هوعبد الله بن محمد بن أحمد بن هشام بن الصديق بن عبد المومن ولد سنة (1977م) بحي أمراح بالمدينة العتيقة ب (طنجة)
التحق في سن الخامسة بالمدرسة الشعبية الإسلامية الحرّة بالسقاية الجديدة بطنجة، وأحرز منها على شهادة الابتدائي، ثم شرع في حفظ القرآن الكريم وهو يدرس بها، وانتقل بعد التخرج إلى السلك الإعدادي فدرس بإعدادية القصبة ثم تخرج منها والتحق بالتعليم الأصيل، وكان في هذا الإبان ــ أي بين مرحلة الابتدائي والإعدادي ومُستهلّ الثانوي ــ قد أكمل حفظ القرآن الكريم، مما ساعده على استيعاب العلوم الإسلامية ومَداخلها التي أفاد منها في ثانوية مولاي سليمان حيث درس على زمرة من الفقهاء والأدباء والبلاغيين المتخصصين، مع التكوين المزدوج في الفنون الموازية.
كان الارتباط الوثيق بالزاوية الصديقية بطنجة نسبا وسببا دافعا إلى الأخذ المبكر على شيوخها، وحضور حِلَقِها العلمية ومن أهمها مجالس الحافظ المحدث السيد عبد الله بن الصديق، وهي تتنوع إلى مجالس درس ومجالس إفتاء..، إضافة إلى مجالس أشقائه وخطبهم، والشغف بقراءة كتبهم ومصنفاتهم، وقد تزامن ذلك في الزاوية أيضا بالدراسة على الفقيه الأستاذ عبد العزيز الخليع متن الأجرومية والفرائض ودروسا في البلاغة والفقه، إضافة إلى مراجعة دروس التعليم الأصيل كلما استشكلت عليه، كما حضر مستمعا على الفقيه أحمد التوزاني بمسجد الحافة بطنجة دروسا في شرح الورقات والألفية ولامية الأفعال وغيرها..
وقرأ بعض المصنفات الحديثية على العلامة المحدث السيد عبد الله التليدي، ورحل إلى الشام فسمع في مجالس من الشيخ عبد القادر الأرناؤوط بدمشق والشيخ المحدث نورالدين عتر بحلب وناوله بعض كتبه، والعلامة المحدث محمد الفاتح الكتاني، والعالم الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي. ورحل إلى الحجاز وسمع من العلامة محمد بن علوي المالكي الحسني بمكة المكرمة وكان يحضر مجالسه كل سنة إلى أن مات رحمه الله، ولقي ابنه الدكتور أحمد بن محمد علوي وقد خلفه مدرسا بعده، وسمع من العلامة السيد أيوب أبكر أسد بن علي الأهدل الشافعي بمكة أيضا وناوله بعض كتبه، والأستاذ الدكتور مصطفى بن كرامة الله مخدوم وكان يدرس أصول الفقه بالجامعة الإسلامية ثم انتقل إلى جامعة طيبة وقد ناوله أيضا بعض كتبه ومنها تحقيقه للمهيع في الأصول لابن عاصم وكتابه قواعد الوسائل، وأجازه كل هؤلاء إضافة إلى العلامة الفقيه محمد بوخبزة بتطوان، وإجازة عامة بمرويات الحافظ أحمد بن الصديق من قبل أخيه العلامة الفقيه النوازلي السيد الحسن بن الصديق، وقام ببحوث بإشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم بن الصديق في مرحلة الدراسات العليا المعمقة بتطوان..، وحضر بعض الدروس على الفقيه النوازلي الهبطي المواهبي بالقنيطرة، والعلامة الأصولي المنطقي امحند الورياغلي بكلية أصول الدين بتطوان، والعلامة محمد الحبيب التجكاني، والعلماء الأساتذة محمد الإدريسي التمسماني في الدراسات الأصولية، وزيد أبو شعرة في الأصول والقواعد، وتوفيق الغلبزوري في الأصول، والحسن العلمي في الحديث والفكر الإسلامي، وإدريس بنضاوية في علوم الحديث، بارك الله في الجميع، ورحم من انتقل إلى جواره الكريم.
