أين كنتَ يا مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ، و نحن مند حلتْ بنا “كوفيد” ، نلتمس لقياك ، فلا نجد سبيلاً إليك .
ثم عدتَ إلى الشاطئ المتوسط بحاضرة تطوان ، بدوْرتك السابعة و العشرين . فقد هب نسيم البحر بأطيافه الفنية على مدرجات “الأوبرا” سينما إسبانيول و سينما أبنيدا لمدة سبعة أيام (من 10 إلى 17 يونيو ) . كل هؤلاء السينمائيين و الفنانين أبناء الفضاء المتوسطي انتهوا إلى تتويج المهرجان ، و بجهد متواصل ليظللنا سقف سينما إسبانيول و أبنيدا ، ليعالج بلغة سينمائية ، و بفنون الأدب السينمائي قضايا اجتماعية ، لتُقدم للجمهور على طبق من فضة ثمانية أفلام وثائقية من بلجيكا / لبنان / إسبانيا / إيطاليا / مصر / المغرب،قطر/ المغرب / فرنسا / .. و قد عرضتْ في هده القاعات الفخمة ، للجماهير الذواقة لخفقات القلب ستة أفلام من أربعة (قصيرة) ، و خريف التفاح من المغرب ، و فيلم البحر الأبيض المتوسط من إسبانيا ، و “كوسطابرافا” من لبنان ، إلى فيلم “مكتبة باريس” من إيطاليا ، ثم زنقة “كونطاكط” من المغرب أيضاً .
من بهجة الجمهور بالسينما ، أقبلتْ مساحة حرة ، و في طياتها فيلم فلسطيني يحمل عنوان “200متر” ، من إخراج أمين نايْفة ، و هي من إحدى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني ، إذ يُقيم مصطفى و زوجته سلوى بقريتيْن تبعدان عن بعضهما مائتيْ متر ، ليفصلهما جدار العار العنصري الذي يُحرم الأب من مُعانقة أبنائه و زوجته ، إلا عن طريق ضوْء يشعله و يطفئه من شرْفته ، لكي يردون له التحية بمثلها ، حتى تعرض ابنه لحادثة ..
ثم جاءتْ الأفلام الطويلة المبرمجة بألوان مختلفة التي تسكنها الشفاه الظامئة ، لفيلم “كوردي سطره” للمخرج “فريت كراهان” ، بأبجدية حارس أخيه ، وهو التلميذ الذي يعاني من عقلية قمعية ، وقد أصيب بمرض غامض ، ليخضع إلى بيروقراطية عنصرية ، قبل أنْ ينقل إلى المستشفى ..
وهل فيلم “الريش” لمخرجه المصري “عمر الزهيري” يعود بالمشاهدين إلى عالم السحر و الشعوذة ، ليتحول “السي السيد إلى ديك” ، و تبقى الزوجة بلا عائل ، و قد تحملتْ تجارب قاسية في مجتمع متخلف ، لا قعر له ..
