لباس المرأة خارج البيت:
هذا ما يتعلق بلباس المرأة داخل البيت، أما عند خروجها إلى الشارع، فقد كانت المرأة التطوانية قديما لا تلبس فوق ثيابها إلا ما يعرف بالحايك، أما الجلاب، فكانت من ألبسة الرجال.
الحايك: وهو أنواع:
- الحايك “د المْحَرْبل”: ويكون نسيجه من الخيوط الصوفية الرقيقة الممزوجة بالحرير، ظاهره به حبيبات صوفية، وأطرافه ذات أهداب من حرير طولها نحو 15 سنتيمترا، يُجعل لها شباك جميل تتفنن في تنسيقه أيدي السيدات. وهذا النوع يلبس في المناسبات، أي عند خروج السيدة لزيارة تقصد بها التهنئة في مناسبة سعيدة أو للعزاء مثلا.
- الحايك “د الحاشْية”: ويكون نسيجه من الصوف والحرير أيضا، إلا أنه أملس دون الحبيبات الصوفية، ويتميز هذا الحايك بنعومة ملمسه. ويلبس في الخرجات العادية للسيدة.
- الحايك “د السُـكّر”: ويكون نسيجه من القطن والصوف، ويلبس في فترات اعتدال الجو.
- الحايك “د الفَيْداح”: ويكون نسيجه من الصوف الغليظ، ويلبس خاصة في فصل الشتاء البارد.
- الحايك “د حْريبْـلو” أو “بولـَهْوَان”: ويكون نسيجه من الحرير والصوف الرقيق، وهو خاص بالبنات الصغيرات السن، والفرق بينهما هو أن “حريبلو” شبيه بـ “المحربل” إلا أن حبيباته خفيفة، أما “بولهوان” فنسيجه عبارة عن خطوط من صوف وحرير تعرف بـ “الهْلاضِي”.
- “أشْمال”: وهذا النوع من الحايك منسوج من الصوف الخالص، وهو خاص بالنساء القرويات، حيث لا يغطي جسدهن كاملا، وإنما يكتفى فيه بتغطية الرأس مع أعلى الجسد، ثم يرد طرفاه على الرأس لكي تتمكن المرأة من استعمال يديها في مختلف أشغالها. ومن الملاحظ أنه شبيه بما كانت ترتديه المرأة في الأندلس.
الجلاب: وقد لم تعرف المرأة التطوانية لبس “الجلاب” عوضا عن الحايك إلا في غضون الأربعينيات من القرن العشرين، فلبست أولا الجلاب “البلدية” المخيطة بالبرشمان، وتكون ذات قَب كبير (وكلمة القب = بكسر القاف في المعاجم العربية بمعنى غطاء الرأس الملتصق بالجلباب) تجعله على رأسها على هيئة معينة كانت تعرف بالقب الطويل أو الواقف، وهو الذي يطوى على رأس السيدة بحيث يكون له نتوء من الجهة العليا للرأس، كما يجمع هذا القب من الجانبين بواسطة اللثام الأبيض المطروز أو المسلول. أما بعد ذلك، أي في الخمسينيات من القرن المذكور، فقد لبست المرأة التطوانية الجلابة “الرومية”، وهي التي كانت تخاط على هيئة أنيقة غالبا ما كان يخيطها لها الخياطون الإسبان على طريقة خياطة البَدلات الأوربية للرجال، بحيث لا تحمل الجلابة خيوط البرشمان ولا القياطين ولا غيرها من الشغل التقليدي. وفي هذه الحالة، كان النساء يستعملن القب المعروف بالقب الفاسي. وهو الذي يبدو فيه رأس السيدة على نحو تمثال أبي الهول المعروف في مصر، مع لثام أبيض أيضا يغطي وجهها دون العينين. علما بأن هذا النوع من الحجاب لم يمنع المرأة التطوانية من مواكبة النشاط الثقافي والفني والرياضي، وكذا المساهمة في النضال الوطني.
اللثام الساتر للوجه: وهو نوعان:
- اللثام المصاحب للحايك: وهو عبارة عن قطعة ذات شكل مستطيل من القماش الأبيض الخفيف من نوع “السُوسْدي”، يبلغ طوله نحو متر تقريبا، مع عرض في نحو 30 سنتيمترا، ويطرز طرفاه بالغرزة البلدية([1]) (الطرنجة، أو الوردة، أو النزول، أو القلب والجوارح، أو الشريف، أو الجوهر ف اغصانو … إلخ)، حيث تستر به المرأة مقدمة وجهها من أعلى أنفها مع الفم والذقن إلى أسفل عنقها، ثم تعقد طرفيه وراء رأسها، ليتدلى الطرفان المطروزان على جانبي الوجه وينزلا على الصدر.
- اللثام الذي كان يستعمل مع الجلاب: وهو عبارة عن (منديل) سبنية بيضاء مربعة الشكل، يبلغ ضلعها نحو 60 سنتيمترا، وهي إما “مسلولة”، أي ذات خطوط أو أضلاع أربعة على طول الحواشي، عرض الضلع نحو 3 سنتيمترات، قد سلت خيوطه البيضاء وعُوضت بخيوط ذات لون فاتح مغاير، كما تزين حواشي هذه السبنية بما يعرف بالشرارف، أي الأقواس الصغيرة المطروزة بطرز اليد أو الماكينة. أو قد تكون هذه السبنية مطروزة الزوايا بزهور أو أشكال معينة خفيفة باهتة من الطرز الرومي، إما باليد أو بالماكينة.
وفي الحالتين معا (السبنية المسلولة أو المطروزة)، يطوى اللثام على شكل مثلث، ويجعل على وجه السيدة، بحيث تبدو الزاوية المطروزة أو المسلولة على الناحية التي تلي فم المرأة ومقدمة وجهها، وتنزل على أسفل ذقنها، ويقبض اللثام من مؤخرة رأسها بواسطة دبوس، ثم يوضع عليه القب على الهيئة المذكورة سابقا.
وبمناسبة الكلام عن الحجاب واللثام عموما، فمن المعروف أن النساء الأندلسيات وخاصة الحرائر منهن، ارتدين الحجاب، أما الإماء منهن، فكان المجتمع يتجاوز عن حجابهن، ومن هنا فإن الإماء بتطوان، لم يكن ممن يتلثمن، وإنما كن يلبسن الجلاب بما يعرف بالقب المردود على هيئة الرجال، دون لثام، حتى إنه كان من الأمثال الشائعة المعروفة بين الناس قولهم: الخادم باللثام بحال الحمارة باللجام.
[1] – كان هذا النوع من الطرز يعرف في تطوان باسم الرقيم البلدي، ولم يعرف باسم الطرز الفاسي حتى النصف الثاني من القرن. وتتميز الغرزة التطوانية عن الغرزة الفاسية بكون الأولى أكثر دقة، حيث تطرز بفتلات رقيقة، وعدد خيوطها أقل من الغرزة الفاسية.
(يتبع)
ذة: حسناء محمد داود