حصل على الإجازة من كلية أصول الدين بتطوان سنة 2000م. وفي العام الموالي التحق في نفس الكلية بسلك الدراسات العليا المعمقة وحدة العقيدة والفلسفة، فقرأ السنة الأولى فقط ولم يُتم، وقام ببحوث في الفلسفة والعقيدة بإشراف الأستاذ محمد بنيعش، والحديث بإشراف الأستاذ إبراهيم بن الصديق وغيرها، ثم التحق بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة لمتابعة دبلوم الدراسات العليا أيضا وحدة الدراسات المنهجية الشرعية في الغرب الإسلامي وكل هذه الأسلاك العليا كان يلجُ إليها بمباريات وطنية كبرى لا في أصول الدين ولا في ابن طفيل بالقنيطرة، وحصل سنة 2004على شهادة دبلوم الدراسات العليا، وكان موضوع بحثه هو دراسة وتحقيق لكتاب “أشراط الساعة وذهاب الأخيار وبقاء الأشرار” للإمام عبد الملك بن حبيب الأندلسي المالكي 238هـ.
التحق بعد ذلك بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة المولى إسماعيل بمكناس، فسجل في وحدة الدكتوراه” الاجتهاد المقاصدي: التاريخ والمنهج” . تخصص أصول الفقه والمقاصد، فحصل على شهادة الدكتوراه سنة 2012م، في موضوع ” أثر الذرائعية والواقعية في المسالك الاجتهادية عند المالكية وتفعيله في القضايا المعاصرة”، وكان اختيار الموضوع بإيعاز من فضيلة العلامة الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله.
قام الدكتور عبد الله بن عبد المومن بتأطير الأئمة والفقهاء، في مشروع ميثاق العلماء، بإشراف وزارة الأوقاف سنة 2011 إلى 2013م، وشارك في تأطير الأئمة والخطباء والوعاظ في “دورة المقاصد” بإشراف المجلس العلمي المحلي لإقليم السمارة 2016م. كما اشتغل بالتدريس فدرس مادة التفسير وعلوم القرآن، والفقه، والحديث، بمؤسسة ولي العهد للقراءات السبع، التابعة لوزارة الأوقاف منذ سنة 2009. ودرس مادة التفسير والحديث والفقه بمؤسسة الإمام القرطبي للتعليم العتيق بطنجة منذ سنة 2010م. و مادة الأصول والخطابة والمكتبة ومواد أخرى بمعهد التوعية الإسلامية بطنجة منذ سنة 2004 إلى 2012م. ومادة التربية الإسلامية بأقسام الثانوي التأهيلي بالمؤسسات الخاصة التابعة لوزارة التربية الوطنية لمدة سنتين 2005/ 2006م.
وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه التحق للعمل بكلية العلوم الشرعية السمارة سنة ( 2013 م ) فدرّس مجموعة من المواد من بينها ( أصول الفقه، مقاصد الشريعة، الفقه بأغلب تخصصاته (فقه الأموال، والأسرة، والتبرعات، والسلوك والآداب الشرعية..)، والتقعيد الفقهي والقواعد والنظريات الفقهية، والاجتهاد والإفتاء، وقواعد الاستنباط، والتعارض والترجيح…، كلها بسلك الإجازة.
وفي سلك الماستر درّس طبقات الفقهاء في المذهب المالكي، وأدلة المذهب المالكي وأصوله، وعلم التخريج…، وأشرف على بحوث كثيرة.
