نصره الله وأيده.
وهكذا اعتُبر هذا المشروع الذي رُصدت له ميزانية خاصة به، مشروعاً ملكياً يجب الشروع فيه، وإخراجه إلى الوجود.
وحتى يسهل النزول إليه، وإعداد الدراسة اللازمة لترميمه وإصلاحه، عمدت الجماعة الحضرية لتطوان إلى نزع ملكية دار ابن مرزوق – عن طريق التراضي-من ورثتها، لتصبح مدخلاً رسميا للمتحف.
ومع الأيام، غدا مشتلاً تراثياً من قِبل مجموعة من مدارس الهندسة المعمارية المغربية والأوروبية، خصوصاً من إيطاليا واسبانيا، بمباركة نادي تطاون أسمير لأصدقاء اليونسكو.
ثم أدرج هذا المشروع في “مشروع تثمين المدينة العتيقة” وخصصت له ميزانية محترمة، بحيث رفع سقف ميزانيته إلى رقم لست متأكداً منه، ولكنه مبلغ لو صرف في المطامر، لأعاد إليها اعتبارها.
وهكذا يكون الحديث عن هذه المعلمة قد انطلق منذ ربع قرن تقريباً.
أما المشروع، فلم يُكتب له الانطلاق لحد الساعة.
هناك اجتماعات عُقدت، ولجن شُكلت، ودراسات أجريت، ولكن تخوّف المسؤولين من انهيار سقف المتحف، جعلهم يقدمون رجلاً، ويؤخرون أخرى.
وسأترك هذا الموضوع جانباً لأشير إلى نقطة كان قد وقع الإجماع عليها، وهي رسم طريق ـ أو تحديد مدار ـ للسياح، يمكّنهم من زيارة المدينة العتيقة.
هل عيُن هذا المسار؟ هل روعيت فيه المتاحف أو الأماكن التي يقف عليها الزوار؟ هل أخليت هذه المسارات من الباعة القارين لا المتجولين؟
ألقي هذه الأسئلة، وأحتفظ ببعضها، لأن باب العقلة، لم يعد المدخل المؤهل لاستقبال ضيوف المدينة العتيقة، فالباعة سدّوه وضيّقوا الخناق على المارين به.
ولو انتقلنا إلى باب النوادر، لوجدنا نفس المنظر، ولو انتقلنا لباب التوت، لشهدنا نفس الصورة. باب الصعيدة، هي الباب الوحيدة التي تسمح للوافدين على المدينة، بالدخول والخروج، دون أن يعترض سبيلهم، مَن اعتادوا الاعتداء على المِلك العام.
مصطفى حجاج