1 ـ الشاعرة الأديبة المصرية جميلة العلايلي
ذكرنا ( غوغول ) مشكوراً بالشاعرة العربية المعاصرة جميلة العلايلي ( 20 مارس 1907 / 11 أبريل 1991). و الحقيقة أنني لم أتعرف عليها إلا يوم كتبتُ هذه السطور ، وذلك بفضل محرك البحث المحتفي بعيد ميلادها ، و من خلال تدوينة كتبها الشاعر الباحث عبداللطيف الورَّاري. فسارعتُ إلى البحث عن أشعراها في بعض المواقع الإليكتونية ، فألفيت قصائد رومانسية جميلة ، ودواوين عديدة بعضها مطبوع مثل :” صدى أحلامي”الصادر عام 1936م. /” صدى إيماني ” الصادر عام 1976م. “نبضات شاعرة” الصادر عام 1981م. وبعضها مخطوط، مثل : “همسات عابدة” و”آخر المطاف”. ومن قصائدها قصيدة “قلب غريب” من ديوانها “صدى إيماني” :
ربَّاه قلبي صادٍ كيف أرويـه // مَن ذا يُهدهدُ ما فيه ويسْقيـه؟
صوتُ الجحودِ يرن اليومَ في أذني // لولا الإباءُ لرحتُ اليومَ أحكيه
قد بات قلبي غريبا في محبتــــه // حب طهور فهل من ثم يدريـه؟
وقد غدوتُ وحالي في الورى عجـبٌ// وليس في الحبِّ ما أخشى فأُخفيـه
أسائل الله عن قلبي ليُلهمَـني // إن كنتُ أحيا به أو لا فأرثيه؟
فعجبتُ لما يقع من إهمال وتهميش وعدم مبالاة لمثل هؤلاء المبدعات والمبدعين الحقيقيين ، فضلا عن ضعف التواصل الثقافي بين البلاد العربية وقلة نشاط توزيع الكتاب بينها بالشكل الكافي والوافي . يُطربني مثلُ هذا الشعر المفعم بالشعرية والموسيقى العذبة النافذة إلى الشغاف. أي حق لنا أن ننبذ هذا الشعر ونهمِّش أصحابه؟ ولا أخفي عن الأخ عبداللطيف الورَّاري ، أنني لم أعرفْ هذه الشاعرة الجميلة ( العلايلية ) إلا بعد أن شَرَّفَنا بالتعرف عليها هذا (الغوغول) العارف بكل شيء الذي احتفل يوم الأربعاء 20/03/ 2019 بمرور 112 عاماً على ميلادها. حتَّى الدكتورة عائشة عبدالرحمن ( بنت الشاطئ )، لم تورد ترجمة لها في كتابها الفريد عن” الشواعر العربيات المعاصرات “.و لعمري إنَّ هذه الأديبة الشاعرة حقيقةٌ بأن يُلتفت إليها وإلى مُنْجَزها الشِّعري والنثري، فللأديبة أيضاً رواياتٌ وكتاباتٌ نثرية، كما نبهني ـ مشكورا ـ الصديق الباحثُ المهدي ناقوس. و يغلبُ على الظن أن الكثيرات من شاعراتنا وأديباتنا في أجناس أدبية أخرى، يلحقهم جميعا غبن كثير. وقد كان سيلحق أديباتنا المغربيات مثلُ هذا الغبن، نذكر منهن هنا الأديبات الرائدات خناثة بنونة ورفيقة الطبيعة وفاطمة الراوي وغيرهن لولا جهود بعض النقاد و الباحثين الأكاديميين المغاربة أمثال أحمد اليبوري وأحمد المديني و نجيب العوفي. ومن الجدير بالذكر أن الكبار من كتابنا كانوا يقدرون أعمال الناس حق قدرها ، فقد كتب الأستاذ علال الفاسي مقدمة لمجموعة ” ليسقط الصمت ” لخناثة بنونة ، و كتب الأستاذ عبدالله إبراهيم مقدمة لرواية ” غدا تتبدل الأرض ” لفاطمة الراوي . وفي الحقيقية يمكن أن نؤرخ للكتابة الإبداعية التي كتبتهة المرأة المغربية في القصة القصيرة والرواية ، بهذه الأعمال وغيرها لآمنة اللوه و زينب فهمي وليلى أبو زيد وغيرهن. وعلى الجيل الجديد أن يتعرف على إبداعات الأجيال السابقة نساءً ورجالاً، وعلى الأساتذة في الجامعات أن يوجهوا اهتمام الطلبة إلى دراسة هذه الأعمال الإبداعية في مختلف المستويات الجامعية.
