في هذا اليوم تذكرت جملة من المعلمين والأساتذة الذين علموني، فوددت لو أنهم اجتمعوا على صعيد واحد، في زمن واحد كي أشكرهم. أذكرهم اليوم بأسمائهم، وقد غادرنا معظمهم إلى دار البقاء. أسأل الله تعالى أن يجزيهم عنا خير الجزاء.
أولهم والدي ـ رحمه الله تعالى ـ الأستاذ الفقيه الجليل أحمد بن العلمي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الروسي الحسني.
ثم أذكر بعده من المعلمين: الأستاذ بلقاضي درسني بمدرسة الحي الجديد للبنين، وهي التي تسمى اليوم: مدرسة الجولان. وذلك في الموسم الدراسي: 1970ـ1969 بالقسم التحضيري.
والأستاذ عماد معلم الفرنسية. درسني في قسم “الابتدائي الثاني”، وهو ما يسمى اليوم: القسم الثالث من الابتدائي، وذلك في الموسم الدراسي : 1971 ـ 1972.
والأستاذ البقالي معلم العربية في قسم “الشهادة الابتدائية”، وذلك في الموسم الدراسي: 1973 ـ 1974.
والأستاذ اغبالو في الموسم الدراسي: 1970 ـ 1971، درسني في قسم “الابتدائي الأول”. وهو الذي يسمى اليوم القسم الثاني من أقسام الابتدائي. كان عَلَماً من أعلام النحو لا يشق له غبار، درَّسه في البادية، مُشارطا، عشرين عاما، قبل أن يلتحق بالتعليم. وتوفي في نحو التسعين من عمره بعد أن صدمته دراجة نارية، رحمه الله تعالى.
ومثله من علماء النحو الذين كانوا يدرسون الأطفال في مدرسة الحي الجديد، الفقيه العلامة الأستاذ الحرفوش، والفقيه العلامة الحجة حضرة العم الأستاذ البشير الروسي. ولم أر نظيرا لهؤلاء بعد ذلك، في الفقه والنحو خاصة، غير أنني أستثني من جهة النحو أستاذنا محمد ابن تاويت التطواني، وأستاذنا الشيخ عبد الرحمن بودرع.
وما زلت إلى اليوم أزور العم ـ بارك الله تعالى في عمره ـ لأغرف من علمه، وأستفيد منه فوائد جمة. وقد خصه الله تعالى بأمر عجيب، وهو قدرته الفائقة على تبسيط أعقد المسائل، واستحضار أدق الشواهد، والربط بين قضايا العلوم.
وممن درسني في مرحلة التعليم الإعدادي، ما بين سنتي: 1974 و1979م أذكر جملة من الأساتذة درسونا بإعدادية ابن بطوطة بطنجة، منهم: الأستاذ الفاضل: العشيري، ورجل الخطابة والفصاحة الأستاذ العاقل (توفي، رحمه الله تعالى، حوالي سنة: 1980)، والأستاذ السمار أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا، والأستاذ كحلون أستاذ اللغة الفرنسية، والأستاذ ادوِيِّب ـ مد الله في عمره ـ أستاذ العربية، والد أخينا الدكتور خالد ادويب طبيب الأمراض الجلدية بالعرائش. والأستاذ الحتاش أستاذ الرياضيات، وقد كانت دراسته بالإسبانية، وهو مع ذلك يدرس هذا العلم بالفرنسية، فكانت تقع له طرائف من هذه الجهة. ولعله كان ضابطا في المدفعية قبل أن يقرر ترك الجيش إلى التعليم.
ومن الأساتذة العلماء الكبار الذين درسونا مادة التربية الإسلامية أذكر الأستاذ الفقيه الشاعر الموسيقار محمد العلمي، والأستاذ الفقيه المتمكن التسولي.
وقد كان لي الشرف، قبل سنوات قلائل، أن أترأس جلسة تكريم أستاذنا العلمي يوم كرمته مشكورة جمعية تطاون أسمير.
ومن الأجانب من أساتذة الرياضيات أذكر الأستاذة “لوزيراك”، والأستاذة “كولار” والسيد والسيدة “أجونيس”، كانا يدرسان معا مادة الرياضيات. ومن المغاربة أذكر الأستاذة “الحراق”.
ومن أساتذة اللغة الفرنسية الأجانب أذكر الأستاذة “كينو”، والأستاذة “بيرتو”، وكانت يومها قد تجاوزت السبعين من عمرها.
وكان مدير الإعدادية يومها رجلا فصيحا بالعربية والفرنسية، وهي اللغة التي كان يُدَرِّسُهَا بكلية أصول الدين بتطوان، وهو الأستاذ عبد الحميد بوزيد. وكان كاتبه محمد شكري صاحب “الخبز الحافي”. وكنت يومئذ كتبت رواية لعرضها عليه، ما زلت أحتفظ بها إلى اليوم، فنهاني السيد الوالد عن ذلك، وقد كانت له به معرفة، فقد درسا معا في مدرسة ابتدائية بطنجة.
ومن أساتذة المرحلة الثانوية، أذكر ممن دَرَّسَنا بثانوية ابن الخطيب بطنجة بين سنتي: 1979 و1982م: من أساتذة العربية الأستاذ النالي ـ رحمه الله تعالى ـ ، والأستاذة الكريمة الزهرة المصباحي، بارك الله تعالى في عمرها ـ وقد يسر الله تعالى أن ألتقي بها قبل نحو سنتين في مناسبة علمية، فوجدتها على عهدي بها، خلقا، وعلما، وعناية بأبنائها التلاميذ الذين نحن منهم، والأستاذ المرابط، وهو غير الأستاذ عبد الله المرابط الترغي الذي كان يعتبر يومئذ أفضل أستاذ عربية بثانوية ابن الخطيب، وقد التحق بكلية آداب تطوان أستاذا بها بعد سنة واحدة من نجاحنا في الباكالوريا والتحاقنا بالجامعة. فقد كان نجاحنا سنة: 1982 وكان التحاقه بالكلية أستاذا بها سنة: 1984. فدرسنا بالكلية بعد أن فاتنا أن يدرسنا بالثانوية.
ومن أساتذة مادة الاجتماعيات الأستاذ المتمكن الكراوي. وكان يومئذ حاملا لشهادة الدراسات المعمقة في التاريخ، وهي شهادة كانت تمكن صاحبها في ذلك الزمن أن يلتحق بالجامعة أستاذا مساعدا بعد اجتياز مباراة.
ومن أساتذة اللغة الإنجليزية الأستاذ أقبيب، رحمه الله تعالى. درسنا بعد تخرجه من كلية آداب فاس، مباشرة.
وأما نجم نجوم الثانوية فقد كان هو السيد الحارس العام المراكشي، رحمه الله تعالى. وكان مديرها صاحب شخصية قوية يعرفه كل من درس بطنجة في ذلك الزمن هو الأستاذ فارس.
وقد تخرج على يد هؤلاء جيل من الوزراء، وأساتذة الجامعات، والأطباء، والمهندسين، والأطر العليا في الدولة، والرجال الناجحين في كل المجالات. فرحم الله تعالى أساتذتنا هؤلاء، وبارك في عمر من بقي منهم بيننا، وجزاهم عنا خير الجزاء.
د. محمد الحافظ الروسي