… من المنهج الوضاء ، من أجل أنْ ينأى العلماء عن أنفسهم من الاحتيالات العلمية ، وهي ذات الفيروس الذي يهدّد البحث العلمي في المجال الطبي (جوهان مونتان ) . وهو موضوع ساخن من أحداث الساعة ، تتراقص كتلة الإصدارات حوله ، بقيم غير متكافئة ، التحمتْ بجائحة “كوفيد-19” . كان هذا موضوع منتديات انبعثتْ عند مجالس من الأطباء حافلة بأهل الاختصاص في العالم . فمنذ أيام في منتدى بعنوان “الطبُّ لا يخضع للعبة البوكر” . هذا موضوع تدليس علمي ، إذ العلمية ليستْ لها قافية مع الصدق من حيث المنشورات .
– ما قبل النشر و ما بين الحروف المسبقة تشملها قراءات متتالية لاستعراضها لقريناتها ، و بدون مجموعة التحكيم ، قد يتمُّ انجاز ذلك إلى العمى المضاعف ل “كوفيد-19” ، ليحدث نوعاً من الغثيان . فكيف أجدني من حيث الصلاحية ؟
- قبل أيام يسيرة خصصتْ “مجلة الطبّ الداخلي” مقالاً يشير إلى الاحتيالات العلمية التي تعمل على تهديد هذا الزمان . ثلة من ناشري مقال نقدي ، يميّزون بين فئتين من الاحتيالات المختلفة . أولها : الاحتيال العلمي الفعلي ، الصانع للبيانات الانتحالية . و ثانيهما : الاحتيال الشكلي ، أي التلاعبات بالبيانات من المراجع و مؤلفي الرضا . إلا أنَّ هذين النوعين من الاحتيالات العلمية تكتنفها نسب متفاوتة ، تأتي على التوالي ب 2في المائة (العلمي الفعلي) و 33في المائة (الاحتيال الشكلي) .
و هذه الصفات القبيحة لا تليق بالأطباء ، و لا بالعلماء الذين يفقدون المصداقية ، و حتى المرضى الذين يتحملون مصاريف هذه المنشورات التي تعود من حيث أتتْ . و بالتالي فإنَّ عالمين من بين مائة ، يعترفان بتصنيعمها و تزويرهما للبيانات العلمية ، و أنَّ أربعة عشر بالمائة من زملائهم ، أقبلوا على هذه الصنيعة مرَّةً واحدةً على الأقل . و من مصدر آخر أحْصيَ في مقال ، قدَّرَ أنَّ 1 إلى 2 بالمائة مقال محتال من بين 1400000منشورات سنوياً في العالم . و لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ ، إذ بعض المحررين يذهبون إلى تأكيد نصف البيانات يمكن أنْ تكون مشوهة . هذا شيء مخيف ، يشرح ذلك لنا شاب داخلي بمستشفى “بيشاط” بباريس . و الأسوأ من ذلك أنْ يحدث هذا الآن ، و يعزى إليه ، لمن المصلحة في القيام به . جميع المؤسسات يضفون قيمة على عدد هائل من المنشورات . إذا كان هذا ما يقترحونه للأجيال القادمة التي أنتسب إليها فإنها تفضل الابتعاد . هناك إذاً حاجة إلى تغيير ثقافي و دستوري . من الممارسات التي ترومها الريبة ، فئة يحوم حولها الشك ، تستجمع أبحاث بها ارتياب ، و على حدّ قول محرري المنشورات في بعض الأحيان يكون متسامحاً .
