ملعب سانية الرمل و المعروف ب ” لا هيبيكا” بالإسبانية. من مخلفات الإستعمار الإسباني.
قدرة الملعب الاستعابية تقدر ب15000 مقعدا.
في يوم من ايّام سنة 1975 كان ملعب سانية الرمل بتطوان مكتظ بالجماهير و العائلات التي أتت لاستقبال 1500 متطوع من مدينة تطوان من ضمن 35000 متطوع بالمغرب في المسيرة الخضراء. حشد كبير و شاحنات مليئة بالمتطوعين تتوارد بالتوالي على الملعب تحت هتاف الحشود.
لم أرى أخي بينهم و لم يتسنى لي أن أراه. و كيف لطفلة أن تستطيع رؤية أي شيء وسط ذالك الحشود الهائل و الهتاف. أخي البطل الذي شارك في المسيرة الخضراء و كان قائد المئة و كل طفلة فخورة بأخيها الكبير الذي غامر و خاطر بنفسه حباً للوطن رغم اعتراض العائلة على ذهابه.
و اذا بي تسللت لوحدي اتجاه الباب و لم ادري انه وقت الإنصراف، تفاجئت بالحشود تتجه الى الباب دفعة واحدة و بدون نظام في شكل همجي. دفع بي الحشود الهائل خلف الباب الكبير و ضغطو على ذالك الباب الذي كنت ورائه. ضغط الباب الكبير على جسمي الصغير و النحيل خلف الباب و كدت أختنق و أموت لولا الخادمة التي رأتني و التي هرعت الى مساعدتي و اذا برأسها يظل عالقاً بيني و بين الباب. صرخت الخادمة كثيراً أما أنا فلم أستطيع الصراخ بسبب ضغط الباب على صدري الذي خنقني. الغريب أن الحشود يَرَوْن الخادمة عالقة بين الباب و لم يتوقف أحد . الكل يهرع في الخروج و يتجاهلها. إلا العساكر و تحية عظيمة لهم بدؤو بتفرقة الحشود و بضرب الجميع إلا أن أخرجو الخادمة و بالتالي أخرجوني.
ظلت هذه الحادثة عالقة معي في كل ذكرى للمسيرة الخضراء.تذكرني بعظمة الحدث و عظمة الحسن الثاني الله يرحمه ، و تذكرني بكم أنا فخورة بأخي . لكنها تذكرني ايضاً بهمجيتنا. تخنقني تلك الهمجية التي لربما لن نتداوى منها. فالشغل الشاغل لدينا غالباً أن نفكر بانفسنا فقط و لا نفكر بالآخرين .فقيمة الإنسان في عطائه و في ترك أثر جميل و أن يكون قدوة للآخرين.من بين آلاف الجماهير لم يكن هنالك أحداً فكر فيها و لو لحظة ماذا سيحصل لو تهورت و ماذا عن الآخرين .نجوت أنا و ماذا عن الآخرين الذين دافعو عن اوطاننا الذين دفعو ارواحهم هدية للوطن و فداء له.
اجدادنا دافعو بدمهم على وطنهم و انتمائهم و جذورهم. يقال ” من أين ذالك الشبل من ذالك الأسد” و “ليس الفتى من يقول كان أبي و لكن الفتى من يقول ها أنا ذَا ”
جاهد أخي و أبي و جد جدي العظيم “محمد أمزيان” و بهذه المناسبة تحية إجلال و تقدير للعظماء و المجاهدين في سبيل حب الوطن.
فقيمة الإنسان بقيمة وطنيته. حين نحرم من الوطن نحن إلى جذورنا و أصولنا و نشعر بمرارة الفقدان و الحرمان و نبكيه كثيراً.
فلنكتب اعتذارًا إلى المَنْسِي : بطل المقاومة الشهيد الشريف محمد أمزيان.و جد جدي الذي لقبوه بصاحب الجزر الذي كان يطعم الجائعين أيام الجوع و أضاف اسم صاحب الجزر إلى اسم أمزيان.
في زمن الكورونا لم نعرف جوع الاستعمار و لا أهوال الحرب و مع ذالك نجدنا غير شاكرين و لا صابرين الى ان نتجاوز محنة الجائحة نرتعد خوفاً و نستغل الجائحة لمصالحنا الذاتية.
تلزمنا شجاعة العظماء و تضحياتهم و نبل الكرام.
لاتزال لدي حساسية الإختناق من كل خائن للوطن من كل فاسد يسعى لمصالحه الشخصية فقط و أولاً و قبل كل شيء في كل مكان و زمان.
فالوطن مهجة الروح مهما نئيت ، هو هويتك و بطاقة تعريفك و شخصيتك.
ذكرى المسيرة الخضراء هو يوم عيد ميلادي و كل عام ووطني الحبيب بألف خير و حب و سلام.
تحية لكل المجاهدين الذين ضحو بارواحهم في سبيل الوطن و تحية لكل المتطوعين في المسيرة الخضراء المنسيين الذين لم يأخذو حقهم في التكريم الذين يستحقونه حيث الكلام عن ذكرى المسيرة مجرد احتفال كأي احتفال عابر و المكافئات التي كان يجب على المتطوعين ان يتمتعو بها نالها الفساد أيضاً . المسؤولين بعضهم الذين لا يعرفون من الوطنية سوى النهب و الإحتيال.
فسلام على وطنيتنا