إن هذه المسيرة العلمية الحافلة بالعطاء أهلت الدكتور عبد الله عبد المومن لكي يتقلد مسؤوليات متعددة منها: تكليفه بمهمة تدبير البحث العلمي والشؤون الأكاديمية بكلية العلوم الشرعية بالسمارة منذ 2016م، و أستاذ زائر في الفقه وأصوله بجامعة محمد الخامس أبوظبي، وأستاذ زائر بالمنصة العلمية الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء (تخصص أصول الفقه)، وعضو لجان التحكيم التابعة للرابطة المحمدية للعلماء منذ سنة 2014م، وعضو لجان التحكيم بمجلة جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية 2015م. وعضو لجان التحكيم بجامعة محمد الخامس أبو ظبي، ومنتدى تعزيز السلم بالرباط وأبو ظبي، وعضو هيآت علمية بمجلات ودوريات دولية منها (مجلة المدونة) بجامعة البليدة بالجزائر، وعضو في هيأة تحرير مجلة اللغات والآداب بجامعة الجزائر، وعضو الهيأة العلمية والاستشارية في المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والتربوية بتركيا، وعضو مؤسس لمجلة كلية العلوم الشرعية بالسمارة ورئيس تحريرها، وعضو في منصة ومجلة أُريد الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية.
و منسق وحدة الفقه والأصول بمؤسسة كلية العلوم الشرعية بالسمارة منذ سنة 2013م. ومدير ورئيس تحرير مجلة الإبصار “مجلة علمية محكمة تعنى بقضايا الفكر والواقع” منذ سنة 2013م.
و له مشاركات إعلامية سمعية بصرية بكل من: إذاعة طنجة، الإذاعة الوطنية، ميدي 1، إذاعة كاب راديو…
ألقى المترجم له محاضرات متنوعة في عدة ملتقيات علمية، وشارك في ندوات متنوعة بمختلف أقطار العالم العربي والدولي من بينها: ندوة الاجتهاد والتجديد في أصول الفقه بأكادير 2010 جامعة ابن زهر كلية الآداب والعلوم الإنسانية. بموضوع: “الأدلة التبعية وإشكال التوهم والاختلاف: الذرائع والمصلحة والاستحسان أنموذجا”، و ندوة الفتوى وتحديات العولمة بتلمسان 2011م بموضوع:”مزالق التنزيل الذرائعي في القضايا المعاصرة”. بإشراف وتنسيق وزارة الأوقاف الجزائرية. ندوة الحديث السابعة بدبي 2015م بموضوع: “قواعد التدبير المالي في السنة النبوية تأصيلا وتنزيلا” بتنسيق كلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي. وفي نفس السنة ندوة دولية بين الرابطة المحمدية للعلماء ومكتبة الإسكندرية في نقض أصول التطرف شارك فيها بموضوع: أصول التدبير الوقائي والعلاجي لظاهرة التطرف في الفقه النوازلي المالكي، وندوة الأبناك التشاركية في كلية العلوم الشرعية بالسمارة سنة 2016م. بموضوع: “مدخل إلى أصول التكييف الفقهي للأعمال المصرفية”، وندوة التعايش بين الحضارات بتنظيم مؤسسة المكي مورسيا للثقافة والفنون بمدريد 2017، وندوتي ديوان الوقف السني وجامعة الإمام الأعظم ببغداد في تجديد الخطاب الديني، والإعجاز العلمي في القرآن الكريم سنتي 2017، 2019، بموضوعين: (تجديد مباحث أصول الدين بين المدارسة والممارسة)، و(لواحق الإعجاز التشريعي: الـتأويل، وكليات الإصلاح في الكون والإنسان)…وندوة حماية الوطن في السنة النبوية بكلية الوصل بدبي سنة 2017م، بموضوع: (الوطن والوطنية في السنة النبوية: حتمية الانتساب ومقصدية الحماية، دلالات استقرائية في نصوص السنة وفقهها) وندوات وتظاهرات علمية أخرى.
