تنبني الدلالة اللغوية للقراءة على فعل الجمع، ذلك أن أصل معنى لفظ القراءة هو الجمع؛ يقال قرأت الأشياء إذا جمعتها، وضممت بعضها إلى بعض ..وأما القراءة في الحقل التربوي والتعليمي فهي أداة من أدوات :
- تنمية الفكر..
- توسيع آفاق الإدراك..
- الحفز على تقويم السلوك..
- البناء القيمي للذوات..
وبناء على هذا، فالفعل القرائي يستوجب منطقيا تثقيف القراءة وقراءة التثقيف..والمقصود بالتثقيف هو ما يرتبط بدلالات:
- التهذيب والتأديب..
- التربية والتعليم..
- التقويم والاستواء..
ومعنى هذا أن الفعل القرائي خاضع لموجهات من قبيل:
- الانتقاء والاختيار.
- الوظيفة العملية المساعدة على البناء والتكوين الذاتي.
- الاستمداد من النماذج الكتابية الراقية التي تساعد القارئ على امتلاك مهارات الكتابة.
والفعل القرائي عنصر أساس في تنمية قدرات الخيال واستثمارها في تلبية رغبات وحاجات تربوية وتعليمية ..والقراءة عملية عقلية تشمل تفسير الرموز وفهم المعنى وربطا بين الخبرة الشخصية والمعاني المقروءة، وهي بهذا تسهم في رفع المستوى العلمي للقارئ وتحقيق متعة وترفيه..
العزوف عن القراءة: دواع ونتائج..
من الثابث المؤكد أن فئات عريضة من المتعلمين ليست لديهم عادة قرائية، والحال أننا تعيش عصرا معرفيا زخارا، كما أن هذه المعرفة تتوسع وتنتشر نتيجة ما يعرفة التطور الرقمي المتسارع، وهذه مفارقة كبيرة !
إن جيل الصورة تتضاءل فيه إمكانيات التخييل التي تتيحها القراءة الورقية، كما تضعف لديه إمكانيات التعبير السليم والدقيق وهذه هوة كبرى يمكن استبصار ملامحها عند جميع القراء في أسلاك التعليم كلها.
إن تدني المقروئية يؤدي عمليا إلى تدني المستوى الثقافي ليس للتلميذ فحسب بل لشرائح مجتمعية واسعة، إذ لا يمكن لأي مجتمع أن يتطور ما لم يصبح مجتمعا قارئا، والمجتمع القارئ يبنى في المؤسسات التربوية والتعليمية بالدرجة الأولى.
ما هي أسباب العزوف القرائي؟
ما أوجه تجاوزه؟
بأي آليات؟
كيف يمكن رد الاعتبار لفعل القراءة؟
إن مشكل العزوف عن القراءة له أسباب عدة، بعضها راجع إلى:
– السياسات التربوية والتعليمية..
- استراتيجية وزارة الثقافة..
ودون سقوط في التعميم نوجز بتركيز بعض أسباب تدني المقروئية وهي:
- ضعف منهجيات التربية على القراءة بمستوياتها..
- ارتفاع تكلفة المواد القرائية..
- استفحال أمية الأطفال والشباب والكبار.. وبقاؤهم بعيدين عن الفعل القرائي..
- اكتظاظ المنهاج والمقرر الدراسيين..مما يعيق إمكانية القراءة المصاحبة.
- نقص أو انعدام المكتبات في بعض الأمكنة في الحواضر والقرى على وجه السواء.
- ضعف التحفيز على القراءة.
- تفشي البطالة في صفوف حملة الشهادات العليا، مما يكون له أثر سلبي على الناشئة.
- هيمنة منطق الصورة واتساع قاعدة أجيال الصورة وما يرتبط بذلك من هجمات عنكبوتية تغتال أوقات الفراغ لدى الناشئة.
- ضعف أو عدم تشجيع دعم الكتاب.
- ضعف برامج معارض الكتاب مركزيا أو جهويا.
- غياب أي استراتيجية لخلق مشاريع من قبيل مشروع توسيع دائرة القراء.
- ضعف نظام المكتبات العامة اتجاه زوارها .
هذه باختصار بعض الإكراهات التي تحول دون تحقيق فعل تثقيف القراءة وقراءة التثقيف..وللخروج من هذا يمكن اقتراح حلول من قبيل:
- بناء استراتيجية خاصة لمجتمع قارئ ..
- تعزيز المكتبات المدرسية وإغناؤها بكل ما جد من إصدارات تناسب أعمار الناشئة.
- تعميم استخدام النظم المعلوماتية وعدم الإشاحة بالوجه عن الإصدارات الورقية.
- بناء استراتيجية لمحاربة الأمية لدى الأطفال والشباب والكبار بمستوياتها الأبجدية والوظيفية والحضارية..
- اهتمام المؤسسات التعليمية بفضاءات المطالعة.
- إعادة النظر في البرامج والمناهج والمقررات الدراسية بما يضمن التشجيع على القراءة.
- تشجيع الأسرة المغربية على خلق مناخات ثقافية مجدية في البيوت، والاهتمام بالأنشطة القرائية في المنزل.
- تأهيل المدرسة المغربية لتكون إطارا حاضنا للقراءة المنشودة، وهذا يتطلب أيضا العناية بهيئة التدريس وحثها على تشجيع التلاميذ على تأصيل القراءة في نفوسهم.
وبعد، إن القراءة رأسمال قيمي وأخلاقي وعلمي ومعرفي لمواجهة تحديات العصر المعولم، ولا سبيل إلى ذلك دون رفع المنسوب القرائي وجعل المجتمع مجتمعا قارئا..نحن لا نحتاج إلى دروس وافدة في هذا السبيل، لكوننا ننتمي إلى حضارة فريدة في الكون هي حضارة “اقرأ”.
دة. فدوى أحماد