الطوازن: ولم تكن المرأة التطوانية في القديم تعرف الجوارب، وإنما كانت تلبس في رجليها “الطوازن”، وهو لباس الساقين الذي يخاط من القماش الأبيض على شكل أنبوب طويل ذي ثنيات مكثفة، مع طرز في فوهته السفلى بـواسطة “السنينات” بالحرير الأبيض. وتلبس الطوازن بطريقة تنكمش فيها إلى بعضها حتى يغطى الساق كله من الركبة إلى أعلى القدم. ومن المعروف أن لبس “الطوازن” كان مقصورا على النساء المصونات، حيث لم تكن تلبسها الإماء ولا النساء العاهرات. ومن الملاحظ أن النساء القرويات في حوز تطوان كن يستعملن ما يستر سيقانهن ويقيهن من البرد بما يشبه الطوازن وهو ما يعرف باسم “الطرابق” من الجلد. قد احتفظ الإسبان لها بنفس الاسم Trabaq.
الشربيل والسباط المطلّع: فالشربيل هو لباس الرجلين الذي تلبسه المرأة داخل البيت، ويصنع من الجلد أو من الثوب القطني أو الحريري الذي يطرز بالحرير أو بالذهب. أما في الشارع، فكانت السيدة التطوانية تلبس في رجليها “السّبّاط المطلـّع”، وهو حذاء أحمر اللون، له خرصة جلدية في وجهه، وكان يعرف أيضا بـ “السباط دْ بيرة”، لأنه كان يصنع من طرف أحد أفراد عائلة بيرة VERA الأندلسية الأصل. أما النساء القرويات فكن يلبسن ما يعرف بالريحِيّة. ولم تعرف السيدة التطوانية لبس الأحذية الأوربية ذات الكعب العالي إلا بعد حلول الحماية الإسبانية بالمنطقة، وغزو السلعة الأوربية لأسواق المدينة.
زينة الرأس عند المرأة:
أما زينة الرأس فكانت تختلف بالنسبة للمرأة التطوانية حسب السن، وكذا حسب المناسبات. فالطفلة الصغيرة تكون عارية الرأس، حيث يبدو شعرها المصفف بـ “القـُـصّة” المدلاة على جبينها.
“التركيبة” و”الزرّوف”: ثم إن الفتاة إذا ما بلغت من العمر ما بين 10 و13 سنة، فإنها تضع على رأسها ما يسمى بـ “التركيبة”، وهي عبارة عن شريط من الكارون المذهب الذي يخاط بطريقة تسمح بتركيبه على رأسها، فيشد على جبينها، ويزين وسطه بقطعة صغيرة من الحلي (شطبة أو خلال). والتركيبة من علامات العناية بالمظهر بالنسبة للفتاة، ودليل على أنها قد بلغت سنا يلفت أنظار الخاطبات. وكان من الملاحظ على من لا تضع التركيبة على رأسها، أنها تنعت بكونها مهملة. وكانت الفتاة تضع التركيبة في الأيام العادية وبدون أية مناسبة، أما في المناسبات والأعياد، فإنها تستبدلها بـ “الزرّوف”، وهو عبارة عن قلادة ذهبية رقيقة مرصعة توضع على الجبين أيضا. وكل هذا إنما هو خاص بفتيات الأسر الموسرة العريقة بطبيعة الحال. أما إذا بلغت الفتاة سن المراهقة، فإنها تفرق مقدمة شعرها بالقسمة في وسط الرأس، وترد الشعر على الجانبين، بحيث ينزل على أذنيها وجانبي وجهها بما يعرف بـ “الدّمُوج”([1])، بينما تضفر باقي شعرها من الوراء، لينزل على ظهرها وقد اختلطت جدائله بالضفيرة الطويلة، المكونة من خيوط صوفية أو حريرية سوداء أو خضراء أو بنفسجية، وفي أسفلها جُمّات تنزل على ظهر الفتاة على قدر طول ثيابها، حيث يشد عليها حزامها.
