تمضي بنا الحياة ونجد أنفسنا لا نستيقظ إلا على عمر قد مضى وملامح وجوهنا مليئة بتضاريس من التجاعيد، هذه التجاعيد تخبرنا بأننا نفتقد شيئا منا وهو جمالنا الذي كنا عليه قبل أن يتقدم بنا العمر؛ فمع مرور الزمن والخبرة فى الحياة والمعاناة وكل ظروف الحياة تهرم البشرة ويتأثر الجسم بالعوامل الخارجية والداخلية، كل منا يملك من صفات الجمال الكثير فالله جميل يحب الجمال؛ فالجمال صفة من صفات الله سبحانه وتعالى أعطاها الله للكثير من مخلوقاته. وقد تعددت صور هذا الجمال حسب كائناته، لكننا لم نعط قيمة لما منحنا الله إياه؛ فالجمال الحقيقي لا يقاس بوجه جداب وبتضاريس متناسقة، أو بقوام متماسك، بل الجمال الحقيقي أسمى وأكبر من ذلك هو ذلك العمق الذي لا يمكننا ان نصل إليه ، لأن الجمال يبدأ شعوريا وهذا الشعور نتحسسه عند رؤية أنفسنا في المرآة ونلمسه في التغيير الذى طالنا مع المدة الزمنية؛ لأنه لا يمكن لأي كان أن يبقى ثابتا لا يتغير؛ فالجمال يتغير مع تقدم في العمر، ومع ذلك تظل آثار الجمال تعلو الوجه، لكن جمال الشكل الخارجي وحده لا يكفي ليكون الإنسان جميلًا بشكلٍ كامل؛ لأن جمال الروح جمال أعمق وأشمل من الجمال الخارجي؛ فقمة الجمال الحقيقي يكمن في جمال الروح .
لا نستطيع أن ننكر على أن جمال الروح هو ذلك الجمال الذي يولد فينا بدون أن نجمله ويطغى على جمال الشكل.ومهما كان الشخص جميلا ومفتقدا لجمال الروح فقد جماله كله، لأنه جمال الروح توفق على جمال الشكل الخارجي؛ لأنه جمالٌ ظاهرٌ للجميع حتى للأعمى، وكما قال : جبران خليل جبران“جمال الروح هو الشيء الوحيد الذي يستطيع الأعمى أن يراه“؛ لأنه ذلك الجمال الذي لا يستطيع الزمن أن ينال منه أو يغيره، فجمال الروح يخترق السمع والقلب ويصل إلى الأعماق مثلما تخترق رصاصة الصدر بطلقة واحدة، لأنه جمال شامل لكل الحواس ومن يمتلك هذه الملكة الجميلة فلا داعي لأن يهتم بالجمال الخارجي ليجدب إليه الآخرين؛ ففي أي لحظة معرض للاختفاء بعاهة أو مرض لا قدر الله، لأن الجمال الروحي قام مقام الأول الذي يفتقد للمقومات التي تجعله أجمل، فيبقى جمال الروح متوهجا ومشرقا ينثر إشراقاته على الآخرين ويضيء تلك العتمة التي من حوله، فهو يملك الصفات والخصال الجميلة إضافة إلى ذلك، يكتمل الجمال الروحي بالأخلاق الطيبة ولطافة اللسان وجوهر القلب ،ومن أجل أن نطمئن ونصل الى الجمال الروحي علينا أن نلبي احتياجاته في التشافي النفسي والسكينة والراحة، ونطهره من كل الشوائب لأنه سيظهر بتواضعك وروحك الإيجابية وابتسامتك الجميلة ونقاء أخلاقك وطهر نيتك، فمن يتمتع بالجمال الروحي يحبه الجميع غصبا عنه ويستمتعون بصحبته وبنقائه
بنشر الفرح والتفاؤل والطاقة الإيجابية لتصل إلى الآخرين.
مهما حرصنا على الاهتمام بالجمال الشكلي وتحسين المظهر الخارجي علينا ان نهتم بما هو داخلي؛ ألا وهو جمال الروح؛ ذلك الجمال الداخلي الذي ميز الله أحدا من عباده لما يحمل من الصفات الجميلة والاخلاق الحميدة، كما أن للجمال مراتب أقلها جمال الملامح وأوسطها جمال الكلام وأعلاها جمال الروح؛ فهو ذلك الجمال الحقيقي الذي يؤثر في قلوب الآخرين مدى الحياة ويبقى زاهرا على مر الدهور ولا يستطيع الزمن أن ينال منه.
دعونا نتمسك بالثوابت ونقدرها ونعطيها حقها من الاهتمام والاحترام، وننظر للقابل للاختفاء على أنه قد اختفى بالفعل .
ذة. أمال أغزافي