يذكرون على سبيل المثال ، ليستشهدوا بتقسيم عمل البحث بعدَّة مقالات ، عندما يتعلق الأمر بدراسات وسطية مخطط لها في “البروتوكول” ، أو الانتحال الذاتي ، أي السرقة الأدبية للمادة العلمية ، ليتمم عمل غيره جزئياً و ينسبه إلى نفسه ! في مساءلة للباحثين ، إذ يقيمون نسبة 72 بالمائة من الممارسات التي تطيب نفوسهم إليها المشكوك فيها ، و نسبة 33 بالمائة يعترفون بأنهم لجأوا إلى استخدامها . و ليس شيئاً كذلك لتلك العواقب ؟ الانتحال و السرقة الأدبية هي الغش المحتمل الذي يعاقب عليها القانون من خلال المحاكم . ومع ذلك لا يرتدي الضرر إلا ذووا السرقة . إلا أنَّ عواقب هذه الاحتيالات المختلفة يمكن أنْ تكون ثقيلة ، للمؤاخذة عليها . الإيمان بالبحث قبل كل شيء يمكنه أنْ يتلقى ضربة قاسية . لا زال يظل بذكراه ذلك المقال حول “الهيدرو كسي كلوروكين” ، للمجلة الشهيرة “لانسيت” ، و آثارها السلبية ، بعد رفعه من معالجة المصابين ب “كوفيد-19” ، رغم جودة بياناته . و قاعدة المؤسسة التي تجني المحصول المادي من ورائه . الاحتيالات العلمية تلحق ضرراً بقيمة الباحثين . و وفقاً لاستطلاع بفرنسا لسنة 2017م ، فإنَّ 65 بالمائة فقط من المستجوبين يثقون في العلماء الذين يبدون احتراماً للقواعد و القوانين التي تتحكم إليها الأبحاث . ثم قد يكون هناك آثاراً سلبية على الصحة العامة . دون ذكر الإقبال المتزايد للمصابين ، في انتظار وصفة البروفيسور “راوولت” ، أمام مصحته بمدينة مرسيليا . و من الفضول العلمي أنْ نتذكر منشوراً آخر ل “لانسيت” لسنة 1998م ، هذه الأخيرة أنشأتْ ارتباطا بين اللقاح ضدّ الحصبة ، و الغدد النكافية (هو فيروس بين الأذن و الفك) ، و الحصبة الألمانية (روبيول) ، مع بداية مرض التوَحُّد عند اثنى عشر طفلاً بريطانياً . المنشور انسحب و تراجع بعدما حصل الضرر . وقد تمَّ إيقاف التطعيم ، فإذا بنسبة التحصين تتراجع من 92بالمائة إلى 73بالمائة . لمراقبة درجة حرارة المقالات العرجاء ، نألوا إلى نسبة التراجع ، وهو مؤشر جيّد . عدد المنشورات العلمية للسنوات الأخيرة انفجرت ! الحالة الأولى منها وردتْ سنة 1973م . و في 2011م كان عدد المنشورات التي انسحبت و تراجعتْ ، قد بلغ عددها 4449 .إذا ب 21بالمائة من هذه الحالات كانت على سبيل الأخطاء . بيد أنَّ 67بالمائة منها لأسباب سلوك علمي سيء . 43بالمائة منها تبثتْ عنها الاحتيالات ، و 14بالمائة للمنشورات المقسمة ، و 10بالمائة للسرقات الأدبية .و قد انبجستْ بمعدَّل 33شهراً بين النشر و التراجع . فنعثر على مجموعة من المنشورات التي تراجعت على كتلة “مشاهدة التراجع” ، حيث وصل عددهم سنة 2019م إلى عشرين ألفاً . و حسب دراسة لسنة 2012م ، نصف المقالات قد تراجعتْ من بين جميع المجالات المجتمعة (المختلطة) ، التي تعنى بعالم الطبّ . و مع ذلك يبقى العمل مقياساً لكل البحث العلمي . مكتب البحث للنزاهة العلمية أحصى من مائتيْ حالة سلوكاً سيئاً علمياً بين سنتيْ 2007م و 2017م ، إحدى و أربعين منهم لم نشروا إشعار التراجع ، على الرغم من صدور في حق 35منهم تقرير ، منذ عامين على الأقل . – التصرُّف من حيث الأسباب : على الباحثين ضغط مقدَّسٌ من أجل النشر قدْرَ المستطاع ، على حدّ قول “تنشر أو تهلك” . في سيراتهم الذاتية “عامل التأثير” الصحيفة مع المرتبة التي يحتلها في النشر ، و تفحص بكلّ دقة . توجد بفرنسا مؤسسة “نظام استجواب الإدارة و تحليل المنشورات العلمية” تخضع لحسابات هذه الشروط . الدكتور “ناتهان بيفير-سمادجا” و بمؤلف مشترك ، وهم يسلطون الضوْءَ على انعدام تدريب محدَّد للنزاهة العلمية ، خلال دراسة الطبّ .لا وجود لتدريب إجباري لطلبة الطبّ في بدايتهم لأولى نشراتهم العلمية.ا
التدريب الإجباري لا يوجد إلا للطلبة الذين هم بصدد اجتياز أطروحة في العلوم . لذا فالمؤلفون يوصون بإعداد تعليم النزاهة العلمية ، لمختلف الاحتيالات في دراسة الطبّ . في حالة الاحتيال اقترح عميد سابق لكلية الطبّ “إيلي كوكان” (ثلاثة نقط على الكاف الثاني)، يحثُّ فيه على التفكير عند ثبوته . و قد شارك هو في إعداد نصّ لموضوع “النزاهة العلمية” ، تمَّ اعتمادُهُ من لدن المجلس الإداري للوحدات الفرنكفونية . فلا وجود إطلاقاً لأي تدريب إجباري للنزاهة العلمية في دراسة الطبّ .