للدكتور عبد الله عبد المومن مشاركات علمية ، حيث أغنى الساحة المغربية بمجموعة من المؤلفات تتوزع بين الدراسات والتحقيق والتقديم :
فمن كتبه الدراسية العلمية نجد ” أثر الذرائعية والواقعية في المسالك الاجتهادية عند المالكية وتفعيله في القضايا المعاصرة”، و “مقالات ومقامات في الجانب الجمالي من التشريع”، و” درر الرجال: علماء وصلحاء أدركتهم ” (الجزء الأول) تراجم مغربية وشرقية، و ” رؤى معرفية في الأصول والمقاصد”، و ” القواعد المستنبطة من “دواوين المالكية” في السلوك والآداب.”عرض وبيان وتوضيح”. و ” نبذ التعصب والعنف من خلال علوم السنة ومناهجها (دلالات استقرائية في مسالك الرواية والدراية)، و غيرها…
وفي مجال التحقيق قام الدكتور عبد الله عبد المومن بتحقيق : “أشراط الساعة وذهاب الأخيار وبقاء الأشرار” للإمام عبد الملك بن حبيب الأندلسي المالكي 238هـ، و ” من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم من الصحابة” للعلامة محمد المدني بن جلون الفاسي 1298ه ، و” إعلام الجِلّة الأعلام بمن غير النبي صلى الله عليه وسلم ما لهم من الأعلام” للشيخ عبد الرحمن بن جعفر الكتاني.
أما في تقديم الكتب فقد قام ب ” تقديم وتبويب كتاب: “سراج الدلجة في فضل طنجة” للمحدث عبد العزيز بن الصديق الغماري. و تقديم وتصحيح كتاب “حيرة تلاميذ الإعدادي والثانوي التأهيلي” للأستاذ محمد سعيد الشركي اخناشر، وتقديم كتاب: “قوانين صوفية” للهاشمي بن عجيبة دراسة وتحقيق: حسناء بن عجيبة…، وتقديم كتاب في “علماء بعض قبائل غمارة” قيد الطبع بحول الله.
ويتولى الدكتور عبد الله عبد المومن الآن رئاسة تحرير مجلة الإبصار، التي صدر منها لحد الآن خمسة اعداد.
و منذ بداية الألفية الثالثة وإلى الآن كتب الدكتور عبد الله عبد المومن في جرائد ومجلات مختلفة، بعضها ينتمي إلى المغرب وبعضها ينتسب إلى خارجه، لكن اللافت في هذه المنابر الفكرية والثقافية هو تنوع اهتماماتها واختلاف توجهاتها ومقاصدها مما ينسجم مع شخصية الباحث المحكومة بالاتزان والاعتدال ويتناغم مع موسوعيته وتبحره. ومن بين مقالاته نجد: ” العدل في أصول المذهب المالكي”. (مجلة الإحياء للرابطة المحمدية للعلماء. العددان:34، 35)، و ” أثر مراعاة مقصد حفظ الأمة في فتاوى المالكية”. (مجلة الإحياء للرابطة المحمدية للعلماء. العددان: 37، 38 ). و “مزالق التنزيل الذرائعي في القضايا المعاصرة”. (مجلة الإبصار تصدرها جمعية إبصار للتربية والثقافة والبحث العلمي. العدد الأول/ 2013م). ” جوهر الأمن في الإسلام ونبذ فكر المروق والإجرام” . (مجلة منتدى الحوار. العدد الأول: 2003م الرباط)، و “المسؤولية وتجديد بنائها بين الوازع الأخلاقي، والرقي الحضاري، (كتاب القيم في المجتمع المعاصر، سلسلة ندوات جامعة محمد الخامس أبو ظبي 2019)، و”إعمال المصلحة في التعايش بين المختلفين عقديا” (مجلة المعرفة والعلوم الإنسانية، العدد الثالث، 2020م)، و”أصول التدبير الوقائي والعلاجي لظاهرة التطرف في الفقه النوازلي المالكي” (مجلة الإحياء، عدد 45، 46، 2018م)…وغيرها.
إعداد: عدنان الوهابي