نظرا إلى عدم التساوي في الدخل المالي للأفراد والجماعات في مختلف بقاع الدنيا، كان لابد من التفكيرفي إيجاد حلول تقضي ولو نسبيا على نوع من التفاوت، خاصة من حيث الفوارق الشاسعة في نمط عيش الإنسان وتنميته..
لهذا، فكرت الأمم المتحدة في الموضوع وقامت بخلق الاحتفال بالتعاون مع التحالف الدولي التعاوني في أول يوم سبت، كل شهريوليوز، ابتداء من سنة 1995، حيث تم إنشاء لجنة مختصة بتعزيزوترسيخ مفهوم التعاونيات والعمل على النهوض بمؤسساتها في إطارشراكة بين أطراف مصلحة متعددين من مؤسسات عامة وخاصة عالمية لدعم المؤسسات التعاونية التي تشمل الناس بالدرجة الأولى وترتكزعلى مفهوم الاكتفاء الذاتي، باعتبارهما عاملين مهمين من عوامل التنمية المستدامة..
والغرض من هذا الاحتفال هوالنهوض بالوعي وإذكائه، إزاء الأعمال التعاونية التي تقوم على القيم والمبادئ الأخلاقية، من خلال مساهمات التعاونيات في حل المشاكل ذاتها التي تتجند لها الأمم المتحدة من أجل معالجتها..هذه التعاونيات التي لا شك أنها تغلبت، شيئا ما، على هدفها في عزالظروف والأوضاع أو بالأحرى الأزمة التي أملتها الجائحة وهكذا يمكن القول بأن أكثرمن مليارعضو تعاوني على مستوى العالم بأسره، لاأحد منهم معرض لمواجهة هذه الأزمة بمفرده في العديد من المجالات، منها الصحية والزراعية والتوظيفية والخدماتية وغيرها من المجالات التي يمكن أن تحدث بها التعاونيات..
وفي هذا الصدد، فإن المغرب عريق في خلق تعاونيات أوأعمال تضامنية، بشكل فطري، حيث قيم التضامن والتكافل الاجتماعي الذي جبل عليه المغاربة، منذ قرون، مستنيرين في ذلك بتعاليم دينهم، فوفقا لما هو متداول ومعروف، إذا كان المقصود بالتعاونية التأمين التعاوني الذي يتجلى في أن يقوم أفراد ومؤسسات بدفع مبالغ لصندوق خاص بهم لايتدخل فيه طرف آخروبالتالي يتفقون على أنه إذا مرض أحدهم أوتعرض لحادث أو كان مقبلاعلى الزواج، فيجوزأن يدفع له جزء منه برضا المنخرطين وطبعا، يشترط في الصندوق أن يكون سالما مما يسيئ إلى الضوابط الشرعية، فلا يكون فيه، مثلا، حيف أوتظلم أواستثمارواستغلال فيما حرم الله، كأن توضع أمواله في البنوك الربوية لأخذ فائدة أوأن تدفع أمواله في معاملات أخرى محرمة..
وآخرا، فإن التعاونية المنشودة لدى الضمائرالحية هي تلك التعاونية التي لا تشوبها شائبة، بعيدا عن أي استغلال أوهضم لحقوق منخرطين لفائدة ثلة غيرنزيهة منخرطة معهم، اتفقوا جميعا، ذات يوم، على أنهم سواسية، بل جسد واحد في السراء والضراء..
محمد إمغران