2 ـ الشاعرة القاصَّة الإعلامية اللبنانية “عواطف الزين”
( عن الشاعرة القاصة الإعلامية عواطف الزين وإشكالية التواصل بين المشرق والمغرب )
ما زال توزيع الكتاب الثقافي يعتوره الفتور والضعف، رغم أننا في عصر التواصل والتقنية ودعوى أننا نعيش في قرية صغيرة. فقد أخبرتني الكاتبة ،حين عبرت لها عن رغبتي في قراءة كتبها التي أود الاطلاع عليها ، مثل كتابها الموسوم ب” أنا وحكايات النجوم ” و” عزيزي النابض حبا ” أنني لن أجدها عندنا في كبريات مكتباتنا بالدار البيضاء بحي الأحباس. فدور النشر غالبا ما تعتمد على عرض الكتب في المعارض الدولية التي تقام هنا وهناك .
الكاتبة عواطف الزين كاتبة متعددة الاهتمامات : شاعرة وقاصة وروائية وصحافية ومعدة برامج ثقافية تلفزية ناجحة لصالح التلفزيون الكويتي . لها إصدارات عديدة في كل هذه المجالات ،نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : “أوراق امرأة ” – ” زمن الصداقة الآتي ” مجموعة قصصية – “لو ينطق البحر ” مجموعة قصصية “كأنني أحببت ” ديوان شعري ـ ” نجمة المقهى ” رواية ـ – “عزيزي النابض حبا ” سيرة ذاتية.. وغيرها من الأعمال التي تتوزع بين المقالة والسرد والعمل التلفزي . وقد كان ثمرة عملها التلفزيوني معدةً لبرنامج ثقافي لمدة سبعِ سنوات استدعت إليه كبار الكتاب والشعراء والعديد من مشاهير الفنانين في شتى الفنون، كتابٌ جمعتْ فيه حواراتِها بينها وبين ضيوفها في كتاب موسوم ب” أنا وحكايات النجوم “. وقد بلغ عددهم ثلاثين شخصيةً بينما بلغ عدد الذين استقبلتهم في برنامجها
” الثقافة وطن ” بتليفزيون الكويت خمسمائة شخصية. هذا فضلا عن مشاركاتها في الأنشطة الثقافية في بلادها وفي الكويت التي عملت بها وكتبت في أهم صحفها ومجلاتها كجريدة “القبس” ومجلة “العربي” الذائعة الصيت وغيرهما . وقد أنجز حول بعض أعمالها دراسات من لدن نقاد وأكادميين. وقد قرأت في أحد حواراتها عن كتابها السيرذاتي المتميز ” عزيزي النابض حبا “، أنه كتاب يزخر بالتجارب الذاتية والإنسانية التي عرفتها هذه الكاتبة الشاعرة في حياتها . أنا لم يتسن لي قراءته بعد ، وكم شوقني ما ورد في الحوار إلى قراءته ، والمزيد من الاطلاع على كتابات هذه الكاتبة المبدعة التي أنجبها لبنان الشامخ بحضارته وأدبائه وعلمائه. ولا أخفي على القراء أنني لم أكن أعرف بالقدر الكافي هذه الكاتبة المبدعة ، ولم يتح لي التعرف عليها إلا عن طريق هذا وسائط التواصل الاجتماعي .