“السبنيّة المسلولة” و”السبنية دالبْحَر” و”الهْليكة”: وبعد بلوغ الفتاة، كانت تغطي رأسها بـ “السبنية المسلولة”([2]) التي تربطها على رأسها من جهة قفاها، ثم تضع فوقها ما يعرف بـ السبنية د البحر”([3]) وهي منديل مربع من الحرير المطرز بأنواع الزهور والنباتات، ألوانه خافتة (الأبيض والوردي والبنفسجي والأزرق والأصفر والأخضر الباهت)، وحواشيه ذات أهداب حريرية طويلة؛ تطوي المرأة هذه السبنية على شكل مثلث، ثم تضعها على رأسها بحيث تكون أهدابها إلى مقدمة الرأس، ثم تخالف أطرافها لكي ترجع إلى مؤخرته، فتربط عندها، بحيث تبقى الأهداب ظاهرة مسترسلة على جوانب رأسها، وهذه الطريقة هي التي تعرف بـ”أزْفل”.
وقد تضع المرأة فوق السبنية د البحر المعدة على هيئة تعرف باسم (الطاكُو)، منديلا آخر يعرف باسم “الهليكة”، وهي منديل خفيف مطروز، يطوى ويعصّب بها الجبين بعقدة في مؤخرة الرأس أيضا، لترسل فوقه أهداب السبنية دالبحر.
ومعلوم أن المرأة التي تلف رأسها بهذه الطريقة، إنما تغطي شعرها كله، فلا يبقى ظاهرا منه إلا ما تتعمد إظهاره على جانب خديها، وهو ما يعرف بـ “الدموج” أو “الراية”، فالدموج عبارة عن خصلات من الشعر الذي يرسل على جانب الوجه من جهة الأذنين، فيتدلى على الخدين إلى ما يلي العنق، حيث تقص هذه الخصلات عل هيئة تسمح بظهورها سوداء لامعة هفهافة، توحي بأن باقي الشعر المخفي يحمل نفس المواصفات. ومما تجدر الإشارة إليه، أن هذه الدموج كانت مما تتزين به النساء العاميات، أما الشريفات فلم يكن يتزين بها. وأما “الراية” فهي عبارة عن خصلات قصيرة تصل إلى حد طرف الأذنين فقط. ومن الجدير بالذكر أيضا أن السيدات المحافظات، عندما لاحظن أن موضة الراية بدأت تسري بين العاهرات، تركنها وتخلين عنها.
هذا ما يتعلق بزينة المرأة قبل الزواج، أما بعد زواجها، فإنها كانت تزين رأسها حينئذ بما يعرف بـ”الحَنْطُوز”، وهو عبارة عن عدد من المناديل والقطع التي تلف بها رأسها، والتي تتبدل وتتغير حسب المناسبات والأذواق.
“الحنطوز”: فأول ما كانت تضعه المرأة على رأسها لصنع الحنطوز، هو السبنية المسلولة التي تشد بها رأسها، ثم تضع بعد ذلك “البنيقة” لصنع الطاكو، والبنيقة([4]) عبارة عن شبه وسادة صغيرة على هيئة مثلث مملوء بالصوف أو القطن، يطرز ظاهره بالحرير، ويثبت بواسطة الدبابيس في أعلى الرأس فوق السبنية البيضاء. ومما تشده المرأة على رأسها فوق البنيقة، “الشّرْبِيّة” أو “الفَرْخة” مع “السبنية د الذهب”، مما يشكل الحنطوز.
[1] – سيأتي شرح الدموج.
[2] – وهي منديل أبيض قد سلت بعض خيوطه في أطرافه، لتعوض بخيوط أخرى من لون مغاير، وقد سبقت الإشارة إليها عند شرح اللثام.
[3]– تنسب هذه السبنية إلى البحر، لأنها كانت تستورد من البلاد الأوربية، وخاصة من سويسرا. وهناك من يطلق عليها السبنية دسويسا. ويقول المؤرخ الرهوني إنها كانت تصنع أيضا في مدينة ليون بفرنسا (مخطوط عمدة الراوين في تاريخ تطاوين).
[4] – كما يطلق لفظ “البنيقة” على “بنيقة الحمّام”، وهي خرقة تهيأ على شكل قب، وتكون مطرزة من جانبيها وحواشيها، مع جميمات حريرية على حواشيها، تجعلها المرأة على رأسها عند خروجها من الحمام لتجفف شعرها المبلل، حيث تلف طرفيها على شعرها الطويل، وتكون هذه البنيقة مطرزة بالطرز الرباطي ذي الألوان المتعددة.
ذة: حسناء محمد داود