الجزء الأول من كتاب: النعيم المقيم
تقديم:
ذكر محقق الكتاب أن ما دفع الفقيه المرير إلى تأليفه لهذا الكتاب، وعيه بثلاث نقاط:
أولها: أهمية العلماء الذين عاشوا في المنطقة التي ينتمي إليها، بالمقارنة مع مناطق أخرى من المغرب التي ألف عن رجالها.
وثانيها: وعيه بتعرض الثقافة التي أنتجتها هذه المنطقة إلى الضياع والنسيان، وقد كفانا في مؤلفه مؤونة البحث والتنقيب عنها.
وثالثها: وعيه بانتمائه إلى تلك الحركة الثقافية التي أرخ لها، وذلك باعتباره أحد رجالها في عصره.
ولذلك نجد من مزايا هذا المؤلف الضخم امتيازه بدقة التوثيق للأحداث والمعلومات الواردة فيه، يقول د.امحمد بنعبود في تقديمه له: (ومما يدل على التوثيق العميق الذي يطبع هذا الكتاب، إشارة المؤلف إلى عدد كبير من المصادر؛ مثل أعمال الإمام الباجي والشهاب الخفاجي والقاضي عياض والإمام مسلم والترمذي وابن المبارك وابن حزم والشافعي وغيرهم، كما اعتمد مجموعة من الشهادات الشفوية، إضافة إلى الوثائق العدلية، مما يدل على تنوع مصادره).. ولعله قد تأثر في طريقة إعداد كتابه هذا بطريقة أستاذه الفقيه أحمد الرهوني في كتابه “عمدة الراوين في تاريخ تطاوين” من حيث الاعتناء بتاريخ مدينة تطوان ورجالها وعلومها ووضعها الاجتماعي والثقافي، فكان الكتاب جامعا بين استشكال الفقيه ونوازله واستنباطاته، وأريحية الأديب في تنوع الأساليب المستعملة، وإخبارية المؤرخ البصير بتاريخ المنطقة، وروحانية المتصوف صاحب الذكر والسلوك..
ولذلك نستكشف في المرير من خلال كتابه أنه ينتمي إلى جيل العلماء المحافظين الذين خبروا التحولات الحادثة بفعل تعاظم قوة اوربا وسيطرتها على مجالات الإنتاج، واطلعوا على رياح الشرق العربي بأفكاره المستجدة.. ولذلك نجده في النعيم المقيم يبسط القول في محتلف القضايا الاجتماعية والفقهية والدينية والسياسية، فنراه مناقشا لقضايا المرأة وتعليمها، ومحاربا لمظاهر الشعوذة والأوبئة، باثا رأيه في الغناء والوجد الصوفي، ومتتبعا أخبار الصعود إلى القمر وأسباب الزلازل والقنبلة الذرية، ومأصلا لقضية رؤية الهلال والإقامة بدار الكفر.. وهي قضايا أدلى فيها برأيه بعد سرد آراء طائفة من علماء الأمة القدامى والمحدثين.. كما يمتاز “النعيم المقيم” بكونه يدخل ضمن السنة الحميدة التي دأب عليها علماء المسلمين في توثيق أسانيد معارفهم وأسانيد المؤلفات التي درسوها واتصلوا بمؤلفيها أو بمن اتصل بهم. كما امتاز الكتاب بكون مؤلفه قد عرض أفكاره في أسلوب بديع وتناسق بليغ واستطراداته الكثيرة ذات القيمة العلمية والتاريخية، كما تغلب عليه طبيعة الفقيه الصوفي المتشبع بالمبادئ السامية التي كان عليها كبار علماء المسلمين..
مضامين الجزء الأول من كتاب: النعيم المقيم
إن أهم ما امتاز به الجزء الأول من النعيم المقيم أنه تناول مواضيع متعددة في عالم التصوف على الخصوص، فالفقيه المرير خصص هذا الجزء للوقوف على سيرة أهم شيوخ الطرق الصوفية بالحاضرة التطوانية ونواحيها، أمثال: الشيخ سيدي أحمد بنعجيبة شيخ الطريقة الدرقاوية بها وابنه سيدي عبد القادر بنعجيبة، والشيخ محمد الحراق شيخ الزاوية الحراقية، والشيخ علي بن ريسون شيخ الزاوية الريسونية، وما تفرع عن ذلك من قضايا كبرى تتعلق بالولاية والتربية على يد الشيخ، والكرامة وغيرها، هذا بالإضافة إلى التركيز على الصراع الواضح الذي كانت تطوان مسرحا له بين فقهاء الوقت وشيوخ هذه الزوايا، وما تفرع عنه من قضايا ونوازل. والمسألة الثانية التي اهتم بها هذا الجزء كذلك هي طلب العلم والحث على التعلم ووضع نبذة عن تاريخ العلوم في الإسلام، وما يتعلق بذلك من تقسيم العلوم، ومسألة تعليم المرأة وأحكام ذلك، والحديث عن العلوم العصرية والتكنولوجيا. أما المسألة الثالثة التي طغت على هذا الجزء فهي تراجم شيوخ المؤلف ومعاصريه من علماء بلده وغيرهم.