3 ـ كاتبة الأطفال والرواية وأدب الخيال العلمي الأديبة السورية لينا كيلاني
لقد اتجهت الكاتبة السورية لينا كيلاني في مشوارها الأدبي إلى الكتابة في جنسين أدبيين لا يخوض غمارَهما إلا الموهوبون العاشقون لهما ، فهما ليسا من السهولة التي قد تغري بالكتابة فيهما ، فأدب الطفل . لا يجيده إلا قلة من كتابنا. وهم معروفون قد يعدون على أصابع اليدين ، مع بعض التجاوز بخصوص بعض المحاولات التي تظهر هنا وهناك ، وأغلبها لا يكتب لها النجاح … وأدب الخيال العلمي يعرف ندرة مشهودا بها من لدن كبار الدارسين في أدبنا المعاصر . وبيبليوغرافيا رواية الخيال العلمي المنشور جزء منها في عدد (فصول) الذي خصصته المجلة لهذا النوع الأدبي ، يشهد شهادة أكاديمية على ذلك . ناهيك عن ميزة تتميز بها هذه الأديبة عن الكتابة التي تكتبها الأديبات العربيات أو ما يسميه البعض بالأدب النسائي أو الأدب النسوي ، تلك هي استبعاد الأنا في كتاباتها الروائية واستعمال الضمائر الأخرى على اعتبار أن الهموم التي تتحدثُ عنها هي هموم موضوعية تهم المجتمع والإنسانية جمعاء ،وليست هموم المرأة الذاتية الضيقة التي غالبا ما يكون موضوعها في الغالب الصراع بين الجنسين ، والتعبير عن الهموم اليومية . لقد تجاوزت لينا كيلاني هذا المستوى الذي تحس فيه المرأة بالدونية والقهر في مجتمع ذكوري قاهر ـ كما صرحت في أحد حواراتها ـ بل انفتحت على قضايا إنسانية عامة تهم الإنسان في كل مكان بما فيه إنساننا العربي المتأذي من معطيات العلم الجديد وثورة التكنولوجية الحديثة، وهو في عقر داره. لم يقدم ولم يؤخر . إن الأثرياء منا يشترون ويستهلكون بما فوجئوا به من كنوز ، فكانت الطفرة من النقيض إلى النقيض . إن أعمال الأديبة لينا كيلاني مرصودةٌ للطفل العربي بل حتى للطفل الغربي أيضا من خلال تقديمها نماذج إيجابية من تراثنا الديني والحضاري لتحسين فكرة الآخر عن الإسلام السمح الخالي من الشوائب ، وذلك من خلال كتيبات عن الصحابة باللغة الإنجليزية ، ومن جهة أخرى موجهة إلى الإنسان تنبهه إلى المخاطر الذي تتهدده وتهدد الحياة على الأرض جراء التجارب العلمية الخطيرة غير محسوبة العواقب من لدن القوى الكبرى في العالم. يمكن تصنيف روايتها ضمن الأعمال الأدبية التي تعالج قضايا تهم إنسان العصر ، وتدعو إلى المحبة والعدل و السلام ،وتنبه إلى خطورة استخدام العلم فيما يدمر الإنسان ويخرب المحيط الذي نحيى داخل قضائه جميعا ،وهذه الروايات هي ” بذور الشيطان ” و ” الاختيار و ” لودميلا ” و” الرأس المفتوح ” وغيرها من الروايات الموجهة للفتيان، ومعظمها من أدب الخيال العلمي المترع بالخيال الخصب والمفعم بعناصر التشويق.
بقي أن أقول إن الأديبة الروائية السورية لينا كيلاني كرستْ حياتَها للكتابة الهادفة الموجهة لخدمة أبناء وطنها وأبناء الأرض جميعا دون تمييز بين البشر في اللون أو العرق أو الجنس أو الدين.
بقلم : عبدالجبار العلمي