ندوة الكيف والمخدرات : المطالبة بعزل الكيف عن المخدرات ورفع الطابع الجرمي عن زراعته واستهلاكه ، العناية بالاستعمالات الطبية والتجميلية والصناعية للكيف الريفي
الخميس 24 مارس 2016 – 17:10:24
ولو أننا في طنجة، لا يوجد بينا وبين الكيف لا خير ولا إحسان، فإن مدينتنا كانت، وعلى امتداد يومين، “مختبرا” لهذه النبتة العجيبة التي ارتبطت، ولمئات السنين، بمنطقة الريف، والتي زادهما حسن القافية، ارتباطا بين العشبة والأرض !…. ولو أنه لا اعتراض لنا على أن يتحول فصر “الميريكان” إلى “قاعدة” “استراتيجبة” لمعالجة هذه العشبة بما يحقق أغراضا تخص بالأساس جماعات المستفيدين منها زراعة، ومعالجة، وتوضيبا وترويجا، وتحقيقا لــ “مآرب أخرى”، فإننا نرى أنه كان من الأنسب تنظيم الندوة “في عين المكان” حتى يتمكن المشاركون من الوقوف على الجانب النظري والجانب التطبيقي، لهذه “الزراعة”، ويقوموا بزيارات “ميدانية” تمكنهم من أخذ فكرة عن حجم وطبيعة إنتاج الكيف في المغرب وترويجه في مختلف قارات العالم
صاحب الفكرة والمتحمس لرقع التجريم عن زراعة الكيف، إلياس العماري، المنحدر من الريف، يعتبر أن الكيف عشبة كجميع الأعشاب وهي معروفة عالميا بالقنب الهندي، وقد دخلت إلى المغرب قديما، ولا يعرف بالضبط متى وكيف ومن “جر على المغاربة هذه “النقمة” التي توجد في طيها نعمة طيبة لبني البشر، إذ تستخرج منها أدوية لأمراض شتى، قدرها العماري ما بين 50 و 60 مادة طبية للعلاج وللتجميل. كما أنه يمكن تحويلها لصناعة أنواع قوية من القنب . وقد استنبط الأسبان من القنب الهندي صناعة أحذية رخيصة للجنود “الكينطوس” أيام غزو القارة الأمريكية، وحتى أيام غزوهم لشمال المغرب. وفي نظر العماري أيضا أن الكيف، الذي يختص بفوائده صحية وصناعية و “تنموية” مؤكدة، لا يمكن القضاء عليه لمجرد أنه يوجد من يتكلف بتحويله إلى مخدر، وإلا سرى ذلك على الثمر والشريحة ومنهما تصنع الماحيا… كلام غير مضبوط، وغير سليم، لأن الكيف نبتة مخدرة أصلا، زراعة واستعمالا، أما الشريحة والثمر ففاكهتان استنبطت منهما بعض العقول الشريرة شرابا ضارا بصحة الإنسان.
وعن نظرية أن المزارع بريء و أن “المجرمين” هم المتدخلون في التحويل والنقل والترويج، فإن الأصل هي الزراعة، وما ترتب عنها مرتبط بها وبتطويرها وترويجها ولولا وجودها ما كان للمتدخلين سبب في الوجود. حقيقة إن المزارعين هم الحلقة الضعيفة في معادلة الانتاج والربح. بل إنهم يعيشون معاناة يومية مع “متعقبيهم” عبر كل مراحل الإنتاج، ومتابعيهم ، كمجرمين، بسبب زراعة الكيف، حتى إن فوق الخمسين ألف منهم يعيشون في السرية، بلا أوراق ثبوتية وهوياتية، محرومين من أبسط حقوقهم الوطنية، خوفا من الابتزاز والمتابعة والسجن. وفي هذا الصدد، أوصى المشاركون في الندوة التي اختتمت أشغالها السبت الماضي أساسا بنزع الطابع الجرمي عن استهلاك المخدرات ووضع إجراءات علاجية تحترم حقوق وكرامة المتعاطين للمخدرات.
كما طالبوا بضبط زراعة الكيف قصد استعمالاته الطبية والصناعية، والاهتمام بأوضاع المزارعين الفقراء وعائلاتهم، وضمان استفادتهم من كافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع إيجاد الحلول القانونية التي تمكنهم من الاندماج من جديد في مجتمعهم وبتوفير الرعاية الصحية للمدمنين وباقي الفئات الهشة قصد الولوج إلى العلاج.
واختتمت الندوة حول الكيف والمخـدرات المنظمة بدعوة من مجلس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، وبشراكة مع جمعية محاربة السيدا وكنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، وبحضور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق المالإنسان وفاعلين مدنيين وأكاديميين وخبراء وطنيين ودوليين ومنتخبين، وقطاعات حكومية معنية؛ بكلمة لإلياس العماري شدد فيها على ضرورة عزل الكيف عن المخدرات والتفكير في وضع مقاربة جديدة بعيدة عن الطابع الزجري بل تأخذ في اعتبارها جوانب التنمية المستدامة وحق مزارعي الكيف بالريف في العيش الآمن والكريم.
