عادت النيران لالتهام غابات بالشمال من جديد، بكل من ضواحي وزان وشفشاون، ثم بمنطقة بني عروس بالعرائش، حيث إن الأخيرة كانت أضخمها وأخطرها على الإطلاق، مما تسبب في وفاة سيدتين، وفقا لأولى المعطيات المتوفرة، في حين تم التمكن من إطفاء بقية الحرائق
ومنذ ذلك الوقت، تعيش المناطق السالفة، على وقع حالة استنفار قصوى، بفعل سرعة امتداد النيران لمزيد من المساحات، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها فرق الإطفاء المكونة من وحدات برية، مدعومة بطائرات “كنادير” تابعة للقوات الجوية، وطائرات أخرى من نوع ” توربو تراش” التي تنفذ بين الفينة والأخرى طلعات جوية متواصلة.
من جهته؛ وفي أعقاب ما تعرفه المملكة المغربية من نقص حاد في مياه الشرب نتيجة الانخفاض الحاد في حقينة مياه السدود، والأحواض المائية وكذا الفرشاة المائية، صدرت تعليمات من طرف السيد وزير الداخلية بواسطة كتاب عدد 123.12 بتاريخ التاسع عشر يوليوز من بحر هذه السنة 2022، موجه إلى السادة ولاة وعمال العمالات والأقاليم، فحوى مضمونه يتمحور حول استنزاف المياه وبأن المغرب يعيش وضعية مائية مقلقة تتمثل في تراجع خطير لهذه المادة الحيوية.
وفي نفس السياق، أشار الوزير إلى ضرورة إعادة تفعيل لجان المياه بشكل عاجل، من أجل أجرأة التطبيق المعقلن للماء الشروب.
فإذا كانت العديد من مناطق المملكة تعيش ظروفا يمكن تشبيهها بالمنكوبة، إذ تراكمت عليها أوزار عدة، منها وِزر، الجفاف، وِزر الحرائق، فضلا عن وِزر الهشاشة والفقر وهذا يمكن وصفه مُجازاً بجزء من الجحيم والعذاب فوق الأرض، فلا يعقل والحالة هذه أن هناك مَنْ لا يعير اهتماماً لهذه النكبة وذلك بالاستمرار في الاستغلال الفاحش لمياه الشرب سواء في ملإ أحواض السباحة، “سواء التجارية منها أو في الإقامات الفاخرة” أو في غسل السيارات، أو استمرار سقي المناطق الخضراء كما لاحظه الرأي العام في مختلف المناطق كالعاصمة الرباط أو في مدينة طنجة، من دون الاكتراث بما تعانيه الأغلبية العظمى من سكان المملكة ومن ممتلكاتهم الحيوانية من فاجعة العطش القاتل.
علما أن التعليمات الصارمة بخصوص هذا الموضوع جاءت بصيغة عدم التهاون في التفعيل الصارم لكل من يتجرأ على خرق هذه الاِجراءات، كمنع غسل السيارات والآليات بالماء الشروب ومنع ري المساحات الخضراء وضرورة توفر المسابح على نظم لإعادة تدوير المياه، مع تحديد كمية موصى به للاستهلاك لكل أسرة، كما سيتم منع ومعاقبة أصحاب الآبار العشوائية وسرقة المياه من القنوات الرئيسية.
هذه حُزمة من التدابير التي يجب الامتثال لها اعتبارا لكونها قضية ذات بُعد وطني، تدخل ضمن المصلحة العامة العليا للبلاد، فعلى كل المؤسسات والجماعات الترابية والمؤسسات المركزية ولا مُمَركزة ومجتمع مدني ونسيج جمعوي، الانخراط الفعلي في تنزيل الأوامر المولوية السامية وكذا تعليمات وزير الداخلية التي تستمد قواعدها من منظومة حقوق الإنسان في إطار الحق في العيش لكل أفراد المجتمع.
وهنا تبرز خاصية التضامن بين أفراد المجتمع، فضلا عن التضامن الذي أمر به جلالته بخصوص تقديم المساعدات العينية لجميع متضرري الحرائق وخاصة في شمال المملكة وكما هو معلوم فإن المجتمع المدني مطالب أدبياً وأخلاقيا بتقديم الدعم سواء المباشر أو غير المباشر لعناصر قوات المطافئ أو الدرك الملكي أو قوات الأمن بجميع تلويناتها ومساعدتهم والوقوف إلى جانبهم في مواجهة هذه الكوارث الطبيعية والانصياع إلى تعليماتهم التي تساعدهم في أداء مسؤولياتهم ومهامهم في أحسن الظروف، نظرا لكون هذا العمل يندرج بطبيعة الحال ضمن سلوك التآزر المعروف لدى المغاربة.
تجدر الإشارة إلى أن التعبئة الشاملة التي أبانت عنها السلطات المحلية والقوات المسلحة الملكية وكافة عناصر الأمن، فضلا عن طائرات إطفاء “الكنادير” لدليل بأن المملكة المغربية، دائمة الاستعداد لمواجهة أي عدو كان، خاصة وأن هناك من يتربص بهذه الدوائر، لكن هيهات هيهات فالمملكة على أتم الجهوزية لمواجهة أي عدو كان، فتحية تقدير لكافة العناصر الأمنية ولمتطوعي المجتمع المدني وهذا دليل قاطع بأن لُحمة المجتمع لا يمكن لأي كان أن يفْصِمَ عُروتها.
سهيلة أضريف