وتبعا لما ارتأيته بخصوص ترتيب فهارس موضوعات هذا السفر العظيم، تسهيلا لعمل الباحثين في التاريخ والتوثيق التاريخي للأحداث وتراجم الأعلام والقضايا المطروحة في الكتاب بشكل عام، سأقوم بوضع هذا الترتيب وفق ما يتطلبه المقام، مع ذكر الصفحات الموثقة لهذه المواضيع كما جاءت في فهرسة الكتاب، بحيث أخصص: 1- الفقرة الأولى بتراجم الأعلام الواردة بالجزء، 2- وأثني بذكر القضايا العامة الواردة فيه، 3- وأخصص الفقرة الثالثة لذكر بعض القضايا الخاصة الطاغية على الجزء المعين، 4- ثم فقرة رابعة عن الأحداث العامة، 5- والفقرة الخامسة عن النوازل الفقهية والعقدية المطروحة في الجزء. وقد تتخلف إحدى هذه الفقرات أو تفسح المجال لقضية أخرى بحسب ورودها، وذلك كالآتي:
- تراجم الأعلام: ترجم الفقيه المرير في الجزء الأول من نعيمه لعدد من الأعلام من شيوخه وأساتذته وبعض شيوخ التصوف في حاضرة تطوان ونواحيها، والحديث عن بعض أولياء المنطقة الشمالية، ونبذة عن بعض الأئمة المجددين في تاريخ الإسلام، وبعض العالمات كذلك، مبتدئا في كل ذلك بوضع ترجمة له ولأسرته. وهكذا ترجم المرير للأعلام الآتية أسماؤهم:
- تراجم عامة:
- ترجمة الفقيه المرير وذكر نسبه واتصال والده بالشيخ ابن عجيبة وقصده في وضع هذا الكتاب/39-41-147-224
-
الإمام مالك وفضله- ص: 35
-
والد المؤلف سيدي محمد المرير- ص: 39- 224
-
الشيخ عبد القادر بن عجيبة وذكر بعض كراماته أيام الطاعون – ص: 41 – ثم تتداخل ترجمته مع ترجمة والده الشيخ سيدي أحمد.
-
الشيخ سيدي أحمد بنعجيبة الحسني شيخ الزاوية الدرقاوية بتطوان وذكر مؤلفاته- ص: 46- 99-203- 205- 209-222
-
الشيخ علي بن ريسون شيخ الزاوية الريسونية بتطوان- ص: 57-65-67-82-97-98- – الشريف ابن الصادق الريسوني/158
-
الشيخ الحراق شيخ الزاوية الحراقية بتطوان/161-164-179- 186-189
2- ترجمة مختصرة لبعض أولياء تطوان، وهم:
- سيدي عبد القادر التبين/230
-
سيدي عبد الله الفخار/230
-
سيدي علي بركة/231-236
-
سيدي نوار/241
-
سيدي علي الفحل/242
-
عبد السلام بن قريش/244
3- ترجمة مختصرة لبعض الأعلام:
- سيدي امحمد (فتحا) بن علي/228
-
القاضي محمد الكراسي/ 228
4- ترجمة مختصرة لمناظري قصيدة البوصيري وهم:
- الفقيه السلاوي وجوابه/69
-
العلامة الصقلي وجوابه/70
-
الفقيه ابن سودة وجوابه/72
5- ترجمة مختصرة لبعض علماء تطوان وأغلبهم هم شيوخ ابن عجيبة:
- الإمام محمد الجنوي/103
-
الشيخ أحمد الورزازي/103
-
الشيخ علي شطير/148
-
عبد الرحمن الحايك/149
-
امحمد بن قريش/239
-
علي بن مسعود الجعيدي/240
6- ترجمة مختصرة للأئمة المجددين في تاريخ الإسلام وهم:
- عمر بن عبد العزيز/108-109
-
ابن دقيق العيد/108-109
7- ترجمة مختصرة لبعض نساء الدولة الإسلامية وهن:
- السيدة عائشة (أم المؤمنين)/128-129 – باقي أزواج النبي عليه السلام/129
-
مريم بنت أبي يعقوب الأنصاري/126
-
عائشة القرطبية/126
-
أم الهناء بنت القاضي ابن عطية/126
-
ولادة بنت المستكفي/126
