مع شعراء المغرب
5 ـ الشيخ محمد العياشي سكيرج : الأديب الشاعر
ـ ب ـ
تمتنت علاقة الأستاذ سكيرج بالاستاذ عبد الله كنون، وكانت علاقة قديمة منذ كان والد كنون على قيد الحياة، وبقيت هذه الآصرة موصولة بينهما. فعندما تولى الأستاذ عبد الله كنون إدارة المعهد الديني بطنجة سنة 1943 م، بادر إلى اقتراح الأستاذ سكيرج ليكون ضمن أسرة التدريس به . وكان يبر به بصفته من أصدقاء والده ، وكان يحترمه ويصله. وفي النماذج التي سأتبثها ما يجلي تلك العلاقة؛ فقد كان الشيخ يهادي الأستاذ كنون ببعض الكتب، ويطلب منه بعضها على سبيل الإعارة.
فمن ذلك :
أرسل إلى الأستاذ كنون، دعوة بمناسبة إكمال الخصائص الكبرى للإمام السيوطي، الذي كان أخوه العلامة أحمد السكيرج بدأ نظمه ولم يكمله لموته، فلما أتمه الشيخ أقام حفلا بالمناسبة . وهذا نص رسالته للأستاذ كنون:
أديب دهرنا تميم الداري مولانا عبد الله فينا الداري
أستاذنا مؤرخ محقق مؤلف موفق مدقق
سلالة الفضل وأهل العلم ومنبع المجد وكل قرم
من شرف وترف وحمد وسيد متصل بسيد
أعد في خصائص النبي حضوركم لنظمنا الشهي
ختامه سعادة لدينا لاسي اذ تحضروا إلينا
يسعدني الحض إذا حضرتم وكرما يكون إن مننتم
وها أنا أنتظر الوصولا بعطفكم بيومنا حلولا
رابعة قبيلها اجتماع يا ما لها يؤمها انتفاع
تاريخه السابع والعشرونا من حجة والعام تعلمونا
منوا به تفضلا وعجلوا وعام طع يقول فضلا جاملوا
فأجابه الأستاذ عبد الله كنون بقوله :
ياعالم القطر وشيخ البلد خالصتي وعمدتي وسندي
أمد ربي فضلكم بمدد لاينتهي لأمد أو عدد
شرفتموني بحضور الموعد لختمكم خصائص الممجد
لبيكم لبيكم ياسيد ي من عمق قلب مخلص معتقد
وكان يستعير من الأستاذ عبد الله كنون كتبا يتوقف عليها لبعض أبحاثه، ومن أمثلة ذلك قوله في بطاقة بخطه مؤرخة ب 15 ذي القعدة 1366 /1946:
لامية العرب والأطواق من ذهب ومثلها الأطباق
يرجو سكيرج لها إعارة من فضلكم وهو لها الإشارة
وفي بطاقة أخرى من غير تاريخ يقول :
إن نلت أطواق الذهب بكم وربنا وهب
فأكملوا طرفتها بأصله الذي ذهب
وشيعوا تحقيقه بكل درس قد وجب
لائحة منكم بها بيان ذاك المنتخب
ولكم الفضل إذا أعنتم شيخ العرب
وبطاقة أخرى، يستهدي من الأستاذ كنون شرحه على قصيدة ابن الونان المعروفة بالشمقمقية. صدر هذا الشرح سنة 1356/1937
بعد سلام عاطر مرونق على أديب قطرنا المحقق
نابغة العلم ونهج نوره ومن علت نجدته في الأفق
رجا خليلكم كمال تحف بشرحكم على أبي الشمقمق
إن كان عندكم محب أولنا يهدي سبيله بصبح فلق
وإنني أشكر فضل نيلكم على الذي سبقه وما بقي
نلاحظ في النماذج السابقة، أن المودة والاحترام، كانا متبادلين بين الرجلين. وأن الإختلاف في طريقة التناول الشعري بينهما تكون آونة واضحة، كما في النموذج الأول للسكيرج وجوابه للأستاذ عبد الله كنون. وآونة متحدة الشكل كما في النموذج الرابع وجوابه .
كان الشيخ سكيرج ودود ا مع أعيان طنجة، يبادلهم المحبة والثناء. وفي هذا الصدد أقدم نموذجين : الأول في مدح أهل طنجة .
ومما وجدته بخطه وكتبه على عجل هذين البيتين .
سلام عليكم أهل طنجة أنتم أفاضل أقوام من الشرق للغرب
فلا زلتم أهل العناية والتقى ولا زال من يهواكم داخل القلب
والثاني، في تهنئة بزفاف أحد أبناء أسرة آل السميحي بطنجة؛ وكانت أسرة مشهورة بالعلم والصلاح .
أتاني البشير بما سرني فقلت أداء لشكر عميم
لأحمدنا ولعبد السلام وقاضي القضاة الفقيه العظيم
كرام الأماجد أشرافنا وساداتنا من زمان قديم
زفاف سعيد يحق الهنا إليكم لديه الهناء العميم
يشير لسعد بطلعته وينبئ عنه قران فخيم
كان العلامة سكيرج شاعرا، ولكن في ثوب فقيه؛ غلبت عليه المصطلحات الفقهية. وكان مقلا ، ولذلك أكتفي بما عثرت عليه من شعره الذي أثبته لنفسه في كتابه رياض البهجة في تاريخ طنجة. فعند حديثه عن ظروف الحرب على أخلاق النساء بمدينة طنجة قال:” ولقد تذكرت هنا أبياتا كنت أرتجلها في مجمع من الأدباء، وقد بدا بالقرب شقيق قمر ملتحفا كساء خشنا ينزوي فيه لأمر يتتبع منه الأثر. ولما وقف، التفت وكشف القناع، فأبهر ضياء وجنته أهل ذلك الاجتماع.
فلمح إلي بعضهم أن قل فقلت :
تبدى البدر مرتديا لحافا وعهدي باللحاف له مناف
فأوهمني اكتسابه من ضياء هلال في سحابات كثاف
فقلت من التعجب أنت بدر قد غيبت في هذا اللحاف
فقال التستر فرض عين وأفجع أن أرى في ذ ا التجافي
وأثبت أيضا أن أحدهم أنشد في مجلس قول أبي نواس :
قل للمليحة في القناع الأزرق إني أرجي منك أن تترفقي
إن المحب إذا جافاه حبيبه هاجت به زفرات كل تشوق
فبدا حسنك مع بياض زانه ألا رثيت لقلب صب محرق
حني عليه وساعديه على الهوى لاتقبلي فيه كلام الأحمق
فأجابه المؤلف على الفور :
قل للخبير بذي العيون الرائقة متع لحاظك بالحواري الفائقة
إلا التصابي فاطلبنه لغيرها إذا ما الجوارح في الهوى متوافقة
لكنها عند التمتع تهتدي وتريك من تلك الأمور الشائقة
فاركب أمينا من فتور معجز فأرى تعود إذا تكون ذائقة
دة. نبوية العشاب