في كل مناسبة امتحانية تطفو فوق أديم التقويم التربوي ظاهرة الغش في أسلاك التعليم..
في كل مناسبة امتحانية يفاجئنا مرشحون بطرائق مبتكرة وذلك عن طريق وسائط من قبيل:
- القصاصات..
- المستلات..
- الخدمات النسخية..
- السماعات البلوتوتية..
- الأقلام الضوئية..
يقف المراقبون والمكلفون بالتقويم والمصححون والمكلفون بالحراسة مشدوهين أمام مبتكرات الغش..ووراء ظاهرة الغش تكمن أزمة عميقة، أزمة أخلاقية نسقية في مجتمع أضحت قيمه مهددة باستبدالات حاطة ومهينة..
يكثر الكلام في موضوع نجاعة قانون زجر الغش، والذي لا ريب فيه أن اعتماد المقاربات الزجرية أو العقابية ليست بديلا أوحد بالنظر إلى عمق واتساع الغش.
يفهم من هذا أن الغش ليست ظاهرة تربوية فحسب بل هي ظاهرة مؤصلة وممتدة في أنساق اجتماعية وسياسية وثقافية وتربوية، ومن ثم فلا بد من البحث في جذور هذه الظاهرة في إطار عام أولا ثم في إطار خاص هو إطار الأنظمة التربوية والتعليمية وأساليب التقويم أيضا..
إن الغش سلوك غير أخلاقي لكن أخطر مجال للغش هو أن يتعمم ويسود في حقل جوهري بالنسبة للمجتمع هو حقل التربية والتعليم، فضلا عن كونه انحرافا وانزياحا عن منظومة قيمية وشرعية..
نخلص من هذه الفكرة إلى أن ظاهرة الغش تسائل مكونات المجتمع من:
- مؤسسات الدولة..
- مؤسسة الأسرة..
- مؤسسات التربية السياسية والمدنية..
- مؤسسات التعليم بأسلاكه..
طبعا إن لهذه الظاهرة أسباب كثيرة متشابكة ومعقدة، منها :
- خلل في الأنظمة الدراسية..
- ضعف الوازع الأخلاقي والديني..
- ضعف أو انعدام التأطير التربوي لمكافحة هذه الظاهرة داخل الأسرة..
- ضعف وعدم نجاعة العقاب القانوني الرادع..
ما السبيل إذن إلى التحكم في ظاهرة الغش لاجتثاثها من المجتمع أولا ومن المجتمع المدرسي ثانيا؟
هل يمكننا أن نبني مجتمع الغد دون أن نضع حدا لاستشراء هذا الخلل القيمي الذي له انعكاسات سلبية ومخيبة لكل الانتظارات؟
إن ما يبنى على الباطل والتمويه والتزوير لا يمكن التعويل عليه لبناء غد في مستوى تطلعات المغرب الجديد برأسماله البشري الشاب.
وخلاصة القول إن محاربة ظاهرة الغش يجب أن تكون في جوانبها التربوية والاجتماعية والدينية والنفسية والزجرية، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع من خلال العمل المشترك لاستئصال الغش بشكل جذري ومحاربته بشتى الوسائل المتاحة لإعطاء مصداقية للشهادات التي تمنح في كل سلك تعليمي، لكن أفضل وسيلة هي اعتماد الطرق الوقائية التي يصممها الخبراء التربويون الذين يركزون على المواكبة أو المرافقة التربوية للمستهدفين بالتربية والتعليم وتيسيير الوقاية التي تسمح لهم بتحصين ذواتهم وتمنيعها ضد هذه الآفة.
فدوى أحماد