توصيات دولية و وطنية :
وبعد أن استحضر المشاركون عددا من المواثيق والاتفاقيات والعهود الإقليمية والدولية وقرارات الأمم المتحدة ودراسات وطنية ودولية وتوصيات صادرة عن لجنة المخدرات للأمم المتحدة واللجنة العالمية لمكافحة المخدرات، صادق المشاركون على توصيات للدورة الاستثنائية للجنة العامة للأمم المتحدة المقرر انعقادها بنيويورك ما بين 19 و 21 أبريل القادم:
1- اعتماد السياسات الدولية في مجال مكافحة المخدرات على الحق في التنمية المستدامة، الصحة العامة وحقوق الإنسان، بالنظر إلى الآثار الضارة والغير منتجة للسياسات المعتمدة على الزجر والتجريم وحدهما؛
2- أن يخلص التقرير النهائي لنتائج دورة الجمعية العامة الاستثنائية للأمم المتحدة الخاصة بالمخدرات، و الموجود حاليا قيد التفاوض، إلى توصيات تركز بشكل خاص على ما يلي: ـ النهوض بالسياسات الوطنية الفعالة، من خلال الاستفادة من مجالات التعاون العالمي والجهوي وتقاسم التجارب الجيدة فيما يتعلق بالبدائل التنموية المرتبطة بزراعة الكيف؛ والالتزام بالعمل من أجل الحد من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي لدى مستخدمي المخدرات، وبتوقيرالدعم والحماية لمدمني المخدرات بدلا من سياسة العقاب والزجر المعمول بها حاليا من خلال وضع وتنفيذ بدائل للتجريم والملاحقة القضائية والعقوبات السالبة للحرية،.
والتزام أقوى ضد عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وإزالة العقوبات الجنائية المترتبة عن مجرد تعاطي المخدرات أو المترتبة عن زراعة الكيف و العمل على إيجاد بدائل قائمة على التنمية المستدامة. توصيات وملتمسات ذات طابع وطني: ــ استمرار التفكير الجماعي بين مختلف المؤسسات المعنية في ما يلي:
توصيات وملتمسات ذات طابع وطني:
1) استثمار فرصة مراجعة القانون الجنائي من أجل : تعديل الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 بتاريخ 28 ربيع الثاني 1394 (21 مايو 1974) المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات، وذلك من أجل نزع الطابع الجرمي عن استهلاك للمخدرات وتعويض العقوبات السالبة بتدابير علاجية قائمة على احترام حقوق وكرامة الأشخاص المتعاطين.
– تعديل الظهير الشريف ل 1974 المشار إليه أيضا من أجل عدم تجريم الزراعة النظامية و المراقبة للقنب الهندي كجزء من سيناريو تقنين وضبط الدولة لزراعته قصد الاستعمالات الطبية والصناعية.
2) تعميق التفكير الجماعي والتشاركي بشأن الحلول القانونية الملائمة التي يضمنها الدستور لوضعية مزارعي القنب الهندي المتابعين في إطار مقتضيات الظهير شريف ل 1974 الساري المفعول.
3) تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بمكافحة التمييز من أجل ترتيب الجزاءات القانونية على التمييز بسبب الوضع الصحي الحالي أو المستقبلي مما سيساهم في إزالة العوائق التي يصادفها الأشخاص المتعايشون مع مرض نقص المناعة المكتسب وباقي الفئات الهشة في الولوج إلى العلاج.
4) وضع سياسات عمومية مندمجة، وطنية وترابية بهدف التأهيل الاقتصادي والاجتماعي لمزارعي القنب الهندي الفقراء وعائلاتهم، وخروجهم من الفقر وضمان ولوجهم لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
5) الارتكاز في جميع الحلول والسياسات المقترحة، بما فيها تلك المتعلقة بمكافحة المخدرات و تقليص المخاطر على مقاربة حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ومكافحة التمييز ومراعاة المساواة بين الجنسين كما يضمنها الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها.
هذا، وأعلن المشاركات والمشاركون عن رفع ملتمس إلى جلالة الملك، قصد النظر في إمكانية تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تحديد سياسة عمومية بديلة في مجال المخدرات من منظور التنمية المستدامة والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي لمزارعي القنب الهندي الفقراء، وتقنين وضبط زراعة هذا المنتوج وتثمين استعمال القنب الهندي في المجالات الطبية والصناعية، وتكليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالمخدرات من منظور حقوق الإنسان.