تعرف المنظومة الصحية في بلادنا- مثل نظيرتيْها التعليمية والسكنية – خللا هيكليا نتيجة سياسات لم ترق إلى تفعيل هذا الحق بشكل تام وسليم.. فالعبرة لا تكمن في صناعة القوانين بل في تصريف الحقوق.. وهذا البلاغ الصادر عن مؤسسة الوسيط ينبه ويستدرك..
إن “الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان“، ومن خلال متابعته وتقييمه للسياسات العمومية من منظور حقوق الإنسان، وبعد إصداره لتقريره الموضوعاتي حول “رصد وتقييم السياسة الصحية بالمغرب خلال ولايتين حكوميتين 2011-2016 و2016-2021 “، وبعد اطلاعه ودراسته لمشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي أحيل على أنظار مجلس المستشارين من قبل الحكومة، بعد أن نال موافقة المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 13 يوليوز 2022، يسجل ما يلي:
أولا: تقييمه الإيجابي للمشروع في مجمله، ولا سيما تأكيد ديباجته على المرجعيات الحقوقية ذات الصلة بتأصيل الحق في الصحة وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي تؤكد الفقرة الأولى من المادة 12 منه، على إقرار الدول الأطراف في هذا العهد ب: ” حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يممكن بلوغه”، كم تؤكد آخر فقرة من نفس المادة على مسؤولية الدول الأطراف في: ” تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض”.
ثانيا: انطلاقا من ملاحظته بشأن ديباجة مشروع القانون الإطار الغنية والمكرسة للمقاربة الحقوقية في التعاطي مع الشأن الصحي الوطني، فإن “الوسيط“ يقترح تحصين هذا الاختيار بالتنصيص صراحة على أن “الديباجة جزء لا يتجزأ من هذا القانون” حتى تكون مرجعا في تطبيقها تطبيقيا سليما، وكذا المراحل اللاحقة لتطبيق هذا الفصل والنصوص التشريعية التي يحيل عليها.
ثالثا: يؤكد “الوسيط“ وانسجاما مع ما جاء في ديباجة مشروع القانون الإطار، على أن تحيل المادة الأولى منه على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما المادة 12منه.
رابعا: انطلاقا من مقتضيات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، فإن “الوسيط“ يقترح أن تضاف إلى المادة 2، ضمن أهداف الدولة في المجال الصحي وضمن تدابير التمييز الإيجابي لفائدة فئة الأشخاص في وضعية إعاقة، ولوج هذه الفئة بالأسبقية لكل الخدمات الصحية وإدراج نفس المبدأ بالمادة 4.
خامسا: انطلاقا من الأهمية الاستراتيجية للقطاع الصحي وتفاديا لكل الانحرافات والممارسات الهادفة إلى “تسليع الخدمات الصحية” واخضاعها لمنطق “السوق”، يقترح “الوسيط“ إعادة تدقيق وضبط أدوار القطاع الخاص في المجال الصحي والتأكيد على مبدأ الخدمة العمومية في المجال الصحي كأساس، وأن دور القطاع الخاص ينبغي أن يستجيب لهذه الفلسفة ضمن إطار تعاقدي مع الدولة.
سادسا: يعرب “الوسيط“ عن تخوفه بشأن التباطؤ الذي يمكن أن يطال دخول هذا القانون الإطار حيز التنفيذ، لا سيما بعد أن ربطت المادة الأخيرة منه (المادة 33) بين إعماله وبين صدور النصوص التشريعية المتخذة لتطبيقه.