فقلما يجد المشاهد “أسطورة السرطان البحري/ري كرانشو” لمخرجه “أليسيو ريك ودي ريكي” بالتعاون مع “ماطيوروبيس” ، و البطل هنا صياد متشرد سكير بقرية “طوسيا” الإيطالية ، حيث سيقْدم “لوشيانو” على قتل غريمه الذي يمنعه من المرور بإحدى المعابر ، ليُنفى بعد دلك إلى أرض النار ، و من هنا سوف يأخذ طريقه إلى التوْبة ؟
~ بداية في افتتاح المهرجان ، و بعدما داع الصيت لهؤلاء السينمائيين ، أقدم الحفل على تكريمي ثلاثي ، للممثلة البلجيكية “ديبوراه فرانسوا” ، و المخرج نور الدين الخماري من المغرب ، ثم الإسباني ، المخرج و الممثل “ألكيس برنارد موهل” . احتوى المهرجان على أعمال فنية ، من ندوات نحو السينما في العصر الرقمي الوسيط ، و الخطاب النقدي ، كما كانت هناك تقديمات لكتاب “معرفة الصورة ” في الفكر البصري المتخيل ، و السينما للكاتب محمد نور الدين أفاية ، بتسيير من الباحث علي معزوز بمكتبة “أكورا” ، ثم شظايا الذاكرة لسعْد الشرايبي ، من تقديم الأستاذ الجامعي حمادي كروم . كما كانت هناك أيضا أوراشا للتلاميذ من أجل التربية على الصورة .و لم تخلُ البرامج من عرض”ألبوم” ذاكرة المهرجان .~ لجنة التحكيم الأفلام الطويلة ، و قد ترأسها “جاك طرابي” مخرج من ساحل العاج و هو فرنسي أيضاً ، بمعية الأعضاء : “مابيل لوشانو” مخرجة و روائية من إسبانيا ، و محمد العربي العروسي ، كاتب و ناقد سينمائي من المغرب ، ثم “فيرونكا فلورا” ،مبرمجة و صحفية إيطالية و أخيراً محمد الباز ، فنان تشكيلي من المغرب . ~ وقد تكونت لجنة النقد مصطفى المسناوي أيضاً من :أمل الجمل أستاذة مادة الفنون و كاتبة سيناريو و ناقدة سينمائية من مصر . و معها الأعضاء ، عادل السمار ناقد سينمائي و مترجم من المغرب ثم ليلى الشرادي الباحثة في مجال السينما ، من المغرب ، و ميكيل أنخيل بارا ، صحفي و كاتب سيناريو و نائب رئيس جمعية الكاتبات و الكتاب السينمائيين بالأندلس بإسبانيا . هؤلاء هم الدين أعلنوا عن الجوائز الآتية : ~ الأفلام الوثائقية ~ تمودة جائزة تطوان الكبرى ، اقتطفتها أسماء المدير من المغرب/قطر ، في فيلم “في زاوية أمي” (2021م) ..~ جائزة العمل الفني الأول كان من حظ “صرة الصيف” وهو فيلم لبلال سالم (2202م المغرب ) ..~ جائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت لفرنسا (2021م) بعنوان ، “نحن فيلم أليس ديوب” .. أما الأفلام الطويلة و قد التمستْ إلى التتويج : ~ جائزة أحسن تشخيص “إناث” ، حصدتها “لوناشيتو” في فيلم “قمر أزرق” ل “ألينا كريكوري” .. ~ جائزة أحسن تشخيص ذكور ، ارتمى عليها “أشرف برهوم” في فيلم الغريب .. ~ جائزة عز الدين مدور ، جائزة العمل الفني ، ذهبت إلى تونس في فيلم “قدحة فيلم” لأنس الأسود (تونس 2022م).. ~ جائزة محمد الركاب ، جائزة اللجنة الخاصة ، استأثرتْ بها فلسطين/مصر/هولاندا/قطر ، في فيلم “صالون هدى فيلم” لهاني أبو أسد .. ~ أما محصول الغلة الجيدة فقد اقتطفته إيطاليا /فرنسا/سلوفانيا/ مرتين ، أولهما عند جائزة مصطفى المسناوي ، جائزة لجنة النقد ، و ثانيهما عند جائزة تمودة ، وهي جائزة تطوان الكبرى ، في فيلم “جسد صغير ل”للورا ساماني” ، و دلك رغم صغر الجسد .. فكان مسك الختام ، تكريم الفنان القدير المصري شريف منير و الدي ألقى كلمة مختصرة عن حياته الفنية بعدما فشل في الثانوية العامة خمس مرات لينال عقاب والده بطرده من البيت ، إلخ..
~ ما كنت أمل أن يتم تكريم أحد مخرجي و سيناريست السينما المغربية التطواني المرحوم محمد إسماعيل الذي غادرنا إلى دار البقاء بتاريخ 20 مارس 2021م .. وقد أخرج العديد من البرامج و الأفلام ، منها “أوُشتام” وبعد و “وداعا” ، فكان الأحرى من مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط بتطوان أنْ يُوَدع المخرج محمد إسماعيل بتكريم يليق بأعماله الفنية ، بمدينته حاضرة تطوان ..
عبد المجيد الإدريسي