– مسار للتطوير من خلال تساؤل : لماذا لا نقيّم الباحثين أيضاً من خلال الجوْدة في أعمالهم ، عوَضَ عدد المنشورات التي يعلنون عنها ؟ و قد أوْصتْ الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن ذلك سنة 2011م . ها هي ذي منشورات لحلول من اقتراح أطباء شباب داخليين . من سخريات أهل الاحتيالات ، لشاهد إثبات على دفاعهم عن الدقة العلمية ضدّ المشعودين و المنتحيلين .
– و إذا كان لي أن أذكر شيئاً حول هذه الجائحة ، فإنَّ الصين تسعى إلى لقاح لها بأي ثمن رغم الفضائح التي شابتها . فالصين دأبتْ خيمتها لتقييم محاولات على الإنسان بصيغة عسكرية ، و بإجراءات استعجالية و في “مشوار أمامي” للقاح ضدَّ “كوفيد-19” .
يجب على المختبرات تجاوز الصورة المشوَّهة للعديد من الفضائح الصحية .وهي تسعى إلى تحصين السكان بأسرع وقت من أجل الحصول على اعتراف دولي . بيجين تعين الشركات و توَفرُ لهم سلالات فيروسية أو تمكينهم من إعانات مالية بمبالغ سرية . أسلوب أعطى أكله الآن ، و من بين عشرة لقاحات حالياً ، في المختبر السريري على البشر في العالم ، خمسة منهم صينيون . الأبحاث الاستعجالية قد تشكل تلك الخاصية بأكاديمية العلوم الطبية ، التي تتعاون مع الشركة الصيدلانية “كان سينو بيو” . المشروع يصاحبه إشعار و دعاية برئاسة لقسم الأبحاث ، الاختصاصية في الوبائيات الجنيرال “شين ويَيْ” ّذي الأربع و خمسين عاماً ، و التي تظهر على شاشة التلفاز بلباس عسكري و بشكل منتظم . بينما المتطوعون للتجارب المخبرية السريرية ، لديهم بالفعل دميتهم (التعويض) . حسب المنشور الطبي ل “لانسيت” و بعد ستة أشهر من ظهور جائحة “ووهان” ، النتائج الأولية لللقاحات مشجعة . و للعمل بشكل أسرع ، الصين ترخص بإجراءات استعجالية . و بالتالي يمكن للمختبرات أن ينتهوا إلى مراحل قبل السريرية بالموازاة . بينما يتمُّ ذلك عادة الأولى تلوَ الأخرى . هذا أسلوب من شأنه اصطكاك بعض الأسنان ! و قد تمَّ نقد ذلك من مدير مؤسسة الصيدلة “ديك شينيك” التابعة للجامعة المرموقة “تشين كوا” ب بيجين ، على هذه الطريقة الغير التقليدية . أفهم أنَّ الناس ينتظرون بفارغ الصبر لقاحاً ل “كوفيد-19” . لكن لا يمكن من وجهة النظر العلمية ، أنْ نرَخص لأنفسنا شروطاً يندى لها الجبين . حتى ولو في حالة الطوارئ . و ذلك مناشدة من يومية الشعب ، صحيفة الحزب الشيوعي . حسب “ديك شينك” ، مبادرة أخرى مشكوك فيها ، أنّ السلطات الصينية رخصتْ بمجموعة من الأذونات ل “المرحلة الأولى و المرحلة الثانية بما تسمح للباحثين ، تدريب المرحلتين دون التحقق من صحة الوسيط بينهما . يجب ترك التناطح في المنهج العلمي بل بالتنافس ، و العمل بالنزاهة العلمية ، وهي الأسلم ، و ترك التشبيه و التدليس . و اعتبار المصالح المادية تأتي في الدرجة الثانية بعد حياة الإنسان . منهج الصدق و الإخلاص و صفاء السريرة . فعظم الجزاء بعظم البلاء ..
عبد المجيد الإدريسي .