8- ترجمة مختصرة لبعض علماء الإسلام، وهم:
- ابن العربي المعافري/175
-
الإمام جلال الدين السيوطي/175
2- قضايا عامة:
- طلب الفقيه المرير للعلم وذكر أيامه في ذلك /14- 38-45
-
العلوم عند المسلمين وذكر بعض أعلامهم/22 – عناية الخلفاء المسلمين بالعلوم والترجمة/22 – العلوم العصرية وتجديد العلوم/116-
-
بين العلوم الفلسفية والإلحاد/23
-
أمية الرسول (ص)/28 – التفقه في الدين وترغيب الشرع في ذلك/31 – فضل العلم والعلماء/31-32
-
علم الإسناد والحديث وتفرد المسلمين بهما/33 – فقه المذاكرة في العلم/177- ضرورة اتخاذ الشيخ في طلب العلم/34
3- قضايا اجتماعية:
- الطاعون وما ورد فيه من أحكام/43
-
إقطاع الأراضي لبعض الأعيان وفتوى الفقيه الزواقي في ذلك/59-60-61-65
-
ذكر ولاة تطوان ونبذة عن تاريخها/230
4- قضايا في التصوف:
- انتقال ابن عجيبة إلى علم الباطن/47- – لبس المرقعة والخرقة/49 – مجالس السماع والطرب/74 – السند الصوفي (الريسوني والدرقاوي)/89 – ابتلاء أولياء الله/178
-
شعر الشيخ الحراق/189 – شرح دعاء الشيخ الحراق في ختام مجالسه/190
5- نوازل فقهية وعقدية:
- الحكم الشرعي متعلق بجميع أفعال العباد- الفقيه ينظر في نظام الملك والسلطان والوزير كما ينظر في أحكام العبادات والمعاملات- الإجماع على أنه لا يحل لامرئ مسلم أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه /14-
-
حكم البناء على المقابر/89 – إثبات الأحكام الشرعية برؤيا المنام/91
-
تبرج النساء والسفور/113-134- ولاية المرأة/116- حجاب المرأة/119-121– جواز خروجها لسؤال العلم وفتاوى بعض فقهاء العصر في مسألة تعليم المرأة وفتاوى شيوخ العلم في ذلك/123-130-131
-
ما ذكر في أنين المريض – ما قيل في حب النساء – ما قيل في معاملة النساء/132-133– وضع المرأة المغربية/138
-
تغيير المنكر/140-141-142 – الاحتجاج بالقدر/143 – القول في فاتحة النكاح والفتاوى في ذلك/155
-
مسح الوجه عقب الدعاء/156 – ألفاظ الصلاة على النبي (ص)/91 – كراهة تقبيل اليد في المذهب المالكي/88
-
فتاوى ابن عجيبة في الطلاق الثلاث/209- ومسألة إيمان المقلد/213 – مسألة رؤية الأهلة/214
-
خلق الدنيا وشرائط الساعة/215/220
هذه جملة الأمور التي اختص بها هذا الجزء من كتاب النعيم المقيم لشيخ العلوم الفقيه محمد المرير. وسيلاحظ المطلع على فهرسة الكتاب مدى تداخل المواضيع بعضها مع بعض، وتناثر المعلومات عن الشخصية الواحدة بين الفقرات المتعددة حيث تنتشر على مدى صفحات الكتاب من غير ترتيب، وهو الهأمر الذي دفعني لأضع هذه الصيغة الثانية لفهرسة الكتاب وفق رؤية موضوعاتية مسترسلة.
لقد وصف الأستاذ المكي الناصري مؤلفات الفقيه المرير وإنتاجه الفكري بقوله: (وإن نظرت إلى ميدان التأليف؛ وجدته ناصع الأسلوب مشاركا متفننا في فروع الثقافة الإسلامية على اختلاف ألوانها، ووجدته في دائرة اختصاصه، مفكرا مبتكرا مجددا متحررا، لا يقر مواقف الجامدين المتزمتين ولا ينزلق نحو متاهات النزقين المتحذلقين..).
ذ.منتصر الخطيب